انتشر الخبر كالنار في الهشيم. "إسرائيل تعرض عقارات في جنوب لبنان للبيع وتنشر خريطتها"، وفقا لما نشرت مواقع اخبارية ووكالات انباء لبنانية خلال الساعات الماضية، بينما ضجّ العنوان في وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هذه الادعاءات خاطئة، لأن الموضوع برمته قديم. فالخريطة التي يتم تداولها نشرتها حركة "أوري تسافون" الاسرائيلية الاستيطانية في 23 ايلول 2024، بالتزامن مع إعلانات تشجع على الاستيطان في جنوب لبنان. ولم نعثر على جديد بهذا الشأن. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

العنوان حقّق انتشارا كبيرا خلال الساعات الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، وشكّل "الخبر العاجل" لمواقع اخبارية لبنانية، مخلّفاً وقعا واسعا، والتفاعل على أوجه. "ابتداء من 80 الف دولار... إسرائيل تعرض أراضي للبيع في جنوب لبنان وتنشر خريطتها"، وفقا لما كُتب. 

وجاء في الخبر: "عرضت حركة استيطانية إسرائيلية تحمل اسم أوري تسافون أراضي وعقارات في جنوب لبنان للبيع، داعية المستثمرين إلى التوجه شمالاً. ونشرت الحركة خريطة تضم بلدات جنوبية في منطقة جنوب الليطاني، وأطلقت عليها أسماء عبرية، مع أسعار تبدأ من 300 ألف شيكل (نحو 80 ألف دولار) للقطعة الواحدة، ووصفت الأراضي بأنها مستقبل مستوطنات جديدة. وتمتد الخريطة من مصب نهر الليطاني في البحر المتوسط شمالًا، حتى كفركلا، وتشمل بلدات البقاع الغربي وحاصبيا ومزارع شبعا، إضافة إلى أربع مدن رئيسية هي صور وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا".

الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)

الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (موقع الكتروني)

حقيقة الأمر 

ولكن ما يتم تداوله انه "اعلان اسرائيلي حديث" و"خريطة عبرية مستحدثة"، خاطئ. 

فالبحث العكسي يضع أمامنا صورة الخريطة منشورة في موقع حركة أوري تسافون uri tsafon في 23 ايلول 2024 (نسخة مؤرشفة لها)، بما يدل على انها ليست حديثة، كما يتم زعمه.

الخريطة منشورة في موقع حركة أوري تسافون في 23 ايلول 2024

الخريطة منشورة في حساب الصحافي الاسرائيلي أرنون سيغال في اكس في 23 تشرين ايلول 2024

وكتبت الحركة بالاصفر على خريطتها: الأسماء العبرية الجديدة للمستوطنات في جنوب لبنان.

وتبيّن نسخة مؤرشفة لموقعها انها نشرت اعلانات في 29 ايلول 2024، تشجع على استيطان عقارات في جنوب لبنان، وأرفقتها بصور لشقق واسعة وسط تلال. 

لقطة لنسخة مؤرشفة لموقع الحركة، تظهر اعلانا نشره في 29 ايلول 2024 لتشجيع الاستملاك في جنوب لبنان

في الحقيقة، شكّلت هذه الاعلانات مادة لتقارير نشرتها يومذاك مواقع اخبارية، بينها "النهار"،  التي كتبت ان "إسرائيليين يعرضون منازل للبيع في جنوب لبنان". وأوردت أن "منشورات انتشرت عبر مواقع إسرائيلية تعرض على كل من يرغب حجز منزل له في جنوب لبنان، وذلك "بعد احتلال إسرائيل وبناء المستوطنات. وقد تم إنشاء وكالة عقارية للغاية".

وذكرت أن "الموقع الإلكتروني لحركة الاستيطان في جنوب لبنان أوري تسافون عرض صورا لشقق واسعة يغمرها الضوء وتطل على الجبال، مع عروض تبدأ من 300 ألف شيكل (80 ألف دولار)".

واشارت الى ان "هذه المنشورات أثارت تخوفاً لدى الرأي العام اللبناني مما ينتظرهم أو يحضر له الإسرائيليون في المستقبل من خطط توسعية لضم أراض في الجنوب إلى إسرائيل". 

لقطة لتقرير النهار المنشور في 1 تشرين الاول 2024

والى جانب ان الخريطة قديمة، لم نستطع العثور على دليل يدعم ان حركة أوري تسافون نشرت اعلانات حديثة لبيع أراض وعقارات في جنوب لبنان، كما يتم زعمه. 

وبيّن البحث في موقع الحركة وحسابها في اكس، وصفحتها "جلود الشمال، حركة الاستيطان في الجنوب اللبناني"، عدم وجود اعلانات حديثة بهذا الشأن. 

في المقابل، وجدنا دعوة وجهتها الحركة للمشاركة في "جولة لها على الحدود الشمالية"، اليوم الخميس 13 تشرين الثاني 2025.  

الدعوة التي وجهتها الحركة (اكس)

اطماع استيطانية 

وتعلن حركة "أوري تسافون" أطماعها بالجنوب اللبناني علناً وصراحة، ونظمت تحركات استيطانية.   

في 18 كانون الأول 2024، ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن عشرات من المستوطنين دخلوا جنوب لبنان، على ما نقلت وكالة "الاناضول" التركية. 

وقالت إن "أوري تسافون" حاولت إقامة مستوطنة في مارون الراس، ونصب خيام وزراعة أشجار أرز ووضع أحجار في زاوية تذكارية، تخليدا لذكرى الجندي يهودا درور يهلوم، الذي قُتل في معارك جنوب لبنان في تشرين الأول.

وخلال حديث مع عناصر من الجيش الإسرائيلي، وفقا للصحيفة، قال ناشطون إنهم وصلوا الى لبنان لوضع حجر أساس مستوطنة مي ماروم. وزعموا أن مارون الراس كانت تسمى مي ماروم في الماضي، وكانت أرضا عبرية قديمة عاش فيها كهنة، و"سنعود إلى كل الأماكن التي عاش فيها اليهود بلبنان"، على قولهم.

قوات إسرائيلية تخرج مستوطنين عبروا إلى جنوب لبنان

وكانت الحركة نشرت في 5 كانون الأول 2024 صورًا تُظهر ست عائلات من المستوطنين أثناء نصبهم خيامًا وزراعة أشجار في مارون الراس، وبجوارهم جنود اسرائيليون. وعلّقت الحركة: "وصلت ست عائلات من حركة الاستيطان في جنوب لبنان للاستقرار في لبنان".

واضافة الى ذلك، شهدت الحدود اللبنانية تجاوزات أخرى. في 18 شباط 2025، اجتاز الحريديم الحدود اللبنانية، وقام بعضهم بإلقاء الحجارة على قوات الجيش الإسرائيلي، التي وصلت لإعادتهم، واعتقلت 4 منهم، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وصباح 7 آذار 2025، دخلت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين قبر "العباد" الواقع ضمن الأراضي اللبنانية في أطراف بلدة حولا في جنوب لبنان، تحت غطاء "زيارة دينية" نظمتها القوات الإسرائيلية.

وقال الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية إن مجموعة من المستوطنين دخلوا قبر العباد الواقع ضمن الأراضي اللبنانية في أطراف بلدة حولا الجنوبية صباح الجمعة (7 آذار 2025)، تحت غطاء زيارة دينية نظمتها القوات الإسرائيلية إلى الموقع الذي يدعي الصهاينة أنه تابع للحاخام آشي... وكانت أعلنت إسرائيل عن الجولة أمس (الخميس).

واستقت أوري تسافون اسمها من آية توراتية تعني حرفياً "استيقظ يا شمال". ويتضمن شعارها شجرة الأرز اللبنانية داخل نجمة داود السداسية، وتحتها عنوان "حركة الاستيطان في جنوب لبنان باسم يسرائيل سوكول".

تأسست في أواخر آذار 2024 بهدف الترويج لاستراتيجية تتجاوز مجرد الدعوة إلى الحرب وإعادة الاحتلال، لتشمل أيضًا إنشاء مستوطنات إسرائيلية في جنوب لبنان. وتتبنى المنظمة، التي تمكنت من حشد آلاف المؤيدين، رؤية تعتبر استيطان لبنان ضرورة استراتيجية وعملية، وفقا لتقارير عنها. 

وتكتب على موقعها إنه "لمواجهة الشر الإيراني، ومن أجل استقرار إسرائيل لأجيال، يجب أن ينتمي لبنان إلى إسرائيل الدولة وإسرائيل الشعب". وتقول إنها تأسست لتحقيق حلم يسرائيل سوكول، وهو جندي قُتل خلال معارك بقطاع غزة، في كانون الثاني 2024.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان "إسرائيل عرضت أخيراً عقارات في جنوب لبنان للبيع ونشرت خريطتها". في الواقع، الخريطة المتداولة قديمة، اذ نشرتها حركة أوري تسافون الاسرائيلية الاستيطانية في 23 ايلول 2024، بالتزامن مع إعلانات شجعت على الاستيطان في جنوب لبنان. ولم نعثر على جديد بهذا الشأن.