سيف العناصر النادرة... سخونة الحرب تلفح أميركا

سيف العناصر النادرة... سخونة الحرب تلفح أميركا

الصين تستل سيفها التجاري الأكبر. أين درع أميركا؟
سيف العناصر النادرة... سخونة الحرب تلفح أميركا
صورة من الأرشيف للرئيسين شي جينبينغ ودونالد ترامب (أ ب)
Smaller Bigger

حين يتجاهل المرء الطلقات التحذيرية، غالباً ما يكون ذلك على حسابه الخاص.

 

في خريف سنة 2010، قيّدت الصين إمداد اليابان بالعناصر الأرضية النادرة بعدما اصطدمت سفينتان يابانيتان من خفر السواحل بقارب صيد صيني بالقرب من جزر متنازع عليها. دامت القيود نحو شهرين.

 

مباشرة بعد التحرك الصيني، وضعت اليابان خطة لخفض نسبة اعتمادها على العناصر الأرضية النادرة الواردة من الصين. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، انخفضت تلك الواردات من 90 إلى 60 في المئة. بالمقابل، كان حليف اليابان وضامن أمنها، الولايات المتحدة، أقل استعداداً.

 

تهيمن الصين على نحو 70 في المئة من العناصر الأرضية النادرة وعلى نحو 90 في المئة من عمليات التكرير. كذلك، هي تسيطر على نحو 98 في المئة من صناعة المغناطيسات. بعبارة أخرى، تهيمن الصين على كامل سلسلة التوريد لهذه العناصر وعددها 17. وهذا من دون الحديث عن إمكانية وصول الصين إلى احتياطات عالمية أخرى بفضل "مبادرة الحزام والطريق". للأسباب المذكورة وغيرها، يصعب على أميركا إضعاف قبضة بكين على هذه الثروة.

 

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، شددت الصين فرض الضوابط على تصدير تقنيات وعناصر المعادن النادرة. وأضافت خمسة عناصر جديدة على لائحة الضوابط مشيرة إلى قواعد امتثال ستُفرض على منتجي المعادن الأرضية النادرة من الأجانب والذين يستخدمون مواد صينية في صناعاتهم. وبحسب "وول ستريت جورنال"، فوجئت الإدارة الأميركية بالخطوة الصينية.

 

مشاكل أميركية... بالجملة

تدخل المعادن الأرضية النادرة في جميع الصناعات المتقدمة، أكانت خضراء أم تكنولوجية أم عسكرية. وقال مايكل سيلفر، الرئيس التنفيذي لشركة "عناصر أميركية"، إن الولايات المتحدة تملك ما يكفي من العناصر النادرة لتطبيقاتها العسكرية، بخلاف تلك المرتبطة بتصنيع السيارات الكهربائية والكثير من التكنولوجيا التجارية.

 

مع ذلك، إذا أرادت أميركا استخراج هذه العناصر بالوتيرة السنوية نفسها التي تطبع الصناعة الصينية فستستنزف احتياطاتها في أقل من عقد بحسب "سي بي سي". سينعكس ذلك سلباً على صناعتها العسكرية. وفي أيلول الماضي، انخفضت الصادرات الصينية من هذه العناصر نحو 6.1 في المئة عن آب/أغسطس، مما يعني أن الصين تستغل أوراقها فعلاً.

 

ما يفاقم المشكلة الأميركية أنها تأتي وسط قطع واشنطن التمويل الفيدرالي عن بعض الجامعات ومراكز الأبحاث بسبب برامج "التنوع والمساواة والإدماج"، حيث يشدد مراقبون على أن ميزة الولايات المتحدة لا تكمن في التعدين أو المعالجة بل في الابتكار.

 

عن رد الفعل

وقعت الولايات المتحدة مع أستراليا يوم الاثنين اتفاقاً قضى بتخصيص البلدين 3 مليارات دولار للمشاريع ذات الصلة. وقال البيت الأبيض إن الصفقة ستشمل الوصول إلى عناصر أرضية تبلغ قيمتها نحو 53 مليار دولار، فيما أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه في غضون عام ستملك الصناعات "الكثير من المعادن الحيوية والأتربة النادرة التي لن تعرفوا ماذا ستفعلون بها".

 

ترامب وشي (أرشيف أ ب)
ترامب وشي (أرشيف أ ب)

 

لكن ترامب هو ترامب. بمعنى آخر، من المرجح أن تكون هذه التوقعات مبالغاً بها. بالحد الأدنى، ثمة تشكيك بالجدول الزمني، بحسب ما قاله صناعيون لـ "رويترز". إنما على الأقل، لم يعد هناك تشكيك بصفقة الغواصات النووية مع واشنطن، بل إنها ستخضع للتسريع بحسب الرئيس الأميركي.

 

ورداً على الاتفاق، قال ناطق باسم وزارة خارجية الصين إن على الدول الغنية بالمعادن النادرة "أن تؤدي دوراً مبادراً في حماية أمن واستقرار سلاسل التصنيع والإمداد".

 

آثار عكسية؟

ربما ستواجه الصين مشكلتها الخاصة في استغلال احتكارها لهذه الصناعة، بحسب الكاتب تيم وارتسول: "يمكنك استدامة احتكار معرض للمنافسة فقط في حال لم تقم باستغلاله. بمجرد أن تتسبب تكاليف استغلالك بإزعاج الناس، سيبدأ التنافس".

 

يعتقد وارتسول أن واشنطن قادرة على كسر الاحتكار، ولو بشيء من الصعوبة، موضحاً في مجلة "ذا كريتيك" أن الدول الغربية تنازلت عن هذه الصناعة، لأنها قبلت بدفع كلفة منخفضة لقاء تولي الصين زمام المبادرة. أما وأن بكين تريد رفع الكلفة مجدداً عبر إعادة تغيير خريطة طريق الصناعة الغربية من خلال معرفة هوية البائع وماذا يبيع وبأي كمية ولأي غاية، فهذا سيخلط الأوراق.


حتى ولو كان ما يقوله وارتسول صحيحاً، واللافت هنا أن واشنطن "المتقلبة" نفسها بدأت تتحدث عن تحالف ناشئ مع الحلفاء لمواجهة الصين، يبقى أن الأخيرة تملك التفوق على المدى القريب. كذلك، يحتاج التنافس إلى رئيس أميركي يملك رؤية والتزاماً بعيدي المدى.

 

من أوروبا إلى شرق آسيا، هذا هو التمني، لا التوقع.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/21/2025 6:00:00 AM
الحرب انتهت، لكنها جولة ضمن الصراع الأكبر، وعدم إيجاد حلول للصراع سيعني عودة الحرب!
المشرق-العربي 10/20/2025 10:41:00 PM
 سرية تُعرف باسم "إمبراطورية مصاصي الدماء" قتلت الطفلة هند رجب 
المشرق-العربي 10/21/2025 12:47:00 PM
في خطوة من شأنها إعادة تشكيل القطاع المصرفي المتضرر في البلاد.
تحقيقات 10/21/2025 2:10:00 PM
ما هي أبرز التحديات التي تواجه عمليات البحث عن الجثث والمفقودين في غزة؟