الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

إسبانيا تغيّر موقفها تجاه الصحراء الغربيّة... خطوة خطرة ومن دون ضمانات

المصدر: أ ف ب
سانشيز مصرحا للصحافيين قبل اجتماعه بماكرون في قصر الإليزيه في باريس (21 آذار 2022، ا ف ب).
سانشيز مصرحا للصحافيين قبل اجتماعه بماكرون في قصر الإليزيه في باريس (21 آذار 2022، ا ف ب).
A+ A-
خاطر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بتغيير موقفه بشأن الصحراء الغربية المتنازع عليها بهدف تطبيع علاقاته بالرباط، ما أثار غضب الجزائر وردود فعل حادة في الداخل، وذلك من دون الحصول على أي ضمانات فعلية.

من خلال دعمها العلني للمرة الاولى مقترح المغرب القاضي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية الجمعة، قدمت مدريد التي تبنت في السابق موقفا محايدا، اللفتة التي كانت الرباط تنتظرها من أجل وضع حد لأزمة ديبلوماسية كبرى.

وبلغت الأزمة التي سببها استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي في إسبانيا في نيسان 2021 لتلقي العلاج من كوفيد-19 ذروتها مع وصول أكثر من 10 آلاف مهاجر معظمهم من المغربيين في أيار 2021 إلى جيب سبتة الإسباني على الساحل الشمالي للمغرب، وذلك بعد تخفيف مراقبة الحدود على الجانب المغربي. وبعدما استدعتها الرباط على الاثر، عادت سفيرة المغرب إلى إسبانيا الأحد.

وفي مقابل تغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية، وهي قضية وطنية في المغرب، تؤكد مدريد أنها تستطيع الاعتماد على "التعاون التام" من الرباط في "إدارة تدفقات الهجرة"، وهو السبب الرئيسي لهذا الاتفاق.

وقال إدوارد سولير الخبير في شؤون شمال أفريقيا في مركز برشلونة للشؤون الدولية "إسبانيا تعلم عن سابق تجربة أنه عندما تكون العلاقات مع المغرب جيدة يخفّ وصول المهاجرين بشكل كبير".

لكن "الضمانات التي ربما حصلت عليها إسبانيا بشأن السيطرة على تدفق المهاجرين لا يمكن اعتبارها من المسلمات" كما حذّرت إيريني فرنانديز مولينا، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة إكستر البريطانية.

كذلك، تعتقد الحكومة الإسبانية أن الاتفاق مع الرباط سيضمن "وحدة أراضيها" في إشارة ضمنية إلى جيبي سبتة ومليلية اللذين يطالب بهما المغرب وقد يصرف بالتالي النظر عن مطالباته.

لكن توقيت إعلان الرباط الموقف الإسباني والطريقة التي أعلن بها، بشكل مخالف للممارسات الديبلوماسية، تثير تساؤلات.

وأوضح إساياس بارينيادا، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد "يعطي هذا انطباعا بأن القصر الملكي (المغربي) ربما استبق (إعلانًا إسبانيًا) ببيانه الخاص عن قصد".

وكانت النتيجة الأولى لذلك استدعاء الجزائر، الداعمة الرئيسية لجبهة البوليساريو، سفيرها في مدريد، ما تسبب في أزمة ديبلوماسية أخرى ذات عواقب غير مؤكدة.

- خطر على الغاز؟ -
تعتبر الجزائر أحد موردي الغاز الرئيسيين لإسبانيا، ما يضع مدريد في موقع ضعيف، في خضم ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.

لكن الأستاذ في معهد "إيسادي" للاقتصاد والأعمال إنريك بارتليت كاستيّا اعتبر أنه "من غير المحتمل" أن تقوم الجزائر بخفض شحناتها أو توقيفها "نظرا إلى السعر الحالي" للغاز ولأن "الامتثال للعقود الموقعة هو ضمانة مهمة" لمصداقية المورِّد.

إلا أنه حذّر من أن الجزائر يمكنها من ناحية أخرى إعادة النظر في شراكتها مع مدريد على المدى المتوسط والاحتفاظ بفائض إنتاجها لبيعه لدول أخرى، ما يعني أن إسبانيا ستُجبَر على البحث عن موردين آخرين أبعد وبالتالي أكثر كلفة.

من جانبها، قالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية نادية كالفينيو الإثنين "الجزائر حليف مهم جدا لإسبانيا، لقد زودتنا إمدادات الغاز بشكل مستقر وستواصل القيام بذلك في المستقبل".

مع ذلك، قلّصت إسبانيا أخيرا اعتمادها على الغاز الجزائري من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال بعدما أغلقت الجزائر خط أنابيب غاز يمر عبر المغرب، وسط أزمة مع الرباط.

وأشار غونزالو إسكريبانو الباحث في معهد إلكانو دي مدريد إلى أنه "في السابق، كان حوالى 50% من الغاز الإسباني يأتي من الجزائر. لكن في كانون الثاني، أصبحت واشنطن المورد الرئيسي لإسبانيا مع توفيرها 30% من إمداداتها، مقارنة ب28% للجزائر".

- ردود فعل حادة في الداخل -
في إسبانيا، أثار التحول في موقف بيدرو سانشيز توترات قوية داخل الائتلاف الحاكم. وقال حلفاؤه من اليسار الراديكالي "بوديموس" المؤيدون لحق الصحراويين في تقرير المصير إن هذا القرار "خطأ فادح".

وتأتي هذه التوترات مع "بوديموس" في أوقات صعبة، مع تصاعد الاضطرابات الاجتماعية بسبب التضخم القياسي والأسعار الجامحة.

وبالإضافة إلى "بوديموس" نددت كل الأحزاب السياسية مثل الحزب الشعبي (يمين)، بموقف سانشيز بشأن قضية الصحراء الغربية مطالبة رئيس الوزراء الاشتراكي بشرح قراره حول هذه المسألة "التي كانت موضوع إجماع منذ 47 عاما".

من جانبها، قالت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية الثلثاء إن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز سيشرح قراره للنواب الأسبوع المقبل.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم