مشاهد من التاريخ اللبناني في أجمل 5 فسيفساء

تُعدّ الفسيفساء من أكثر الفنون إثارة للإعجاب. تتميز بأشكالها وألوانها الجميلة، وتخبِئ في أشكالها مدلولات تاريخية مميزة ومثيرة للاهتمام. عُثر في مختلف المناطق اللبنانية على مجموعة كبيرة من لوحات الفسيفساء، التي تتميز كلّ منها بأشكالها ورسوماتها وموضوعاتها. بعض هذه اللوحات نُقلت إلى المتاحف المحلّية، وبعضها ما زال محفوظاً في المعالم والمواقع الأثرية. تعرّف معنا إلى هذه المجموعة من أجمل لوحات الفسيفساء التاريخية الجديرة بالاكتشاف.

فسيفساء الحكماء السبعة

تُعرض فسيفساء الحكماء السبعة عند مدخل متحف بيروت الوطني. عُثر على هذه اللوحة المميزة في منطقة رأس العين في بعلبك في موقع فيلا، وتعود إلى الفترة الرومانية.  

تعود هذه الفسيفساء الى النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، وكانت تزين "التريكلينوم" أو قاعة الطعام في  الفيلا الرومانية.

تتميز الفسيفساء بتصميمها ورسومها، وهي تتألف من جزأين. الجزء الأول صفّان من المكعّبات على خلفية بيضاء مصممة بطريقة تعطي تأثيراً ثلاثي الأبعاد عند النظر اليها. يتوسط المربعات مشهد يمثّل الإلهة غايا، إلهة الأرض عند اليونان والرومان وهي تستلقي على ديوان، ويرفرف حولها طفل مجنّح يحمل سنبلة قمح.

أما الجزء الثاني فيشمل صور الحكماء والفلاسفة تتوسطهم كاليوبي، إلهة الوحي الخاصّة بالفلاسفة. وهي إحدى إلهات الإلهام  التسع التي اعتنت بالشعر الملحمي، والنطق الفصيح الذي كانت تهبه للأمراء والملوك. يحيط بها سقراط، الفيلسوف الأول وسبعة من أبرز فلاسفة الحضارة اليونانية القديمة. من خصائص هذه الفسيفساء، أنها تمثل وجوه الفلاسفة مع كتابات يونانية تشير إلى مدن هؤلاء وأبرز أقوالهم الفلسفية.

نشير الى أنه بالإضافة الى هذه اللوحة، عُثر على لوحتين تحملان الموضوع نفسه في مدينتي بومباي وسارسينا.

تصوير ريم قمر

فسيفساء اختطاف الإلهة أوروبا

تعدّ هذه اللوحة من أبرز لوحات الفسيفساء المعروضة في المتحف الوطني في بيروت، التي تصوّر حدثاً تاريخياً مهماً كان له تأثيره على العالم.  عُثر على هذه اللوحة في مدينة جبيل، وتعود الى القرن الثالث الميلادي. تصوّر الفسيفساء أسطورة الأميرة أوروبا، ابنة أجنّور ملك مدينة صور التي اختطفها زوس كبير آلهة الإغريق، بعد أن ظهر لها على هيئة ثور. لهذه الأسطورة مدلولات تاريخية وثقافية مهمة، فهي تشير الى انتشار الأبجدية الفينيقية في بلاد اليونان. فبعد أن اختطفت أوروبا (التي أعطت اسمها إلى القارّة الأوروبية)، ذهب أخوها قدموس الى اليونان بحثاً عنها، وهذا ما ساهم بنشره الأبجدية الفينيقية في تلك البلاد وتعليم أبنائها كيفية استعمالها وكتابتها.

فسيفساء الإله باخوس

تُعرَض هذه اللوحة المميزة التي تعود الى عام 150 م على الجدار مقابل معبد باخوس في بعلبك. تصوِّر هذه اللوحة الإله باخوس، إله الخمر والزراعة والابتهاج عند اليونانيين (ديونيسوس) والرومان. يظهر باخوس في اللوحة على هيئة رجل في منتصف العمر وله لحية ورأسه متوّج بتاج مصنوع من أوراق وعناقيد العنب. ويبدو باخوس في اللوحة جالساً بالقرب من شجرة مورقة، وهو يحمل بيده كأساً من النبيذ  يُفترض أنه صنعه بنفسه.

تصوير ريم قمر

فسيفساء الفصول الأربعة

تعدّ هذه الموزاييك الموجودة في موقع معبد أشمون في صيدا من أجمل لوحات الفسيفساء، التي عُثر عليها في لبنان. تفترش الموزاييك التي تمثّل الفصول الأربعة أرضية الكنيسة البيزنطية الموجودة الى يسار الطريق الاحتفالية الرومانية. تتميز هذه اللوحة بأنها تمثّل بمشاهدها عناصر الطبيعة وخصائصها، وكيف تتبدّل بين فصل وآخر. نشير الى أنّ حالة اللوحة اليوم سيئة جداً، فلا يظهر منها إلّا أجزاء قليلة.

فسيفساء بازيليك شحيم

عُثر في البازيليك البيزنطية الواقعة داخل موقع شحيم الأثري على لوحة فسيفساء جميلة محفوظة بشكل كبير.

تتميز هذه الفسيفساء بألوانها الغنية التي تشكّل صوراً وموضوعات مختلفة، كما تعكس مهارة تصميمها وتركيبها من خلال القدرة على خلق مشاهد واقعية وتفاصيل دقيقة موجودة في الطبيعة، ومشاهد أخرى تصوّر الحيوانات. تميّزت هذه اللوحة برسومها وتصاميمها، وأجملها تلك الموجودة في رواق البازيليك الرئيسي التي تزيّنها الأشكال الهندسية والتي تحيط بصورة طائر. أما الفسيفساء القريبة من المذبح فاحتوت على صورة رائعة للبوة متوثّبة كانت تحيط بها مناظر لطيور بحرية وأسماك. نشير إلى أنّ موزاييك اللبوة معروضة اليوم في متحف بيروت الوطني.