الخميس - 02 أيار 2024

إعلان

انتخاب سليمان فرنجية من دون الأكثرية

المصدر: "النهار"
A+ A-
قبل أيام قليلة من اليوم المحدد لعملية الانتخاب أعلن ترشيح فرنجية بدعم من الحلف الثلاثي، نشط الزعيم الزغرتاوي فوراً في تحركه وزار موسكو طالباً دعم الاتحاد السوفياتي، الذي أعلن بالفعل الدعم العلني لفرنجية و"إنتقم" بالمناسبة من "قضية الميراج"... أما كتلة كمال جنبلاط المؤلفة من ستة نواب (ثلاثة حزبيين وثلاثة مستقلين)، فوزّع الزعيم الدرزي أصواتها الانتخابية بالتساوي بين المرشحين: يصوّت الحزبيون لفرنجية والمستقلون لسركيس.

رغم كل ذلك، كانت إحصائياتنا في الشعبة تدل على تفوّق لسركيس بـ56 صوتاً من أصل الـ99 صوتاً، مقابل 43 لفرنجية.

النواب الذين كلّفت أنا من قبل الشعبة بالتواصل معهم خلال المعركة الانتخابية كانوا خمسة من المتردّدين بسبب ضغوط كبيرة يتعرّضون أو سوف يتعرّضون لها. الخمسة كانوا: ممدوح العبدالله ومحمد ماضي من كتلة كامل الأسعد الوسطية؛ الكتائبي جورج عقل نائب زحلة؛ فؤاد غصن من الكورة القريب من كتلة فرنجية لكن القريب أيضاً جداً مني كونه كان وزير الاعلام وكنا قد حميناه لتأمين انتخابه نائباً قبل سنتين؛ ومحمد دعّاس زعيتر الذي كان جاري بالسكن، آخر بوانتاج قبل جلسة الانتخاب المنعقدة في 17 آب 1970، كان يدل على فوز سركيس بـ54 صوتاً، أي ثلاثة أصوات زائدة عن الـ51 التي تعطي الفوز.

في الدورة الأولى، حاز الياس سركيس على 45 صوتاً، مع 38 صوتاً لسليمان فرنجية و10 لبيار الجميل و5 لجميل لحود وصوت واحد لعدنان الحكيم.

أما في الدورة الثانية، التي لم يبقى فيها سوى سركيس وفرنجية مرشحين، فوجد في الصندوق 100 ورقة بدل 99 مما أوجب إجراء دورة ثالثة. وعُلم أن ريمون إده، الذي كان آخر المصوتين، هو من وضع ورقتين لإفساد عملية التصويت لإدراكه أن النتيجة ستكون لصالح سركيس وعلمه بأن أحد نواب الكتلة الوطنية، هو أحمد إسبر، صوّت لسركيس.

وقبل الدورة الثالثة، جلسة فرنجية الى جانب غصن، وإده الى جانب إسبر للتأكد من كيفية تصويتهما، فأتت النتيجة 50 الى 49 لصالح فرنجية. دستورياً، لم يحصل أي من المرشحين على "النصف زائد واحد" المطلوب في النص، إذ أن نصف الـ99 هو 49 ونصف، زائد واحد = 50 ونصف، أي 51 صوتاً.

عندها، دعا رئيس المجلس صبري حماده الى دورة رابعة ما أثار غضب فرنجية وداعميه، وحاول نائب رئيس المجلس ميشال ساسين أخذ الميكروفون بنيّة إعلان فوز فرنجية بنفسه... فسادت الفوضى وعاش المجلس النيابي حالة هرج ومرج. لم يكن الجو متشنجاً للغاية داخل قاعة الانتخاب فحسب، بل في الساحة الخارجية للمجلس أيضاً، التي شهدت حشوداً شعبية مستقرة وحالة متفجّرة لا تبشّر بالخير مع ظهور السلاح لدى بعض مناصري فرنجية...

التواصل الهاتفي مع معوّض والرئيس شهاب: "فليعلن حماده فوز فرنجية. ما بدنا دم!"
 
كنت في مكتبي في وزارة الدفاع إتابع المستجدات في المجلس وعلى تواصل هاتفي دائم مع الرئيس شهاب الموجود في منزله في جونيه، والنائب رينيه معوض الموجود بقرب رئيس المجلس صبري حماده في البرلمان. أتصل بين معوّض ووصف الوضع داخل القاعة وخارج المبنى، مبدياً تخوّفه من حصول ذيول أمنية. فاتصلت بالرئيس شهاب لإبلاغه بالأمر وإعلامه بأجواء المجلس مع سرد التفاصيل وعرض المخاوف، وسؤاله عن كيفية تصرّف الرئيس حماده.

أجابني الرئيس بهدوء وروية: "يا إبني، ما بدي دم! قول أن يطلب من حماده إعلان فوز فرنجية... بكل الأحوال سيصبح الرجل رئيساً للجمهورية وعندما يستلم المسؤولية سيُحسن التصرف ويكون صاحب حق. ما لازم نفكر غير هيك...".

أوصلت الرسالة الى النائب معوّض واستجاب الرئيس حماده لنصيحة شهاب فاعلن فوز فرنجية بالرغم من عدم دستورية النتيجة لعدم توفر النصف زائد واحد المطلوب...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم