الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

نظرة في الإلتباس القانوني: الاستراتيجية الدفاعية والقرار 1701

المصدر: "النهار"
Bookmark
من مناورة عسكرية لـ"حزب الله". (أرشيفية- نبيل اسماعيل)
من مناورة عسكرية لـ"حزب الله". (أرشيفية- نبيل اسماعيل)
A+ A-
إبراهيم نجار يختلف موضوع "الاستراتيجية الدفاعية" في لبنان الى حد كبير عن الإشكاليات التي أثارتها وتثيرها تفسيرات القرار /1701/ تاريخ 11/8/2006، ذلك أن وجوب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وشرعيتها الدستورية منصوص عليه صراحةً في القرار 1701. في حين أن العكس صحيح في التأسيس "للاستراتيجية الدفاعية". ولذلك، لا بد من الإشارة الى ان التطرق الى الإطار القانوني لهذه الأخيرة لا يأتي، لأول وهلة، تحت العناوين المدرجة في برنامج هذا اللقاء، أي "القرار 1701 تاريخ 11/8/2006"، "المضمون والقوة الإلزامية"، ثم "تطبيق القرار"، بيد أن ما يجمع بين القرار /1701/، من يوم اعتماده حتى المرحلة الخطيرة الراهنة، مع موضوع "الاستراتيجية الدفاعية"، يبدو واحداً في أساسه، أي التصرفات العسكرية من قبل حزب الله ومدى توافقها مع الأسس القانونية والدستورية في لبنان. ففي الحالتين، يلعب حزب الله دوراً مركزياً بسبب عدم خضوعه عملياً للشرعية المركزية اللبنانية، وتفرّده في قراراته وتحالفاته الإقليمية. لذلك، أجد أن موضوع الاستراتيجية الدفاعية يقوم، إذا صحّ التعبير، تارةً على ثنايا الالتباس، وطوراً على حسناته، أو إذا شئتم Éloge de l’incertitude, ou de l’ambiguïté أو حتى Tribute to Ambiguity، وإذا أردنا دقة أكثر في التعبير نقول أن هذا كله وليد "زخّات صدق"، أو صدق متحرّك "Sincérités successives". بعبارة أخرى، كان من المتوقع أن البحث في مضمون القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن التابع للأمم المتحدة في 11/8/2006، وتطبيقه بعد أحداث غزة والمعارك الدائرة في جنوب لبنان، سيثير مجدداً إشكالية الاستراتيجية الوطنية للدفاع. فقد بات واضحاً أن الدولة اللبنانية هي اليوم أسيرة حرب لم تقررها، وكلنا يخشى تمدد العمليات العسكرية وتعطل حظوظ لبنان في النهوض من الانهيارات التي ألمّت به خلال السنوات المنصرمة. ولكن، ما معنى "الاستراتيجية الدفاعية"؟ هل هو حصر السلاح بيد الشرعية الدستورية اللبنانية ؟ هل هذا يعني دمج قدرات حزب الله العسكرية مع سلاح الجيـــش اللبنانــي ؟ أو توحيد أمرة القوى المسلحة ؟ أو إعادة قرار الحرب والسلم الى مرجعيته المنصوص عليها في المادة 65 فقرة أخيرة من الدستور، أي مجلس الوزراء ؟ هل المطلوب تسليح الجيش اللبناني ليقاوم إسرائيل ؟ هل أن لبنان دولة مواجهة أو مساندة ؟ هل نسينا أن الذريعة كانت أنه من الأفضل تسليح "المقاومة" عوضاً عن الجيش كي لا يتعرض لبنان الرسمي لهجمات إسرائيلية ؟ هل يمكن عملياً وتقنياً دمج القوى المسلحة وحل كل المجموعات الخارجة عن سيطرة السلطات الدستورية والشرعية في إطار موحد يخضع لنفس العقيدة القتالية ؟ وما معنى أن نلتمس الدخول في منطقة البحث عن "الاستراتيجية الدفاعية" في سياق التجوال في النواحي القانونية للقرار /1701/ ؟ وهل أن الموضوع هو قانوني فعلاً ؟ هل ان الإطار القانوني للاستراتيجية المذكورة ونصوصه الدستورية والتشريعية والمواثيق اللبنانية هو صعب التحديد لدرجة أنه يحتاج الى صياغات جديدة ؟ بالطبع، يمكن اقتراح إدراج مبدأ جديد في الدستور ومقدمته، كأن يؤكد أن لا سلاح في لبنان غير سلاح الشرعية الدستورية وبقرار منها. كما أكدنا أن التجزئة والتوطين والتقسيم هي من توابع وحدة التراب اللبناني الضرورية (الفقرة ط). غير ان هذه الصيغ اللغوية تبدو أحياناً وكأنها تمعن في تعميق غربتنا عن نفسنا، في مشهدية توحي بأن لبنان بات مرتعاً لجيش إيراني بديل يحاكي معادلات مستجدة في النزاع المتمادي مع إسرائيل. مرة أخرى نتساءل عما إذا كانت الوقائع أسرع من الأفكار، وإذا كان لبنان قد فقد نهائياً جزءاً من ترابه وقراره الحر والدستوري. بل قد نذهب الى حد التساؤل عما إذا كان حان الوقت لإرساء استراتيجية دفاعية جدية، بعد تعطل اتفاق الطائف وسقوط تفاهم بعبدا وتصدّع ميثاق 1943.هل من فائدة فعلية لطرح موضوع الإطار القانوني لإستراتيجية الدفاع؟ هل أن للقانون دوراً ؟ الجواب على هذه التساؤلات على بداهة بمكان. وقد لا يحتاج الى تعليق لشدة ما تحمله من أجوبة في طياتها. خصوصاً أن النصوص المدوّنة في القانون الوضعي اللبناني هي متعددة ولا تترك مجالاً للتفسير أو التأويل. ولا ضرورة لاستعادتها بالتفصيل. غير أن تأكيد المؤكد مفيدٌ أحياناً. خصوصاً اليوم، حيث اللغط والالتباس يسود الكثير من التأكيدات السياسية والشعارات. فتعالوا ندخل سوية في إشكالية الإطار القانوني للاستراتيجية الدفاعية. فربما نزيل بعض الضباب أو نستوحي بعض لمسات الثقافة التي تفرضها المصلحة الوطنية العليا في دولة مركزية حتى إشعار آخر. ولأجل ذلك، لا بد من محاولة التجديد في موضوعين أساسيين تجمع بينهما ثقافةٌ قانونية واحدة: الشعارات الملتبسة (المطلب الأول)، من جهة، والأسس القانونية للقرار /1701/ (المطلب الثاني). وإذ نترك جانباً موضوع اتفاق (إعلان) بعبدا لكونه يؤلف موضوعاً مستقلاً، لا بد من ملاحظة أولية مبدئية تتناول تراتبية القواعد القانونية La hiérarchie des normes...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم