الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

نـــــزوةٌ عَـــامــّــة

المصدر: النهار - كَــاتــيــا نَـــوفـــل اســكـنــدر
أَضواءٌ خافتة تَنهدرُ بِتراتبية مُطلقة مِنَ الثُّريَّا الفَاخرة.
أَضواءٌ خافتة تَنهدرُ بِتراتبية مُطلقة مِنَ الثُّريَّا الفَاخرة.
A+ A-
أَضواءٌ خافتة تَنهدرُ بِتراتبية مُطلقة مِنَ الثُّريَّا الفَاخرة. جُدرانٌ غُطيتْ بالأَوراقِ الذَهبية. طَاولاتٌ تَناثرت عَلى طولِ الصَّالةِ بمِأكولاتٍ مُختلفة
وبالكَثير مِن المشروبات الرُّوحية
والسيجار والقِنّب الهندي ذي النَّوعية الباهظة...
وإذا بِي جَالسةٌ بِفُستانٍ حَريريٍ أَحمر، وأَقراطٍ لامعة، بِظَهرٍ مَكشوف، وتَسريحةِ
شَعرِ مُغرية، عَلى كُرسيٍّ جَوزيِّ الخَشب بَينَ هَذا الحَشد الأرستقراطي المُلطّخ بِصَبغةِ النَّرجسية، عَلى عشاءٍ ضِمنَ سَهرةٍ كلاسيكية صَاخبة، وعَلى تِلكَ الطاولة كانوا يتبادلون الأحاديث السياسية تُارةً، والاقتصادية تَارةً أُخرى، يَضحكون، ويُثرثرون بِكافتها حَتَّى المَاجنة مِنها.
لَمْ أَكن لمُشاركة بِأَحاديثهم ولا مُستمعِة أَو حَتّى مُكترثة، كنتُ فَقط أُحدِّق بِهِ وهُو عَلى مَقربةٍ من مُقلتي، أَغرقُ فِي تِلكَ التفاصيل وأتأمّل بِشَغفٍ لا مَثيلَ لَهُ. كُنتُ غَارقة بِمُحيطِ جحوظِ عَينيه، بِساعتهِ، وبذلَتهِ السَّوداء، بِسجَائرهِ ودُخانها، وبِرائِحَةِ جَسدهِ لا عِطرهِ، بِأَصابعهِ العَشر وعُروقها، بِذقنهِ المَنكوشة، وَشعرهِ المُسرَّح، وَزد عَليها جَبينهُ وأجفانهُ وشفتيهُ الشَّهيتين، كَانت بينَ أشلائي حِينها رغبة عَارمة بِأن أَتنفّس جَسدهُ وأَصُبَّ فِيهِ كُلّ ما بِداخلي مِن مَشاعر شيطانية بِنكهة المَلائكة، وأَن أممتطي صَهوة حُبّي بِاتجاهِ بساتين عَينيه...
ليقف بِشموخٍ مُثير مُقترباً مني...
ويَنهالَ بِسؤالهِ المُعتاد عَلى مَسمعي: إِلىٰ مَتىٰ سَتبقين كَمهرةٍ جائحةٍ خَجولة، تُرجعين بِحافريكِ ارتباكاً فِي حَضرتي؟!

وفِي كُل مُرّة بِدوري أَنا أَيضاً كُنتُ أَحافظ عَلى صَمتي وأَحتفظ بحقَ الرَّد، ولكنَّ سُمرة جسدي التي كَانت تميلُ إلىٰ لَونِ الكَرز، وَتَلكؤ مَخارج حُروفي كَانا يَفضحانني...

وفَجأةً امتلأت الصَّالةُ بِينبوعِ رُومانسيةٍ مُفرطة عَلى أَنغام صوت خوليو، لِيمُدَّ يَدهُ داعياً إياي إلى رقَصة تَانغو فَريدة كَما يُحب، لَم أتردد لِلحظةٍ واحدة وقَبلتُ دَعوتَه بِقلبٍ يَرتجفِ.

يَداهُ تَلتفّان حَول خَصري، يَشدُّني إِلى جَسدهِ بِقوة، لأَغرقَ أَكثر بِرائِحةِ جَسدهِ التي كَانت تُخيّل لي بِأَنها خَليطُ مِسكٍ وعَنبر بِسجائر أفغانية وعَرقٍ آَدميٍّ، يَقترب مِن أَقراطي، مِن شَحمة أُذني..
يَهمس بِصوتهِ الأَجشّ السَّاحر:

تَروقيِنني جداً، وقَلبي يَستسلمُ
لَكِ أَكثر فَأكثر...

لِأَرُدَّ وعَيناي تَجتاحان بؤبؤيه، هَل تَعلم بِأَنَّكَ سَـفَّاكِي يَا رَجُل!؟
وبِغضونِ جِزءٍ مِنَ الثانية وَقبل
أَن يَرُّدَ عَلى سُؤالي حَتّى...
أَزاحُ نَاظريِه عَنيِّ للنَّظرِ بِمؤخرة امرأة ثَلاثينيَّة بِجَسدِ أَبيضَ مَمشوقٍ وبَدأَ يَبتلعُ لعابهُ عَاضّاً شَفتيه...
وَيخيلُ لِي أَنّك نَسجتَ النِّهاية مِن تِلقاءِ نَفسكَ...
قَد يَنساكِ للِمحلّقة بِمؤخرةِ ثلاثينية وَقحة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم