الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

القطاع المصرفي في لبنان يتمتع بالسيولة وحضور الأصول والإشراف الجيد

الياس الأعرج- مكتب التداول في ساكسو بنك
القطاع المصرفي في لبنان يتمتع بالسيولة وحضور الأصول والإشراف الجيد
القطاع المصرفي في لبنان يتمتع بالسيولة وحضور الأصول والإشراف الجيد
A+ A-

يُعتبر اقتصاد لبنان اقتصاداً نامياً، إذ يساهم القطاع الخاص بنسبة 75% من الطلب الكلي ويعمل القطاع المصرفي على دعم هذا الطلب.


على الرغم من موقعه في منطقة تتسم بعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، يُنظر إلى القطاع المصرفي في لبنان على اعتباره رمزاً جيداً للإمتياز والاستقرار، إذ أن الأعمال والخدمات المصرفية في لبنان هي من بين الأفضل في العالم، واكتسب القطاع المصرفي اللبناني على مر السنين سمعة لكونه مستقراً مالياً. وفقاً لجمعية مصارف لبنان، تبدي المؤسسات المالية اللبنانية عدداً من الصفات التي تفضي إلى قطاع مصرفي حسن الأداء، بما في ذلك التنوّع المختلف في المؤسسات، بالإضافة إلى قوى عاملة ماهرة للغاية ومحترفة والتزام عام بالمعايير المصرفيّة الدوليّة. وقد لفت القطاع المصرفي الاهتمام الدولي لقدرته على العمل في بيئة سياسية غير مستقرة نسبياً، والتكيّف مع بيئة غير مواتية.



وبصرف النظر عن مختلف التحديات المحليّة والإقليميّة، وصفت وكالة "فيتش" للتصنيف في تقييم حديث لأكثر من مئة نظام مصرفي في كل من الدول الناشئة والمتقدمة، القطاع المصرفي في لبنان باعتباره قطاعاً يتمتّع بـ"مستوى منخفض من الضعف المحتمل".
وهذا هو التصنيف الأعلى للوكالة وفق المؤشر الإحتراسي الكلي Macroprudential Indicator والذي يضع المصارف اللبنانية جنباً إلى جنب مع تلك الموجودة في المانيا والدانمارك والولايات المتحدة وغيرها من البلدان. من حيث التحديات، يواصل العديد من جيراننا في المنطقة تحمل المشاقات السياسية والاقتصادية الكبيرة. وعلى الرغم من كون هذه التحديات غير قليلة الأهمية في طبيعتها، أثبتت المصارف اللبنانية ليس القدرة على تحمّلها فحسب، بل أيضاً الأداء بشكل ممتاز، حتى في مواجهة الشدائد.



كان على لبنان التكيّف مع عدد من التغييرات المهمة، وبخاصة تلك الناجمة عن الأزمة المستمرة في سوريا. وقد شهدنا نتيجة القرب الجغرافي من سوريا تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، الأمر الذي ترك أثره على كل من المشهدين السياسي والاقتصادي. وقد أثرت الأزمة أيضاً على ما يسمّيه صندوق النقد الدولي "محركات النمو" في لبنان، وهي السياحة، العقارات، ومجال البناء، والتي تؤثر بدورها على طريقة عمل المصارف داخل البلاد.
وفي هذا الشأن، أعرب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الثقة في استقرار القطاع المصرفي في البلاد، مشيراً إلى أن هذا القطاع قد طوّر "مناعة" في وجه القضايا السياسية والاقتصادية.
وأكد سلامة أن "القطاع المصرفي في لبنان قوي جداً مقارنة بمثيلاته في الدول المجاورة والمنطقة ككل حتى عندما يعمل في بيئة غير مواتية للنمو والربحية".
وقد تمّ الإقرار مرّات عدة بأن لبنان هو من أسرع البلدان نمواً في المجال المصرفي. وفي حين أن معظم بلدان المنطقة تواجه حالة من عدم اليقين السياسي والتباطؤ الاقتصادي، نحن ما زلنا نحقق نتائج تظهر الأداء القوي.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، يتمتع القطاع المصرفي في لبنان بالسيولة وحضور الأصول والإشراف الجيد. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن لدى النظام المصرفي اللبناني نموذج عمل محافظاً نسبياً، مراقباً بشكل جيد، ويتمتع بقاعدة تمويل مستقرة نسبياً مع حوالات كبيرة. ووفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي، ان تعرض المصارف اللبنانية لمخاطر سعر الصرف هو أمر مقدور عليه، إذ أن نسبة حساب المالي الصافي بالنقد الأجنبي بالنسبة الى رأس المال، الذي هو مؤشر على التأثر في ما يتعلق بمخاطر السوق، كانت 13.7% في نهاية شهر حزيران 2015 مقارنة بنسبة 13.9% في نهاية عام 2014 و 11.8% في نهاية عام 2013. وعلاوة على ذلك، وصلت نسبة هذا القطاع من ودائع العملاء إلى إجمالي القروض التي هي ليست بين المصارف إلى 271.5% في نهاية حزيران 2015.



ومن المتوقع أن يؤثر القرار الأخير للمملكة العربية السعودية (آذار 2016) المتعلّق بوقف المساعدات العسكرية بقيمة 4 مليارات دولار إلى لبنان بإصدار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تحذيرات إلى مواطنيها المسافرين إلى لبنان سلباً على تدفقات الأموال إلى لبنان، مما يشكل تاثيراً سلبياً على الودائع المصرفيّة والأرصدة الخارجية للحكومة، وفقاً للمحلّلين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تباطؤ في التحويلات الماليّة من دول مجلس التعاون الخليجي، والحدّ من احتياطات النقد الأجنبي وإلى اضطرابات في التدفقات التجارية، مما قد يشكّل تقديراً سلبياً للبنان.



وتعكس النظرة السلبية، وفقاً لوكالة التصنيف، الرأي القائل بأن الوضع السياسي وزيادة التوترات الإقليمية يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التأثير على سير عمل الحكومة اللبنانية، وستؤدي تالياً إلى مزيد من التباطؤ في نمو الودائع في القطاع المصرفي خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.
يمكن لحكومات مجلس التعاون الخليجي أن تقوم بسحب ودائعها من مصرف لبنان والتي تقدر بنحو 860 مليون دولار أميركي. وإن كانت صغيرة نسبياً مقارنة بـ 33 مليار دولار من ودائع العملات الأجنبية التي يحتفظ بها مصرف لبنان، فإن مثل هذا السحب قد يشير إلى دعم أقل من دول مجلس التعاون الخليجي في حال حدوث أزمة سيولة. هذه الودائع الحكومية من دول مجلس التعاون الخليجي كان قد تمّ تزويدها في عام 2006، في أعقاب الحرب مع إسرائيل.
وأكدت "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني مؤخراً منحها الجمهورية اللبنانية تصنيفاً سيادياً من الدرجة B-/B" طويل وقصير الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية مع توقعات سلبية.



وتفترض تصنيفات "ستاندرد آند بورز" أن الودائع المصرفية اللبنانية سوف تنمو بنسبة 4 في المئة على الأقل في عام 2016، أو نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ما يقرب من ثلثي الودائع المصرفية اللبنانية هي بالعملة الأجنبية وما يقرب من ربعها يأتي من مصادر خارجية.
ويمكن لتصعيد في التوتر مع دول مجلس التعاون الخليجي أن يؤثر سلباً على اللبنانيين المقيمين في الخارج في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تجميد تأشيرات عمل جديدة لمواطنين لبنانيين وفقاً لمؤسسة "موديز". تمثل الهجرة اللبنانية قاعدة مودعين واسعة، غنية وموالية، ويدعم تزايد مستوى الودائع قدرة المصارف في لبنان على مواصلة تمويل عبء الدين الحكومي الكبير والمتزايد.
وفقاً لدراسة حديثة أجرتها جامعة القديس يوسف وبنك بيبلوس، شكّلت تدفقات التحويلات من الدول العربية (ومعظمها من دول الخليج) نحو 43 في المئة من مجموع التحويلات المالية البالغة 6.2 مليارات دولار في عام 2014، أو ما يقرب من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن شأن تجميد تأشيرات جديدة أن يؤدي تالياً إلى تباطؤ النمو في التحويلات المالية وتدفق الودائع.



وكانت الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي مستقرة نسبياً على مر السنين، وتبلغ نحو 27% من إجمالي الصادرات. ولكن، كان لإغلاق الحدود مع سوريا وضعف الطلب الإقليمي أثراً قوياً على عائدات التصدير في عام 2015.
وبشكل عام، مع وجود معظم التحديات المحيطة بالاقتصاد اللبناني وخصوصاً المصارف، لا يزال القطاع المصرفي اللبناني قادراً على التحسن والاستقرار بشكل جيد نتيجة معايير عدة تتعلق بما يلي:



1- نشاط الإقراض إذ يتم تشجيع المصارف دائماً من البنك المركزي لتمويل القطاعات الإنتاجية والإسكان بالإضافة إلى قطاعات أخرى.
2- جودة القروض: تتمتع المصارف اللبنانية بنوعية أصول جيدة.


3- السيولة: حافظت المصارف اللبنانية تقليدياً على نسب سيولة مرتفعة، وغالباً كممارسة آمنة للصيانة أمام المخاطر العالية التي تتعرّض لها البلاد. سمحت هذه الاستراتيجية للمصارف بالبقاء مالياً في الأزمات واستيعاب التزاحمات وأزمات السيولة.
4- الامتثال للقواعد التنظيمية المالية الدولية: اتبعت المصارف اللبنانية دائماً الأنظمة المتعلقة بالالتزام المالي الأكثر تشدداً، وذلك بهدف الحفاظ على مكانة دولية جيدة وتفادي مخاطر التعرّض لسمعتها الحسنة المعروفة.


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم