زيلينسكي يستميل ترامب... بـ"الفولاذ والنار"؟

فلنبدأ بالبديهيات.
الإعجاب المستجد للرئيس دونالد ترامب بأوكرانيا غير نهائي. وتحول الإعجاب إلى فتور، وحتى إلى عداوة، أمر ممكن دوماً.
مع ذلك، ما حصل حتى الآن لافت للنظر.
بدأ "تحول" الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال روسيا مع لقائه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. ثم تلاه منشوره على "تروث سوشل"، والذي وصف فيه روسيا بأنها "نمر من ورق" وأعرب فيه عن اعتقاده بأن أوكرانيا قادرة على استرجاع جميع أراضيها، وحتى احتلال أراض روسية. لم يصدر هذا الكلام حتى عن الرئيس السابق جو بايدن. ويبدو أن ذلك أكثر من مجرد كلام.
في وقت كانت الصحف الأميركية تشير إلى أن تبدل ترامب بلاغي لا سياسي، رجح موفده الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ أن يكون الرئيس الأميركي قد وافق على ضرب العمق الروسي، بينما قال نائب الرئيس جيه دي فانس إن ترامب يفكر بإرسال صواريخ "توماهوك" إلى كييف.
للتذكير أيضاً، كان كيلوغ المؤيد لأوكرانيا قد حُيّد بشكل كبير عن صناعة القرار في آذار/مارس الماضي بحسب بعض التقارير. ربما عاد كيلوغ إلى كسب ثقة الرئيس إذا صح تقرير "وول ستريت جورنال". لكن هذا التطور لا يكفي لشرح "انقلاب" ترامب.
"النار والفولاذ" و"رجل الاستعراض"
للصحافي مايكل ويس نظرة تتوافق تقريباً مع سجل ترامب في بعض السياسات: "عبر النار والفولاذ هو الكيفية التي يحاول زيلينسكي بها كسب ترامب إلى جانبه"، أكان من خلال فرض عقوباته (ضرباته) الخاصة على القطاع النفطي الروسي، أو عبر هجمات جريئة كما كانت الحال مع "شبكة العنكبوت". ويطرح ويس سؤالاً عن ترامب الذي "يقدّر" الإرادة الصلبة واستعراض القوة: إذا كان صحيحاً أن أوكرانيا تعدّ لهجوم جديد على روسيا، فهل يتنازل عن الفضل لزيلينسكي، أم سيرغب بما هو أكبر من مجرد تغريدة لجذب اهتمام بوتين؟
تستحق هذه القراءة اهتماماً لأكثر من سبب. يدرك زيلينسكي الآتي من عالم التمثيل أهمية المؤثرات البصرية بالنسبة إلى الرئيس الأميركي. ليس تغييره للباسه خلال القمة الأخيرة في البيت الأبيض سوى جزء بسيط من القصة.
لمراسل مجلة "تايم" ومؤلف كتاب "رجل الاستعراض: من داخل الغزو الذي هزّ العالم وجعل فولوديمير زيلينسكي قائداً" سايمون شوستر سردية لافتة عن أهمية العروض لدى الرئيس الأوكراني في استراتيجية الحرب. في صيف 2022، وبينما أراد القائد السابق للجيش الأوكراني فاليري زالوجني الاندفاع الممنهج نحو الجنوب، فضل زيلينسكي الهجوم نحو الشمال (خاركيف) كي يظهر للغرب أن أسلحته فعالة. أضاف شوستر: "لقد أراد أن يُظهر ذلك من خلال نصر توضيحي". وكان الأمر نفسه قد حدث في ربيع 2022 مع إصرار زيلينسكي على تحرير جزيرة الثعبان، بعكس رؤية زالوجني. في الحالتين، انتصر الرئيس على جنراله.
عن المرحلة المقبلة
ربما أعجبت المسيّرات الجوية والبحرية التي تضرب أهدافاً روسية متتالية الرئيس الأميركي. تضاف إلى ذلك مؤشرات اقتصادية سلبية بدأت تعاني منها روسيا مؤخراً. في نهاية المطاف، ربما تبدلت صورة "الأمة المقاتلة" التي كان يتخيلها ترامب عن روسيا.
خلال الأسبوع الماضي، ساد اعتقاد بأن ترامب لن يضغط على روسيا، لكنه بالمقابل سيكف عن الضغط على أوكرانيا. في الساعات القليلة الماضية، يبدو أن الرئيس الأميركي رفع، أو يتجه إلى رفع سقف الرهان.
السؤال الجوهري الآن هو إلى متى.