الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

هدية السماء

المصدر: النهار - جوسلين مراد
ذات ليلة باردة، خلعت الأرض حلة النهار الموشّحة بأشعة النور، وتسربلت بوشاح الليل المنسوج من خيوط الظلام، أغمضت جفنيها ونامت على فراش اختلط فيه شوك الألم بريحان الأمل.
ذات ليلة باردة، خلعت الأرض حلة النهار الموشّحة بأشعة النور، وتسربلت بوشاح الليل المنسوج من خيوط الظلام، أغمضت جفنيها ونامت على فراش اختلط فيه شوك الألم بريحان الأمل.
A+ A-
ذات ليلة باردة، خلعت الأرض حلة النهار الموشّحة بأشعة النور،
وتسربلت بوشاح الليل المنسوج من خيوط الظلام،
أغمضت جفنيها ونامت على فراش اختلط فيه شوك الألم بريحان الأمل.
وعندما ساد السكون، اقتربت السماء من الأرض،
ووضعت بين يديها هدية سماوية.
ثم أرسلت السماء فرقة من ملائكتها لتوقظ الأرض بأنشودة السلام
مرنّمة: "المجد في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".
فتحت الأرض عينيها في دهشة لترى هدية عجيبة بين أحضانها،
لم تعلم أهي في يقظة أم في حلم.
لكنها شكرت السماء على هذه المفاجأة السعيدة،
فتجاوبت الأصداء في قلب الفضاء، يوم ميلاد المسيح.
لقد توقع أتقياء اليهود وحكام الأمم أن ترسل السماء هديتها
إلى الأرض على أجنحة النور، لكن السماء أرسلت هديتها
تحت جنح الظلام.
في ذلك الزمان، كانت أورشليم مركز التعبّد، في نظر العالم،
بمثابة الروح للجسد. وكانت روما مصدر الحياة والقوة، بمثابة القلب للجسد.
وكانت أثينا مركز الفن والأدب، بمثابة العقل للجسد.
لكن السماء تخطت أورشليم المتعبدة وروما المسلحة وأثينا المتفلسفة،
واختارت بيت لحم اليهودية لتضع هديتها فيها.
وضعتها في أبسط كوخ، وفي أضعف مظهر، وفي أحقر مهد..
فكانت هدية السماء "طفلا في مزود"!
أرادت السماء أن توجه الأنظار إلى الهدية نفسها
لا إلى الظروف التعيسة التي تحيط بها.
فما أكرم السماء بهذا الميلاد العجيب وما أبخل الأرض بما كافأته!
ميلاده العجيب من أمه العذراء تخطى مستوى عقول البشر.
شهدت به الكتب المنزّلة، فأيدها يوسيفوس في حجة التاريخ اليهودي
ودعمها تاستيوس في حجة التاريخ الروماني.
ميلاده عجيب لأنه انتزع الحكمة من عقل مينرفا وسكبها في عقول الأطفال.
وأخذ صولجان الملك من يد هيرودس الشرير ووضعه في يد رعاة الغنم.
هيرودس أمر بقتل أطفال بيت لحم آملا أن يكون الطفل يسوع قد قتل معهم
ولكن إرادة الله كانت أعظم من إرادة البشر!
ميلاده عجيب لأنه أيقظ العالم من نومه ومن غفلته، كيف لا وقتل أطفال بيت لحم
لم يحرك لأهل ذلك الزمان ساكناً؟!
فكيف يتخلص العالم من عدوه الطاغية وعدوه الطاغية ما زال يسكن فيه؟!
فيا ليتني راعية صغيرة من ذلك الزمن لأقف بين رعاة الأغنام في دجى الليل
كي أسمع معهم بشرى الملائكة،
وأسير مع المجوس وراء النجم المشرقي وأقطع المسافات الشاسعة
لأسجد لطفل المزود وأرى جمال وجهه وأقدم له الزنابق البيضاء.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم