محطات في حياة بريجيت باردو: سينما وإغراء ثم انسحاب
لا يمكن اختزال بريجيت باردو بصورة النجمة السينمائية التي عبرت خمسينيات وستينيات القرن الماضي، إذ شكّلت ظاهرة ثقافية أعادت تعريف الجسد، والأنوثة، والتمرّد في فرنسا ما بعد الحرب. من شاشة السينما إلى ساحات الدفاع عن الحيوان، ومن وهج الشهرة العالمية إلى العزلة المختارة، كانت حياتها سلسلة انعطافات الحادة، ولم يكن الاستقرار يوماً خيارها المفضّل.
في أقلّ من عقدين، صنعت باردو، التي رحلت اليوم عن 91 عاماً، مسيرة سينمائية كثيفة ومؤثّرة، تعاونت خلالها مع أبرز مخرجي فرنسا، ووقّعت أدواراً باتت علامات فارقة في تاريخ السينما الأوروبية. شكّلت أفلامها لحظات ثقافية عكست تحوّلات مجتمعٍ بأكمله، قبل أن تختار، في ذروة حضورها، الانسحاب النهائي والتفرّغ نحو رعاية الحيوانات والدفاع عنها.

شكّلت أفلام باردو مساراً متعرّجاً بين الصدمة الثقافية، والاعتراف الفني، والتناقض الدائم بين الصورة العامة والتجربة الشخصية. مع "…وخلق الله المرأة" (1956)، فجّرت صورتها في المخيال الجماعي بوصفها امرأة متحرّرة من القيود الأخلاقية، تجسّد أنوثة غير معتذرة. ورغم استقبال نقدي فاتر في فرنسا وعداء المحافظين، حقق الفيلم نجاحاً مدوّياً في الولايات المتحدة، مطلقاً ظاهرة "باردومانيا" ومحولاً باردو، في الثانية والعشرين، إلى رمز إغراء عالمي.
لم تعرف باردو التقاعد بالمعنى التقليدي. حين انسحبت من السينما عام 1973 في ذروة مجدها، أسدلت ستارة الشهرة قليلاً وفتحت باباً آخر، أكثر قسوة وأشدّ وقعاً. خرجت من الضوء لا هرباً منه، بل لتعيد توجيهه نحو كائنات تتألّم بلا صوت، الحيوانات. وعام 1986، أسست مؤسستها، وقدّمت لها كلّ شيء: اسمها، وقتها، وأموالها. انطلقت من غرفة صغيرة في بيتها في سان تروبيه، ثم تمدّدت إلى باريس، لتخوض معارك شرسة ضدّ الصيد، والتجارب المخبرية، والفخاخ، وحدائق الدلافين، ومصارعة الثيران.

رسمت باردو سيرة استثنائية تتقاطع فيها السينما، والسياسة، والنضال. وفي الآتي، أبرز المحطات التي صنعت أسطورة الشاشة الفرنسية، بكل تناقضاتها وتحولاتها:
- 28 أيلول/سبتمبر 1934: وُلدت في باريس.
- 1956: أثارت ضجة كبيرة بدورها كفتاة فاتنة في الثامنة عشرة من عمرها تعيش قصة علاقة حب ثلاثية في فيلم "وخلق الله المرأة" (Et Dieu… créa la femme) من إخراج زوجها آنذاك روجيه فاديم.
- 1958: اشترت دارتها الشهيرة "لا مادراغ" في سان تروبيه على الريفييرا الفرنسية حيث أمضت معظم حياتها.
- 1959: تزوجت من الممثل جاك شاريه وأنجبت منه ابناً.

- 1962: سجلت أول أغنية منفردة لها بعنوان "سيدوني" (Sidonie).
- 1963: أدّت دور البطولة في فيلم "الازدراء" (Le Mépris) للمخرج جان لوك غودار، والذي نال استحسان النقاد.
- 1967: تزوجت من الملياردير الألماني غونتر زاكس. كما التقت في العام نفسه بالموسيقي الفرنسي الشهير سيرج غينسبور الذي كتب أشهر أغانيها.
- 1973: اعتزلت السينما لتتفرغ لحماية الحيوانات، بعد مشاهدة فيلم وثائقي عن صيد الفقمة.
- 1986: أنشأت مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات.

- 1992: تزوجت من الصناعي برنار دورمال، صديق ومستشار جان ماري لوبن، زعيم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا.
- 1996 و1999: نشرت مذكراتها في مجلدين حققا نجاحاً كبيراً.
- 2012: دعمت مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية الجديدة، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
- 2018: وقّعت رسالة مفتوحة تهاجم حركة "مي تو" المناهضة للتحرش الجنسي.
نبض