في لبنان وفي كثير من الدول العربية، نوع من السحر يُعرف باسم "الكتابة". ويعتقد اصحابه بأن في الامكان الدخول في العلاقة بين امرأة ورجل، أو رصد العلاقة بين فريقين سياسيين، وهذا النوع من السحر شائع في مصر حيث يمارسه نحو 350 ألف شخص لهم القدرة على كتب الحجاب، وفكّه، وإخراج الشيطان من الصدور المعذبة، وشفاء المرضى بقراءة بعض التعاويذ. وليس غريباً ان مؤلف كتاب "المسكونة" وليم بلاطي، الاميركي المهاجر من بلدة بلاط، كان لبنانياً. وقد حققت الرواية، وبعدها الفيلم، نجاحاً شعبياً هائلاً في السبعينات. والأرجح ان بلاطي سمعَ بالحكاية إما من أهله المهاجرين وإما خلال عمله في السفارة الاميركية في بيروت، مما سمع من خرافات وأساطير وحقائق. وكانت الكاتبة الاميركية الشهيرة دوروثي باركر تسخر من نتاج ابن بلاط، وموهبته الأدبية. وقد تقاسما ثمن الموهبة: هو أخذ المال والمبيع، وهي أخذت الشهرة والاحترام، وإعجابي الدائم. سرّ "المكتوب" في لبنان وسحره لا يتغير، ويقع دائماً تحت اسم واحد، الانتخابات: بلدية، رئاسية، برلمانية، اندية، اختيارية، مخاتيرية، وملحقاتها. كان كميل شمعون "رئيس الازدهار" وهي كلمة لم تُعرف إلا معه. كما كان ذكياً وخبيراً بالشعوب والأمم، وله علاقات دولية قوية. وقد شغِل المناصب من اوسطها الى اعلاها، سفيراً، وزيراً، ونائباً ثم رئيساً. ومع ذلك عندما أوشكت ولايته على الانتهاء، قرر ان يبدأ الحياة السياسية من جديد، وعامل قصر القنطاري وكأن البلاد مشيخة من مشيخاته، فأسقط زعماء لبنان من معارضيه، وتجاهل كراماتهم وكرامة مواليهم، ونقل البلاد من اول ازدهار حديث الى اول ثورة حديثة.كل رئيس، ما عدا الاستثناءات المعروفة، بدأ معركة التجديد لحظة انتهاء عملية الانتخاب. حتى شارل حلو، ذاك النبيه البارع والمثقف الكبير وعالِم التاريخ الممتاز، حتى هو الذي لا يمثل حزباً أو عائلة أو اقطاعاً أو جمهوراً، خطرت له فكرة التجديد، ولاحت عن بُعد وعن قرب. وكان شارل حلو من النوع النادر الذي لا يمثل إلا نفسه. وتلك النفس كانت خليطاً من الخُلق "اليسوعي"، أي الحضاري، ومن التواضع ومن غنى المعارف وتعددها. الرجل الآخر الذي لم يكن يمثل إلا نفسه، كان الياس سركيس. وهو اقل معرفة من شارل...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول