سفير كوريا الجنوبية غيوسك جون لـ"النهار": الهاليو تكسب قلوب العالم
منذ سنوات، يشهد العالم تزايداً ملحوظاً في الاهتمام بالثقافة الكورية، من الموسيقى والدراما إلى اللغة والموضة وفنون القتال التقليدية. ومع وصول الموجة الكورية الهاليو إلى البيوت العربية، برزت أسئلة حول كيفية استثمار كوريا الجنوبية لهذا الحضور الثقافي كجزء من دبلوماسيتها الناعمة.
وفي مقابلة خاصة مع "النهار" في مقرّ السفارة، قدّم سفير جمهورية كوريا الجنوبية في لبنان، غيوسك جون، رؤية موسّعة حول العلاقات الثنائية والدور الذي تلعبه الثقافة في مدّ الجسور بين كوريا والعالم العربي.
السفير جون، الذي وصل إلى لبنان في أيار/مايو الماضي، يقول: "تعييني سفيراً لكوريا الجنوبية في لبنان فرصة لتعزيز العلاقات الطويلة الأمد بين بلدينا والمساهمة في السلام والأمن الإقليمي"، لافتاً إلى أنّ التحديات الرئيسية تكمن في "فهم السياق السياسي والاجتماعي والثقافي للدولة المضيفة، مع الحفاظ على مصالح بلدك والتصرف كشريك موثوق ومحترم، وتفادي أي خطوات قد تُساء قراءتها".

وعن القيم المشتركة بين الثقافتين الكورية والعربية، يوضح: "بينما لدى كوريا والثقافات العربية تاريخها وتقاليدها الفريدة، أعتقد أنهما تتواصلان بعمق عبر القيم المشتركة، خصوصاً أهمية العائلة، واحترام الكبار، والضيافة، والإحساس القوي بالمجتمع. هذه القيم تخلق جسوراً طبيعية للفهم المتبادل. هذا يجعل التبادل الثقافي والإنساني أكثر معنى وقابلية للتواصل".
ويعتبر السفير أنّ الموجة الكورية باتت ركناً أساسياً من أركان الدبلوماسية الناعمة: "الهاليو أو الموجة الكورية أداة قوية تُكمل دبلوماسية كوريا التقليدية وانفتاحها الاقتصادي، وتجعل حضور كوريا في الخارج أكثر إنسانية وأقرب. استطاعت كوريا أن تكسب قلوب وعقول ملايين الناس حول العالم، بما في ذلك في العالم العربي".
وفي السياق نفسه، يشير إلى مبادرة جديدة: "اقترحت الإدارة الكورية الحالية رؤية K-initiative لتعزيز الدور القيادي لكوريا في مجالات متعددة تشمل التكنولوجيا، والثقافة، والجمال، والطعام الكوري، والرياضة، وهو ما سيوفر أساساً جديداً لنموّنا في المستقبل".
وعن البعد القيمي في الترفيه الكوري، يقول: "بينما الكيبوب (K-pop) والدراما الكورية لا شك أنهما شكلان شعبيان من الترفيه، إلا أنهما أيضاً وسيلتان قويّتان لمشاركة الثقافة والقيم الكورية مع جمهور عالمي. غالباً ما يؤكد نجوم الكيبوب على العمل الجاد، والتواضع، والارتباط بالجمهور، وهي قيم تلقى صدى عميقاً في كوريا وعلى المستوى الدولي".
وفي حديثه عن الموسيقى الكورية والأذواق الحديثة لجيل الشباب، يشارك السفير جون بعض ملاحظاته الشخصية: "الجيل الأول من نجوم الكيبوب كان مذهلاً، لكن الآن أستمع إلى فرقة Demon Hunters. كل العالم يستمع إلى موسيقاهم، وأغنيتهم Golden تصدّرت قوائم 'بيلبورد' والمملكة المتحدة وحتى لبنان".
أما المأكولات الكورية التي يعشقها، فقال: "أحب الكيمباب، فهو يشبه السوشي الكوري، يجمع كل الخضروات واللحم وأحياناً مكونات مختلفة في قطعة واحدة من الطعام".

الاهتمام باللغة الكورية بات لافتاً في لبنان والعالم العربي، حيث يصفه السفير بأنه "تطوّر إيجابي للغاية". فقد بدأت إحدى الجامعات اللبنانية بتقديم تعليم نوعي للغة الكورية، وأصبح الامتحان الرسمي للغة متاحاً أيضاً.
ويضيف: "أقمنا على مرّ السنوات مهرجانات أفلام كورية متعددة. أنشأنا "كوريا كورنر" الذي يوفر أيضاً موارد مختلفة، ويتيح للطلاب والمهتمين الاطلاع على الثقافة الكورية. كذلك، باعتباره رمزاً من رموز التراث الكوري، يلعب التايكواندو دوراً حيوياً في دبلوماسيتنا الثقافية. نحن ندعم بفخر دور الاتحاد اللبناني للتايكواندو في جهوده، كما نقدّم مسلسلات كورية ورسوم متحركة كورية للقنوات التلفزيونية اللبنانية المحلية".
أما في عالم الموضة والجمال، فيرى أن سرّ تميز "الكاي بيوتي" و"الكاي فاشن" يكمن في الدمج بين الابتكار والأناقة البسيطة والجذور الثقافية. ويضيف: "الجمال الكوري يقوم على العناية الطبيعية والفلسفة الشمولية، وهذا ما يجعل المستهلكين العرب يتبنّون روتين العناية بالبشرة الكوري بشغف. إن البساطة الكورية، والموضة المستوحاة من الهانبوك، والحرف التقليدية، وحتى فن الخط، يتم تبنيها في مساحات إبداعية حول العالم والعالم العربي".
وفي تقييمه لدور التكنولوجيا، لفت السفير إلى أنها سيف ذو حدّين: "لقد لعبت التكنولوجيا دوراً أساسياً في الترويج للثقافة والفنون الكورية عالمياً. في الوقت نفسه، هناك قلق مشروع من أن التكنولوجيا إذا لم تُستخدم بحكمة يمكن أن تطغى أحياناً على الجانب الإنساني من الثقافة".
نبض