تعليقاً على مقال "لبنان اختراع رائع...": تريدنا الاحتفال بمئة عام على دولة نمو العصبيات!

كعادته تجرأ الاعلامي المميز جهاد الزين (1) على رمي الحجر هذه المرة، في بئر الإجتماع السياسي العميق للنخب العروبية - الإسلامية التي كانت تحيط بجده وصحبه في جبل عامل. وكانت النخب الدينية الشيعية قد اجتهدت فتكيفت مع دولة لبنان الكبير التي صمّم هيكلها الجنرال غورو فحفظ لهذه النخب ولقريناتها في الطوائف الأخرى امتيازات في صون تدينها وفي إدارة المحاكم المذهبية والإفتاء والمدارس الملحقة بها. وبهذا أسّس لأولوية الهويات المذهبية في حدود مناطقها وأتاح للكثير من الجيل الثاني في بيوت مرجعياتها الوصول إلى مواقع اليُسر السلطوي في إدارات الدولة. وكان اختلاف التفقّه في تشيُّع هذه المرجعيات الدينية قد أعفاها من الإلتزام بوجود الجماعة - الأمة المعروف لدى رجال الدين السنّة. وأتاح لغالبية النخب في بيوتها أن تُقرن هويتها اللبنانية الرسمية بالمحافظة على ميولها في الفكر العروبي النهضوي الذي تبلور منذ أربعينيات القرن الماضي مع حزب البعث ومع الناصرية من بعده.ومن المرجح ان يتذكّر الأستاذ جهاد ، وهو وارث البئر العميقة في بيت جده فضيلة الشيخ عبدالكريم الزين في جبشيت - النبطية، استمرار ظهور الجيل العروبي البعثي والشيوعي في الكثير من بيوتات المراجع في جبل عامل ( النبطية وصور وشقرا والخيام والبقاع الغربي) وصولاً الى مطلع السبعينات من القرن الماضي. وهو يتذكر ما شهدته هذه الفترة من تغيير في توجهات الحكم العسكري الأخير في سوريا وفي لبنان. وقد تزامن هذا التغيير مع ولادة حركة أمل لاستنهاض الحرمان الشيعي بقيادة الإمام موسى الصدر. حركة اُريد لها ان تغيّر توجهات المعارضة الشيعية التي ما كان يستسيغُها ايضا الحكم الطوائفي الذي كان قد سبق واسّس له الجنرال غورو عام 1920 وأن تكون حركة شيعية تتجاوز الميول العروبية للمرجعيات العريقة للطائفة وتُؤسّس...