"متل القمر": لا متل لبنان... ولا المكسيك كمان!
في وقت يبحث المشاهد اللبناني عن أعمال تشبهه أكثر في الدراما، وفي وقت يفتّش عن مسلسلات تنقل واقعه، وينزعج من تلك التي تُظهر أنّ مجتمعنا هو مجتمع قصور وفلل فخمة، يطلّ عبر شاشة الـ"أم تي في" مسلسل لبناني - مكسيكي، أو مكسيكي ملبنن، عنوانه "متل القمر".
العمل المأخوذ عن المسلسل المكسيكي "ماريمار" هو نسخة غير مطابقة للأصل - وغير مطابقة للمواصفات - حوّلته داليا الحداد إلى تركيبة غريبة، لا تشبه سكّان المكسيك، ولا تقترب من أهل لبنان! الحوارات مكرّرة، منطق الشخصيات مفقود، الحوادث مركّبة تركيباً... وعسى ألّا يجيبنا أحدٌ: هكذا كان المسلسل المكسيكي!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها، لكن لا نعرف إلى مَن يجب توجيهها بالضبط، إلى الكاتبة أم إلى المخرج نبيل لبّس أم إلى الممثلين، أم إلى الجميع معاً! لماذا تظهر قمر من خلال شخصيةٍ أشبه بمَن يعاني تخلّفاً عقلياً؟ هل هي بسيطة أم غبية، بريئة أم طفلة في الخامسة من عمرها، فقيرة أم كانت تعيش في الغابة؟! أما كان الأجدر، بدل التلهّي بأنّها لا تجيد تناول الطعام وتأكل الحلوى بيدها، أن يغوص النَص مثلاً في مفعول القبلة عند فتاةٍ تعيش أحاسيس جديدة فلا تمرّ كل تلك القبلات كأنّ قمر "مِتعوِّدة"؟
نبيل لبّس الذي توقّعنا منه الكثير لم يضف لمسات مميّزة إلى العمل، بل وقع في ثغر كثيرة، معظمها بغية إظهار جمال قمر و... كتفها! لا نعرف ظروف التصوير وظروف الإنتاج، لكن لم يعد في الإمكان التغاضي عن النتيجة النهائية تحت حجّة "ما معنا وقت!".
على صعيد التمثيل، تنضمّ ستيفاني صليبا إلى لائحة المقدّمات - الممثلات، وخصوصاً بعدما يبدو أن الأمر بات رسمياً: "طريق التمثيل تمرّ بالتقديم"، بشكلٍ خاص عبر شاشة "أم تي في" تليها شاشة "المستقبل". لا داعي للقول إنّ صليبا لم تنجح في هذا الدور، على رغم "الدروس" التمثيلية التي تقول إنّها تعلّمتها. الطرف الثاني في الثنائي "صليبا"، أي وسام صليبا، لم يصل بعد، هو أيضاً، إلى مرحلة السيطرة على طريقة كلامه وأدائه، فما زال "يسمّع" دوره "كرجاً"، وما زالت تعابيره غير مضبوطة وغير مقنعة معظم الوقت، لكنّ اللافت أنّ حضوره محبّب لدى فئة كبيرة من الجمهور، وخصوصاً الفتيات. الكبار جهاد الأطرش، عمر ميقاتي ووفاء طربيه لا يملكون بين أيديهم نصّاً يسمح لهم بإظهار موهبتهم الكبيرة.
"متل القمر" هو خطوة كان من الأفضل التأنّي أكثر قبل اتخاذها، فما نجح من 12 سنة ليس بالضرورة أن ينجح اليوم. ثمّ السؤال الأهم: لماذا الحاجة إلى نسخ مسلسلات قديمة في حين أنّ مجتمعنا يقدّم إلينا، على طبق سحري، أفكاراً لا تحصى تصلح لأن تملأ عشرات الأعمال؟!