الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

في عيد الأب... شهادات آباء يؤدّون الدور بتفانٍ

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
في عيد الأب... شهادات آباء يؤدّون الدور بتفانٍ
في عيد الأب... شهادات آباء يؤدّون الدور بتفانٍ
A+ A-

قبل سنوات مضت، كان الأب رمزاً للوقار ومصدر رهبة للأطفال في المنزل، وفيما حافظ حتى اليوم على هذه الرمزية، لم يعد دوره يقتصر على ذلك في غالب الأحيان، بل تخطاه لينخرط أكثر كشريك في التربية وفي تحمّل مسؤولية رعاية الأطفال وكصديق لهم ورفيق في مختلف الأنشطة والنزهات. وقد يكون تخلّى عن ذاك الجانب الذي كان يضفي الكثير من الجدية على مهمته ليصبح معنياً أكثر في مختلف المسؤوليات التي يتقاسمها مع الأم. لا يخفى على أحد أنّه ثمة آباء لا يزالون يستبعدون تلك المشاركة في مختلف التفاصيل التي تعني الأطفال، حتى اليوم، لكن معدّلات أولئك الذين يتفانون في تربية أطفالهم في تزايد مستمر، وكذلك في مشاركتهم في مختلف اللحظات في حياتهم، خصوصاً بعدما زادت مسؤوليات الأم العاملة بحيث زادت الضرورة إلى تقاسم الأدوار بينها وبين زوجها.

تجربة الأب الصديق

عن تجربته في التربية وفي رعاية أولاده، يتحدث رالف خوري مؤكداً أنه من ولادة أطفاله يتدخّل في أدق التفاصيل التي تعنيهم وأبسطها في العناية بهم في الحياة اليومية. فكان يحرص على المساعدة في مختلف الأمور التي تعنيهم، طوال فترة وجوده في المنزل، وإن كانت ظروف عمله تفرض عليه أحياناً التغيّب عنه، فيقول: "من لحظة ولادة أطفالي، أساعد في حمامهم المسائي، وأبدّل الحفاضات من دون تردد بعكس آباء أعرفهم يرفضون القيام بذلك. حتى إنني أصطحبهم إلى مختلف الأنشطة ما بعد المدرسة، ولم أتغيب مرة عن الحفلات التي تُقام لهم، فمسألة وجودي في هذه اللحظات أساسية لي ولا يمكن أن أهمل ذلك". في المقابل، لا يشارك خوري في تدريس الأولاد لتأخره في الوصول إلى المنزل، وأيضاً لأنه يفضل أن يترك هذه المهمة لزوجته خصوصاً أنها معلّمة، إضافة إلى اعترافه بكونه سريع الغضب في وقت التدريس، إذ يعود بعد يوم طويل من العمل والتعب، مما يزيد من توتره في حال قام بتدريس أولاده، أما زوجته فهي أكثر هدوءاً في هذه الحالة.أما في ما يتعلّق بمدى تعلّق أولاده به مقارنةً بمدى تعلّقهم بوالدتهم، فيقول: "ألاحظ أنّ ابني الاكبر سيرج، ليس متعلقاً بي بشكل خاص، ففي اللحظات التي يرغب فيها بالتعبير أو التحدّث عن أمر ما، يتوجه إلى والدته أولاً. في المقابل، فإنّ ابني مارك هو أقرب إليّ بقليل ويلجأ لي. أما كارل فهو الاكثر تعلّقاً بي بشكل زائد، ويبكي عندما أتركه وأخرج من المنزل، ويرغب في المكوث معي طوال الوقت ويشكي لي عما يزعجه". يعترف خوري أنه الأكثر ليونة في التعامل مع أولاده، فيتفهّمهم بهدوء ولا يغضب بسهولة في حال أخطأوا، بعكس والدتهم الصارمة في التعامل معهم، وهي تفرض القوانين في المنزل. حتى إنّهم يقصدونه ويلجأون إليه عندما يتشاجرون معها.

تبدو تجربة جان ضاهر مماثلة لتلك التي تحدّث عنها خوري، لجهة مشاركته في تربية طفله ريبال، ذي السنتين، وتدخله بأدق التفاصيل التي تعنيه. لم يتردد يوماً في ذلك. فمن لحظة ولادته وهو يعتني به طوال فترة وجوده معه، ويتولى الاهتمام به، باستثناء ما يحصل في فترة النوم، حيث لا يفضل أن يتولى هذه المهمة، لينام ريبال، لأن طفله يفضل عندها اللعب معه بدلاً من النوم، لاعتباره معتاداً على ذلك خلال النهار. كما يضيف: "أقوم بمختلف النشاطات معه، كأننا صديقان، فلا أشعر أنّني والد يلعب مع طفله، بل أعود طفلاً عندما أجد نفسي معه. نقصد اماكن اللعب، وحتى أحياناً بغياب زوجتي، فنتسلى ونحبّ الذهاب إلى حديقة الحيوانات معاً، لاعتبارها هواية مشتركة لنا، ونعشق هذا النوع من النزهات. نحن مقرّبان إلى درجة لا توصف".كأن ريبال يشعر بالوقت الذي يعود فيه والده إلى المنزل، فيبدأ بالبكاء وبمناداته وانتظار سيارته. هذا على الرغم من كونه لا يحب أبداً الذهاب للتسوّق في مطلق الحالات، لكنه قد يفعل ذلك فقط إذا كان التسوّق يعني طفله ولشراء حاجاته أو ملابس له. فيذهب عندها من دون تردُّد.

دور الأب يُكمل دور الأم

لم يعد ممكناً اليوم استبعاد الأب عن تربية أطفاله، والاهتمام بكل التفاصيل التي تعنيهم. فدور الأب يُكمل دور الأم، وفق ما تؤكد الاختصاصية في المعالجة النفسية سينتيا باخوس، فيما توضح أنّ دور الأم قد يكون الأبرز والأهم في بداية حياة الطفل، في الأشهر الأولى، فيما يكون الأب سنداً لها حتى تتمكّن من إعطائه كلّ اهتمامها وعاطفتها. "لكن في مرحلة لاحقة، يصبح للأب دور أساسي لا يمكن الاستهانة به في انخراط الطفل في الحياة الاجتماعية بطريقة سليمة، وذلك من خلال دوره المعروف في وضع القواعد الأساسية والقوانين". كما توضح باخوس أنّه في كثير من الأحيان قد يضطر الأب إلى أن ينوب عن الأم، وهو قادر على ذلك، فيقوم بدورها ويتحمّل المسؤوليات التي تخصّها. وفي الوقت عينه، لا يمكن أن ننسى أنّ الأب يمثّل دوماً "السلطة" كما يشكل "مثالاً" بالنسبة إلى أولاده. "إلا أنّ دوره في التربية لا يقتصر على ذلك، لاعتباره أيضاً مصدر حنان ودعم. كما له الدور الأساسي في تحفيز الطفل على تحدّي ذاته والتفوّق على نفسه ليتمكّن من التقدّم باستمرار، بدءاً من سنّ مبكرة، وقد يحصل ذلك من خلال أنشطتهم التي يقومون بها معاً، ومن خلال اللعب والمشاركة في الأوقات التي يغلب عليها المرح، وليس ضرورياً فعل ذلك بإسداء النصائح والوعظ".

من جهة أخرى، تشير باخوس إلى أنّ الوالد قد لا يكون موجوداً في المنزل أحياناً، وقد يكون مسافراً، وحتى في هذه الحالة، يبقى دوره البنّاء أساسياً، مع ضرورة تقديم الدعم اللازم للأم لتقوم بدورها وتتمكّن من تحمّل كلّ المسؤوليات.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم