ماذا لو كان الوقت حليف أوكرانيا؟
كان قراراً مخالفاً للتوقعات والتوصيات.
أوكرانيا تسمح للشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً بالسفر. ألا تحتاج البلاد إلى هؤلاء الشباب على الجبهات؟
يمكن الحصول على جواب أولي من أحد أبرز المتشددين القوميين في روسيا: إيغور غيركين.
"لو كان العدو (أوكرانيا) فعلاً على شفير الهزيمة والدمار، لكان سيتمسك بالشباب في عمر 16 عاماً... ليرسلهم إلى المعركة... لكنهم لا يحتاجون حتى إلى تجنيد من هم في الثانية والعشرين من العمر. هذا إنجاز كبير" لكييف.
دخل غيركين السجن بسبب انتقاده طريقة الحرب الروسية، بعدما كان أحد مهندسي الغزو الأساسي لأوكرانيا سنة 2014. لكن ذلك لا يغير من رسالة القرار الأوكراني: التحذيرات التي تقول إن الوقت يقف إلى جانب روسيا – على اعتبار أن عدد سكانها المؤهلين للقتال أكبر بأربع مرات تقريباً من عدد سكان أوكرانيا – قد تواجه النتيجة نفسها التي اصطدمت بها توقعات انهيار كييف في أيام.
نسب الاستنزاف
لا يزال الجيش الروسي عاجزاً عن تحقيق اختراق كبير على طول الجبهة، حتى في دونيتسك المحورية بالنسبة إلى أهدافه. وكل التقدم الذي تحقق حتى الآن لا يوازي التكاليف البشرية التي بُذلت لأجله. بوكروفسك التي غالباً ما دق المحللون ناقوس خطر سقوطها "قريباً"، بدءاً من السنة الماضية، لا تزال صامدة. صحيح أنها قد تسقط بحلول نهاية هذه السنة، غير أن فائدة المدينة في استنزاف الروس تجاوزت المتوقع بحسب "معهد دراسة الحرب".
يبيّن التقدم البطيء للقوات الروسية، ولو بشكل نظري، أن أوكرانيا استطاعت التعويض عن ضعفها البشري أمام روسيا. أحد تفسيرات تعثر الجيش الروسي هو أن موسكو تتكبد ما لا يقل عن ثلاثة أمثال ما تتكبده أوكرانيا على مستوى الخسائر البشرية.

تشير بعض أرقام "واشنطن بوست" إلى أن روسيا تتكبد بين 5 و12 خسائر بشرية أحياناً مقابل كل خسارة أوكرانية. تحتاج أوكرانيا إلى استدامة نسبة 1 إلى 4 خسائر للبدء بالتغلب على الجيش الروسي. لكن حتى مع نسبة خسائر أقل بقليل، بإمكان أوكرانيا الانتظار الآن.
أرقام أخرى
مستقبل الاقتصاد الروسي يبدو غير مبشّر: مبيعات السيارات الجديدة انخفضت بنسبة الثلث عن العام الماضي، وطلبات الشركات الروسية من الموردين هي الأدنى منذ 2022، ووتيرة عدم دفع القروض بلغت 32 في المئة في ثاني أكبر مصرف روسي. كما يتلقى قطاع الطاقة ضغوطاً متزايدة. حتى مع افتراض عدم زيادة العقوبات الغربية على روسيا، ولا يزال في جعبة الأوروبيين الكثير، تفقد روسيا أوراقها تدريجياً.
ويبدو أن إمكاناتها التصنيعية غير قادرة على التعويض عن خسائرها في الدبابات والمدرعات، كما أن تفوقها الناري على مستوى القذائف المدفعية انخفض من 5 إلى واحد، حتى بلغ 1.5 إلى واحد بدءاً من أواخر 2024.
النقطة الإيجابية شبه الوحيدة لروسيا مؤخراً هي أنها تمكنت في الأشهر الأربعة الأخيرة من خفض خسائرها البشرية إلى نحو 68 مقابل كل كيلومتر مربع تحتله، بعدما كانت 99 في أول أربعة أشهر من السنة.
ثمة حاجة إلى الوقت لمعرفة ما إذا كان الجيش الروسي قد حقق خرقاً مستداماً أم موقتاً في هذه الأرقام. لكن الصورة الكبرى تعاند، إلى الآن، فكرة أن الوقت حليف روسيا حكماً.
نبض