الصحة النفسية بكلفة أقل: ترددات صوتية دقيقة تعالج القلق وتعيد الهدوء للعقل

في خضم القلق المتصاعد وضوضاء العقول التي لا تهدأ، والعيش في زمن تكنولوجيا القلق، يطلّ أسلوب جديد تحت اسم "إعادة ضبط التوتر" عبر ترددات صوتية دقيقة، ليشكّل محور نقاش علمي واسع، بعدما أُشير إليه في بودكاست Huberman Lab وتبنّته مؤسسات أميركية عريقة مثل جامعة "ييل".
ولفهم أبعاده، كان لكل من الدكتور ماكس رينر، عالم الأعصاب المتخصّص في التعافي العصبي، والدكتورة ليلا هارتمان، الأخصائية النفسية السريرية المعروفة بعملها في مجال التوتر، حديث على موقع Health Insider، وفي ما يلي نشارككم أبرز ما جاء على لسانهما.
وباء القلق وكلفة العلاج
يقول الدكتور رينر إنّ "الضوضاء الذهنية والقلق بلغا مستويات وبائية في الولايات المتحدة، إذ ارتفعت المعدلات إلى أضعاف ما كانت عليه قبل ثلاثة عقود، فيما ينفق الأميركي العادي نحو 1080 دولاراً سنوياً على الصحة النفسية".
أما الدكتورة هارتمان فتضيف بمرارة: "الأسوأ أنّ الناس ينهارون نفسياً ويغرقون في الديون لمجرّد الحصول على جلسة علاج نفسي".
الأساس العلمي: الدماغ إذا اختلّ إيقاعه لا يهدأ
يتفق الخبيران على ثلاث حقائق علمية تفسّر الظاهرة:
- الجهاز العصبي يعمل وفق ترددات كهربائية محددة، تشبه محطات الإذاعة وترتبط بكل شعور وحالة ذهنية.
- الضغوط اليومية والمحفزات المتكرّرة، من تنبيهات الهاتف إلى تمرير وسائل التواصل، تعطل هذا الإيقاع الطبيعي، ما يترك الدماغ في حالة استنفار دائم.
- الأدوية والتمارين والعلاجات الكلامية لا تصلح الخلل، لأن المشكلة تكمن في الترددات ذاتها، ولا يُعاد توازنها إلا بوسيلة إيقاعية.
العلاج الصوتي: نبضات ثنائية تحدث الفرق
هنا يبرز دور النبضات الثنائية (Binaural Beats)، وهي تقنية تُشغَّل فيها ترددات مختلفة في كل أذن. ويشرح رينر : "أثبتت الأبحاث أنّ لهذه التقنية أثراً مهدئاً ثابتاً، إذ خفّضت درجات القلق بنسبة تقارب 30% في دراسات مضبوطة".
ومن جهتها، تؤكد هارتمان أنّها استخدمت هذه الترددات بعد مؤتمر علم الأعصاب في برلين عام 2025، حيث قدّم باحثون من جامعتي كولومبيا وييل نتائجهم. وتضيف: "النتائج فاقت توقعاتي. أشخاص لم يستجيبوا لأي أسلوب سابق لاحظوا تحوّلاً حقيقياً خلال أقل من سبع دقائق". علماً أنّه تم تسجيل مؤخراً أكثر من مليار حالة اضطراب نفسي في العالم.
ما بين منصات متخصّصة ويوتيوب
لكن هارتمان تحذّر من الاعتماد على يوتيوب وسبوتيفاي، إذ تقول: "المقاطع هناك مضغوطة ومشوّهة، ما يفقدها الدقة المطلوبة. كثيرون يضيفون الموسيقى أو الصوت فوقها فتصبح مجرد مقاطع عادية".
في المقابل، تضمن المنصات المتخصّصة دقة الترددات والتزامن الزمني، ما يجعلها أكثر موثوقية.
من الجامعات إلى التطبيقات
وقد أرست جامعات كولومبيا وييل الأساس العلمي الذي تبنّته منصات حديثة مثل InnerFlo، والتي طوّرت بروتوكولات شخصية تعتمد على اختبار قصير يحدد نمط التوتر الفردي للمستخدم.
لا تتجاوز الجلسات 30 دقيقة، ويمكن تشغيلها على أي جهاز متصل بالإنترنت.
نتائج ملموسة وعرض حصري
البيانات المنشورة تكشف أنّ:
- 97 % شعروا باسترخاء فوري للجهاز العصبي
- 84 % لاحظوا أفكاراً أكثر هدوءاً خلال 15 دقيقة
- 91 % أفادوا بانخفاض القلق بشكل طويل الأمد بعد الاستخدام المنتظم