الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

بائع السمك "بو عزيزي" المغرب!

جوزف باسيل
A+ A-

قد لا تكون حالة المغرب مختلفة عن حالات تونس والجزائر وليبيا ومصر، إلّا أنها ملكية، فيما ليبيا كانت ديكتاتورية، والدول الثلاث الأخرى مغلّفة بديموقراطية صورية، لكن تونس تخطو على طريق ديموقراطية فعلية، يُشهد لها بها.
بائع السمك الذي فُرِم في شاحنة النفايات (دفع فيها، أو اندفع بنفسه منتحراً) تشبه قضية محمد بوعزيزي التونسي الذي أحرق نفسه، لأن شرطية صفعته، كما قيل، فشعر بالإهانة، لكن الإهانة الأكبر أنه لم يكن يستطيع تأمين قوت يومه وعياله، فأقدم على احراق نفسه... واشتعلت الثورة.
تكمن المشكلة في تسلّط السلطة على الناس بفرض قوانين، تماثل القوانين الغربية، تكون مجحفة في حق المواطنين، لأن لا الدولة ولا الشعب ولا المجتمع ولا القوانين، شبيهة بأوروبا، فكيف يمكن تطبيقها في أوضاع وحالات غير متشابهة.
إذا حُدِّدت قوانين الصيد في أوروبا، والتزمها الناس، فلأنهم إمّا مطبوعون أو مدرّبون على تطبيق القوانين، ولأنّ أوضاعهم ليست في حال من الأحوال كأوضاع أهل المغرب العربي ومشرقه أيضاً، ولا تبلغ حدّ المأساة مثلهم، اننا أمام قوانين أعلى من قدرة المجتمع على تحمّلها ومن قدرة الناس على تطبيقها. ثم السلطة لا تنفذ القوانين إلّا على الفقراء، أمّا الأثرياء والحكام والأزلام فلا تسري عليهم القوانين، وهنا يتفاقم الشعور بالظام الى حدّ المذلة التي لا يطيقها الفقراء، فالتمييز في المواطنية هو السبب المباشر وغير المباشر للانتفاض.
ثم أتساوي مخالفة قانون صيد السمك، حياة إنسان همّه إطعام عائلته؟ وهلّا ينظر فقراء السلطة برحمة الى فقراء المجتمع؟
إنّ التسلّط في الدول العربية، ونحن منها، وقمع الناس بالسوط والجزمة، وقد شاهدنا مثيلاً لها في قمع تظاهرات الحراك المدني بالقوة و"البلطجة"، فالمتسلّطون هم أنفسهم في كل مكان، وأساليبهم وأدواتهم هي نفسها، ويفترضون أنهم فوق مستوى البشر حتى رفعت لأحدهم لافتة كتب عليها "بالله عليك من أين أتيت؟". كان الجوع عبر التاريخ سبباً للثورة، وصارت الحرية سبباً آخر في حاضرنا، دون أن ندّعي انتفاء السبب الأول. لكن السؤال: "لماذا لقمة الفقير يجب أن تكون دائماً مغمّسة بالدمع وبالدم؟". و"لماذا لا تقوم ثروات الاغنياء، إلّا على دماء الفقراء"؟
احتجاجات عارمة خرجت في المغرب فواكبت جنازة الأمازيغي محسن فكري، مذكِّرة باحتجاجات "20 فبراير" قبل خمس سنوات. الاحتجاجات شبيهة بالتي شاهدناها في تونس عام 2010. وهي حركة مجتمع يعبّر بحرية عن غضبه بنداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وارتفعت الشعارات ضد الدولة وأجهزتها الأمنية، مطالبة باخضاع "أجهزة الظل" للمؤسسات المدنية الشرعية وللقانون وقيم الحرية واحترام حقوق الانسان.
هل يكون فكري المغربي هو بوعزيزي التونسي، تتحول به الاحتجاجات انتفاضة شعبية، فيكتمل عقد دول المغرب العربي؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم