فعلتها تايلور سويفت مجدداً؛ هذه المرّة بطريقة مختلفة. بـ89 دقيقة فقط من عروض الفيديو الموسيقية، ولقطات من خلف الكواليس، ومقاطع كلمات الأغاني المرتبطة بألبومها الجديد "حياة فتاة الاستعراض" (The Life of a Showgirl)، حوّلت المغنّية الأميركية تجربة جماهيرية تجريبية استمرت ثلاثة أيام إلى حدث شباك تذاكر تصدّر القوائم.

أتبعت سويفت نجاح ألبومها الثاني عشر فور طرحه الجمعة، بتحقيق فيلمها "الاحتفال الرسمي بإصدار فتاة استعراض" (ذي أوفيشل ريليس بارتي أوف إيه شوغيرل/The Official Release Party of a Showgirl) إيرادات محلية تُقدَّر بـ 33 مليون دولار وعالمية بـ 46 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع، رغم الإعلان عنه قبل أسبوعين فقط وعرضه بشكل محدود خلال "ويك-إند" واحد.

تايلور سويفت “فتاة الاستعراض“. (إنستغرام)

نتكّلم هنا عن إنجاز لافت لإصدار غير تقليدي، وتذكير واضح - بعد فيلم جولة "إيراس" (Eras Tour) الذي حطم الأرقام القياسية عام 2023 - بأنّ سويفت قادرة على تحريك شباك التذاكر متى شاءت... تقريباً. وقد رأى المحلل في شركة "فرنشايز إنترتينمنت ريسيرتش" ديفيد أ. غروس أنّ "ما مِن فنان موسيقي آخر في العالم يستطيع تحقيق إنجاز كهذا"، مرجّحاً أن "الفيلم كان يمكن أن يضاعف إيراداته في شباك التذاكر لو استمر عرضه في دور السينما، لكنّ الأمر انتهى".

لمسة ثقافية مختلفة
يُشير مصطلح "تأثير سويفت" (Swift Effect)، وهو أحد المفاهيم المستحدثة في المشهدين الثقافي والإعلامي، إلى الظاهرة الاقتصادية والثقافية والإعلامية التي ترافق أي مشروع جديد تُطلقه تايلور سويفت - سواء كان ألبوماً، جولة غنائية، فيلماً، أو حتى ظهوراً إعلامياً - والتي تؤدي إلى تحريك جماهيري وسوقي غير عادي يتجاوز المجال الموسيقي التقليدي.

اقرأ أيضاً: الحب، الشهرة، والإشارات الأدبية: ألبوم سويفت الجديد يكشف كل شيء

هذه المرة، جاء "تأثير سويفت" بلمسة ثقافية. فبدلاً من بيع جولة فنية، يروّج الفيلم لعملية الإنتاج نفسها، ومسيرة تأليف الأغنيات الاثني عشرة في ألبومها، تُختتم بالعرض الأول للنسخة المصوّرة من الأغنية الأولى في الألبوم "قَدَر أوفيليا" (Fate of Ophelia).

ورغم تحفّظ النقاد، فقد أبدوا اهتماماً واضحاً بـ"شوغيرل" الذي عرضته من الجمعة إلى الأحد دور سينما في أكثر من 50 دولة، ووصفت مجلة "فارايتي" العرض بأنه، "في آنٍ واحد، احتفال نابض بفن سويفت، وأداة ترويجية تكشف جوانب من الألبوم قد لا تصمد جيداً مع مرور الوقت"، وهي عبارة تلخّص منطق المشروع القائم على المزج بين الفن والتسويق.

إعلان فيلم تايلور سويفت. (إنستغرام)

تباينات في شباك التذاكر
في المقابل، شهد فيلم المصارعة "آلة السحق" (The Smashing Machine)، وهو من إنتاج A24 ويمثّل منعطفاً "رصيناً" في مسيرة دواين جونسون ويخرجه بيني سافدي، افتتاحاً ضعيفاً بإيرادات بلغت 6 ملايين دولار فقط، رغم الإشادات الحارة بأدائه لدور المصارع مارك كير في مهرجان البندقية السينمائي وغيره.

اقرأ أيضاً: ملكة الأرقام القياسية تايلور سويفت... رقم صعب في الانتخابات الأميركية

أما فيلم "معركة تلو أخرى" (One Battle After Another) لبول توماس أندرسون، والذي أصبح بالفعل أنجح أفلامه من حيث الإيرادات، فأضاف نحو 11.1 مليون دولار محتلاً المركز الثاني، وتجاوز عتبة 100 مليون إلى 107 ملايين دولار عالمياً، مواصلاً أداءً قوياً يجمع بين اهتمام عشاق السينما الفضوليين والجمهور العريض.

قصة حياة تايلور سويفت في ألبومها الجديد. (إنستغرام)

لماذا ضجّة "شوغيرل"؟
تُكرّس سويفت من خلال إطلاق ألبومها سينمائياً نموذجاً كانت قد أرسته في جولة "إيراس": تحويل قاعات العرض إلى حفلات استماع جماعية، بدلاً من مجرد نوافذ عرض تقليدية. وقد أتيحت للجمهور فرصة الرقص في الصالات. النموذج يعتمد على ندرة الحدث (عطلة نهاية أسبوع واحدة فقط)، وطقوس المعجبين، والتحكّم بالمنصة (شراكات مباشرة مع شبكات العرض الكبرى) لخلق ما يُشبه "الإغراق الإعلاني المكثّف".

وفي المقابل، يوضح فيلم "آلة السحق" أنّ الأعمال الدرامية الجادة ذات الطموح الجوائزي لا بد من أن تتنفّس بعيداً من هيمنة الظواهر الثقافية الكبرى كي تزدهر؛ فاستمراريته ستتحدَّد بناءً على التقدير النقدي لا على إيرادات الافتتاح.