الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

التوحش الاجتماعي قيد التفعيل ومصارف دون قطاع مصرفي... رحّبوا بشريعة الغاب!

المصدر: "النهار"
أمام "بلوم بنك" تصوير حسام شبارو.
أمام "بلوم بنك" تصوير حسام شبارو.
A+ A-

روان أسما

 

"خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، مقولة عادة ما نسمعها في مجتمعنا، إلّا أنّنا اختبرناها في لبنان اليوم في أحلك الأيّام ظلاماً، فأين الجرم في مطالبة المواطنين بقرشهم الأبيض الذي دفعوا ثمنه شباب عمرهم وصباه.

شهدت عدّة مناطق لبنانيّة اليوم ساعات قاهرة من اقتحامات لمصارف وترهيب وترويع بالموظفين والمواطنين فضلاً عن المودعين الذين تحتجز المصارف جنى أعمارهم وتنهش بهم وعائلاتهم الحالة الاقتصادية المزرية التي تجبرهم على دخول المصارف عنوة واحتجاز الرّهائن وترهيب المواطنين ليأخذوا جزءاً من أموالهم ويدفعوه ثمن علاج أحد أفراد أسرتهم الذي ينازع الحياة على فراش الموت.

أمّا القوى الأمنيّة، أو الشقّ الآخر من اللبنانيين، فتقف أمام مواطنين يعيشون ظروف الحياة البائسة ذاتها بل أسوأ، ينظرون إلى ذاك الوالد الذي جاء يطالب بوديعته ليصرف على أبنائه وراتب العسكريّ لا يكفيه بضعة أيّام من بداية الشّهر، فيقف اللبناني البائس أمام الآخر المظلوم، وجور السّلطة الفاسدة يلاحق الاثنين إلى أسرّتهم وأنين أطفالهم.

وفي حديث لـ"النهار" قال الجنرال خليل الحلو "جميعنا لدينا أموال في المصارف، الصّغير قبل الكبير، فإذا تصرّف كلّ منّا بهذه الطريقة فرحّبوا بشريعة الغاب".

أضاف أنّ "المواطنين يتواجهون مع القوى الأمنيّة بينما المسؤول الأوّل والأخير هو السّلطة التشريعية والتنفيذيّة، ماذا ينتظرون لإقرار قانون الكابيتال كونترول؟"، موضحاً أنّ "هذا التأخير يترك كلّاً من المصارف والمواطنين على هواهم ويجب حفظ حقوق المودعين بشكل أساسي ولا سيّما الصّغار الذين وضعوا جنى أعمارهم في المصارف".

وعن التهاون الذي تمضي به القوى الأمنيّة عند أيّ اقتحام لفت إلى أنّ "القوى الأمنية أمام معضلة التواجه مع المواطن الذي يطالب بحقه والمصرف يدفع ثمن السّياسات التي تبعتها الدّولة حتى اليوم، ولو كنتُ اليوم في السلطة ببذلتي العسكرية لوجدت صعوبة كبيرة في استعمال القوة أمام حقّ النّاس".

من جهته، اختصر سامي نادر الخبير الاقتصادي ما حدث اليوم بعبارة "إذا زرعنا الفساد والاستنسابيّة نحصد شريعة الغاب" موضحاً أنّ "العمليّات التي يقوم بها النّاس ضدّ القانون ولكن المبرّرات موجودة ومفهومة، ولو كانت هناك قوانين تضبط وضع المصارف وتحدّ من الاستنسابيّة لما وصلنا إلى هنا".

وأضاف: "عندما يرى المودع أنّ هناك أموالاً تخرج من البلد وأرقاماً هائلة تُدفع وتُصرف للمهرّبين من خلال سياسات الدّعم فمن الطبيعي أن يلجأ إلى جميع الأساليب لاسترداد ماله".

 

وعن تهاون القوى الأمنيّة قال "بعيداً عن اقتحام المصارف هناك جرائم كبيرة تحصل من اختطاف وتهريب وغيره وتمرّ مرور الكرام دون أن يتدخّل أيّ أحد بها، فماذا ستفعل القوى الأمنيّة أمام فتاة تحارب لتأخذ حقّها وتعالج أختها المريضة؟".

 

من النّاحية القانونيّة لفت المحامي الشريف سليمان إلى أنّه "منذ سنتين اتّخذ القاضي علي إبراهيم قراراً بوضع إشارة منع تصرّف على أصول 20 مصرفاً لبنانياً وتعميم منع التصرّف على أملاك رؤساء مجالس إدارة هذه المصارف فقام المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بتجميد هذا القرار وإيقاف العمل به، من هنا قال القضاء للمودع (جيب حقّك بإيدك) فعندما يغيب القضاء عن حقوق المواطن يدفعه نحو التوحّش الاجتماعي ونحن أمام منزلق خطر جداً".

وأردف: "الحلّ يكون بإيجاد خطّة عمل حقيقيّة تحمي المودع والموظّف معاً"، مؤكّداً أنّ "القوى الأمنيّة قانونياً تخضع لأوامر السّلطة السياسية وهذه القوى حمت السلطة عندما كان الشعب اللبناني بآلاف مؤلّفة في الشارع".

وأضاف: "القوى الأمنيّة والسلك العسكري لبنانيّون يعيشون والمودعين ظروف الحياة نفسها بل أسوأ فالعسكري عاجز عن تأمين قوت يومه والعنصر الأمني المخوّل حفظ الأمن على باب المصرف لا يستطيع أن يشهر سلاحه بوجه مجموعة من المواطنين الجائعين أمثاله لأنّهم يطالبون بحقّهم وهو عنصر وحيد مقابل مجموعة كبيرة من المواطنين القادرين على ضبطه فوراً".

ورأى أنّ "اللبناني صبر ثلاث سنوات منذ الانهيار النّقدي والأزمة نحو تدهور محتّم، المصارف اليوم تعمل كتجّار فرق عملة ليحصّلوا أجزاءً من الخسائر على حساب أموال المودعين، نحن اليوم لدينا مصارف دون قطاع مصرفي وإذا قرّرت المصارف إقفال أبوابها فنحن أمام كارثة 264 ألف موظّف في القطاع العامّ براتب موطّن في المصارف لا يستطيعون تحصيلها، نحن ذاهبون إلى الانفجار الاجتماعي الحادّ".

من جهتها، اعتبرت المحامية المتدرّجة ضياء حمّود أنّ "الموضوع قانونيّاً لا يُسمّى اقتحاماً بل استيفاء الحقّ بالذّات، الناس خسروا أموالهم ويحتاجون إليها لأسباب صحيّة"، موضحةً أنّ "دخول المصارف والمطالبة بأموالهم حقّ لهم لكن أخذ الرهائن والتخويف والترويع والأذى النفسي الذي يتعرّض له موظّفو المصارف يُصنّف قانونيّاً نوعاً من أنواع التّرهيب وهو ما يعاقب عليه القانون".

وقالت إنّ "المصارف تدّعي أنّ القوى الأمنيّة تتهاون مع المودعين لأنها تريد حماية خاصّة لها تجاههم لكن وظيفة القوى الأمنيّة حماية جميع المواطنين الموجودين على أرض الحدث، المودع والموظّفين".

وكشفت أنّه "عندما يتّضح أنّ سلاح المودع بلاستيك وغير حقيقي تسقط عنه تهمة الترويع بسلاح حربي ولا يحقّ للمصارف استرجاع الأموال من المودعين لكن المصارف تحاول استرجاع الأموال من خلال أخذ صفة الادّعاء الشخصي على المودع بعد توقيفه".

وتبقى عمليّات الاقتحام والمطالبة المحقّة بالوديعة المحتجزة دون أي قيد أو رادع قبل أن يُقرّ قانون باستطاعته حلّ الأزمة وإعطاء المودعين حقوقهم وحماية جميع العاملين في القطاع المصرفي. السّلطة اليوم تتّخذ دور المشاهد الصامت وتراقب الاقتتال الذي تسبّبت هي به أساساً بين المواطن أي المودع والقطاع المصرفي الذي أفلسته التدخلات السياسيّة، إضافة إلى الفساد والإجراءات التعسّفيّة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم