الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الساعاتي الأقدم في شارع الرشيد... صامد في كلّ أزمنة بغداد

المصدر: النهار
يوسف عبد الكريم
يوسف عبد الكريم
A+ A-
 
يواظب يوسف عبد الكريم على فتح محله لتصليح الساعات يومياً في شارع الرشيد بوسط بغداد، ليواصل ممارسة مهنة ورثها عن والده وجده، صامداً في وجه التغيّرات التي مرّت على الشارع العريق.   
عند العبور في شارع الرشيد، لا يمكن تجاهل متجر يوسف الصغير وواجهته المكسوّة بالغبار. ومن خلف الزجاج، تتراءى مئات الساعات من أزمنة مختلفة، بألوان وتصاميم متنوعة، وضعت في كل أرجاء المتجر دون ترتيب واضح.   
في الداخل، يجلس يوسف البالغ من العمر 52 عاماً والمعروف بأبو يحيى على كرسيه أمام مكتب خشبي قديم، محاطا بالساعات من الجهات الأربع.     
تنتشر الساعات في كل مكان، داخل صناديق بلاستيكية على الأرض وفي علب كرتونية على الرفوف وداخل حقائب مختلفة، ما يجعل التنقل داخل المتجر الضيّق مهمة صعبة، لكن الرجل يعرف تفاصيله ومكان كل ساعة عن ظهر قلب.   
بدأ عبد الكريم تصليح الساعات في سنّ الحادية عشرة بعد وفاة جدّه الذي أسس المتجر قرابة عام 1940. وتعلّم المهنة من والده على مدى أعوام قبل أن يتقاعد هذا الأخير ويأخذ يوسف مكانه.   
يقول الرجل الخمسيني إن شارع الرشيد كان يعجّ بعشرات محال تصليح وبيع الساعات خلال الثمانينات من القرن الماضي، لكنها باتت تعد على أصابع اليد الواحدة الآن. قد يكون للتكنولوجيا دور في تراجع الإقبال على الساعات اليدوية، لكن يوسف ينسب المسؤولية أيضا إلى التحولات العميقة التي شهدتها المدينة.  مع ذلك، يرفض عبد الكريم فكرة أن الساعات صارت شيئاً من الماضي، ويستدل على ذلك بتدفق الزبائن على المحل أغلب ساعات النهار، ويعتبر أن "الأناقة تبدأ من الساعة".
يزور المتجر أشخاص من أعمار وانتماءات مختلفة، من الباحثين عن ساعات زهيدة إلى المولعين بجمع أخرى ثمينة وبينهم وزراء ومسؤولون سابقون، ويؤكد يوسف بفخر أن "الكل يجد ضالته هنا". 
يرى هذا الساعاتي صاحب تقاسيم الوجه وحركات الجسد الهادئة، أن ديكور محله "الذي لم يتغير منذ نحو 50 عاما" يشكّل عنصر جذب أيضا، وهو لا ينوي تحديثه "للحفاظ على هوية المكان".   
يصلح عبد الكريم نحو خمس ساعات يوميا، لكنّه يقول إن نظره في تراجع، ويقدّر أنه سيضطر للتقاعد "خلال خمسة أعوام على الأكثر"، مع أنه يريد مواصلة العمل "أطول ما يمكن". على الرغم من ذلك، لا يبدو أن مستقبل المحل الأقدم في شارع الرشيد مهدد، إذ يعكف يوسف على تدريب ابنيه يحيى (24 عاما) ومصطفى (16 عاما) على أمل أن يخلفه أحدهما وأن ينقلا هذا الإرث العائلي إلى أبنائهما.    
يبدو ولع أبو يحيى بمهنته واضحا في كلامه، لكنه يكشف أيضا تمسكا بشارع الرشيد "المختلف عن بقية مناطق بغداد". 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم