يتصدّران المشهد التفاوضي لإنهاء حرب غزة... ماذا نعرف عن خليل الحيّة ورون ديرمر؟

مع بدء المباحثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الاثنين لوقف الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة المدمّر، يتولى رجلان بارزان قيادة وفدي الطرفين في هذه المحادثات الحاسمة.

يرأس وفد حركة حماس خليل الحيّة، القيادي البارز الذي نجا الشهر الماضي من غارة إسرائيلية استهدفته في العاصمة القطرية الدوحة، فيما يقود الوفد الإسرائيلي رون ديرمر، أحد أقرب مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن يُنظر إليه داخل الدولة العبرية على أنه مفاوض يفتقر إلى الكفاءة وأساليب الإقناع.

في ما يأتي لمحة عن الرجلين اللذين يتصدران مشهد المفاوضات.


خليل الحيّة 
يُعدّ خليل الحيّة من أبرز قادة الحركة السياسيين في غزة ويُوصف بأنه شخصية براغماتية وحازمة في آن واحد.

تولّى الحيّة قيادة حماس في القطاع المحاصر والمدمّر بعد مقتل يحيى السنوار العام الماضي في جنوب غزة، ويرأس وفدها المفاوض منذ العام 2014، ويعدّ الأقوى في المجلس القيادي الخُماسي الذي يقود الحركة.

شغل سابقا منصب نائب رئيس الحركة في القطاع الفلسطيني، كما ترأس كتلتها البرلمانية بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006 والتي لم تجر انتخابات بعدها.

نجا الحيّة في التاسع من أيلول/سبتمبر الماضي من محاولة اغتيال إسرائيلية في الدوحة أسفرت عن مقتل ستة أشخاص بينهم نجله ومدير مكتبه.

ظهر علنا الأحد للمرة الأولى بعد الاستهداف الإسرائيلي، إذ بثت حركة حماس عبر حسابها على منصة تلغرام، كلمة مصورة له قبل مغادرته مع أعضاء وفد حركته الدوحة متجهين إلى القاهرة للمشاركة في جولة المفاوضات.

وقال الحية: "اليوم نحن نعيش في ظل ألم وعزة وكرامة، بفقدان آلاف من أبناء شعبنا من النساء والأطفال والشيوخ".

وأضاف "لقد شرّفنا الله أن يكون من بينهم أبناؤنا وأحفادنا وإخواننا وأقاربنا ... فنحن ننتمي إلى هذه الأسرة الكبيرة، أسرة الشعب الفلسطيني، وخاصة أبناء غزة"، معتبرا أن غزة اليوم "تنوب عن الأمة بما تقدم وتجود بنفسها ... كل ما أراه كل يوم من قتل وجبروت ودمار تنسيني هذه المشاهد ألم فراق أحبابي وإخواني".

ولد الحيّة وكُنيته "أبو أسامة"، في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة في كانون الثاني/يناير 1960 لعائلة محافظة ومتدينة. تلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية في غزة، ونال شهادة الماجستير في جامعة بالأردن، قبل نيله دكتوراه في الشريعة الإسلامية في إحدى جامعات السودان.

أمضى الرجل ثلاث سنوات في سجن إسرائيلي بأواخر تسعينات القرن الماضي بتهمة الانتماء لحماس التي تصنفها الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأوروبية "إرهابية".

خليل الحية (أرشيفية)

تعرّض الحيّة لمحاولتي اغتيال في 2007 و2014، وقتل عدد من أفراد عائلته من بينهم ابنه البكر، كما فقد عددا من أفراد عائلته في غارة جوية إسرائيلية في الأشهر الأولى للحرب التي اندلعت بعد الهجوم غير المسبوق لحماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

يُقول قيادي في حماس مقرب من الحية إن الأخير "يتمتّع بذكاء وحكمة وهو قائد وسطي، هادئ جدا وحازم في قراراته لا ينفعل بسرعة ويحظى باحترام جميع أعضاء المكتب السياسي والقادة العسكريين".

وأضاف أن الحية "تغلب عليه الجدية وهو ذو صبغة محافظة وعملي لكنه ودود ويمكن أن يمازح الآخرين أحيانا".

تربط الحية علاقات "مميزة" بالفصائل الفلسطينية خصوصا حركة الجهاد الإسلامي، وبحزب الله اللبناني، وعدد من الدول العربية مثل قطر ومصر، والجزائر، إلى جانب علاقته "المميزة" مع إيران التي تعد داعما رئيسيا ماليا وعسكريا للحركة، بحسب القيادي الذي فضّل عدم ذكر اسمه.

ويقول المحلل السياسي ياسر أبو هين وهو من جيران الحيّة، إن رئيس وفد حماس "يعتبر مفاوضا حكيما وشرسا، وهو مثقف جدا ومرح في محيطه الاجتماعي".

وأوضح أن خسارة الحيّة لأفراد من عائلته "أكسبته تعاطفا قويا وتضامنا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، باعتباره على قائمة المطلوبين لإسرائيل"، معتبرا أن محاولة اغتياله في الدوحة جعلت منه "أيقونة ورمزا للنضال الفلسطيني".

رون ديرمر 
يُعتبر رون ديرمر، كبير المفاوضين الإسرائيليين في محادثات شرم الشيخ، من المقرّبين لنتانياهو، غير أن عائلات الرهائن تنتقده بشدة وتصف أداءه في المفاوضات السابقة بأنه غير فعّال.

يبلغ ديرمر 54 عاما وهو من مواليد ميامي بيتش في الولايات المتحدة. عيّنه نتانياهو في شباط/فبراير لقيادة المفاوضات رغم أنه شخصية غير معروفة لدى معظم الإسرائيليين، ما أثار انتقادات واسعة بسبب افتقاره إلى الخبرة العسكرية وندرة ظهوره في الإعلام العبري وضعف إلمامه باللغة والثقافة.

منذ توليه المهمة، لم ينجح في التوصل إلى أي اتفاق أو عملية تبادل مع حماس، لكن نتانياهو يراه الرجل المناسب لتحقيق تسوية تتماشى مع مصالح إسرائيل.

وكتب ديرمر في 27 تموز/يوليو الماضي على منصة إكس: "لن تتمكن أي قوة خارجية من السيطرة على غزة ما دام هناك 20 ألف إرهابي من حماس يتجولون فيها"، معتبرا أن "هذه فرصة لوضع غزة على مسار مختلف يضمن الأمن لعقود مقبلة".

هاجر ديرمر، وهو أب لخمسة أولاد، إلى إسرائيل في التسعينات وتخلى عن جنسيته الأميركية. يوصف بأنه "وزير خارجية الأمر الواقع" لنتانياهو بفضل نفوذه الكبير، وفق المحللة السياسية غاييل تالشير، إذ يتولى إدارة العلاقة "الوحيدة التي تهمّ" رئيس الوزراء، أي مع الولايات المتحدة.

رون ديرمر (أرشيفية)

بدأت علاقتهما الوثيقة عام 2008 حين شارك في حملة نتانياهو الانتخابية، ثم أصبح مستشاره البارز وكاتب معظم خطاباته باللغة الإنكليزية.

وفي عام 2013 عُيّن سفيرا لإسرائيل في واشنطن حتى العام 2021، حيث أدى دورا أساسيا في التوصل إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" لتطبيع العلاقات مع دول عربية.

وخلال حرب غزة، كان ديرمر مشاركا في قرارات عليا داخل الحكومة، وفق تقارير للإعلام العبري، واختاره نتانياهو في شباط/فبراير الماضي لقيادة مفاوضات الهدنة مفضلا إياه على رئيسَي جهازَي الموساد ديفيد برنيع والشاباك رونين بار، نظرا لعلاقاته الوثيقة بإدارة ترامب وتماهيه مع رؤية نتانياهو الإستراتيجية.

وبحسب تالشير، فإن نتانياهو وديرمر "لا يعتبران أن الهدف الرئيسي من المفاوضات استعادة الرهائن، بل الحفاظ على ما يريان أنه مصلحة إسرائيلية تتمثل في استمرار السيطرة العسكرية على غزة ومحاولة القضاء على حماس".

وأعلن نتنياهو مؤخرا أن ديرمر سيغادر منصبه قريبا. لكن قبل ذلك، سيتولى قيادة المفاوضات لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب، والتي يفترض أن تؤدي إلى الإفراج عن الرهائن، مع ضمان أن تكون المرحلة التالية المتعلقة بانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة "مخففة"، وفق تالشير.