فلسطينيون من غزة لـ"النهار": أنقذوا ما تبقّى منّا

من قلب مدينة غزة، بين ركام الأبنية وغبار الانفجارات، تحدثت سجى، البالغة من العمر 23 عاماً، لـ"النهار" عن الوضع المأسوي في المدينة مع اطلاق اسرائيل هجومها الواسع على المدينة في وقت مبكر من صباح اليوم. وقالت: "لم نتمكن من النزوح بعد لأنه لا توجد باصات أو شاحنات نقل، وإذا وُجدت، فإن الرحلة تستغرق أسبوعاً إلى أسبوع ونصف. جميع المناطق مكتظة بالنازحين، والتكاليف مرتفعة جداً، حيث تصل إلى ألف دولار للنقل فقط، بالإضافة إلى تكاليف الخيمة والطعام والماء. القصف مستمر، والواقع مأسوي".
وأضافت سجى أنّ "المدينة تتعرض لتدمير شامل، والمدنيين يعيشون شعوراً دائماً بالخوف وانعدام الأمان"، مؤكدة أن "كل محاولة للنزوح محفوفة بالمخاطر".
وتواصلت "النهار" مع عدد من سكان القطاع الذين يعانون تحت وطأة القصف والنزوح القسري، لنقل مشاهداهم ومعاناتهم المباشرة من داخل المدينة.
"لا أماكن آمنة… كل شيء مستهدف"
نزح الشاب براء السيقلي، البالغ من العمر 23 عاماً، من حي الشجاعية إلى غرب المدينة، في حي الرمال، بعد أن أصبحت المدينة غير آمنة بفعل القصف المستمر. ويقول براء لـ"النهار": "الأماكن التي يدعي الاحتلال أنّها آمنة غير آمنة بالمطلق، فقد استُهدِف النازحون في مناطق كان من المفترض أنها آمنة. كثيرون لم يتمكنوا من النزوح بسبب التكاليف المرتفعة للنقل والخيام والمستلزمات الأساسية".
غزة "تحترق": الجيش الإسرائيلي يبدأ عملية عسكرية "متصاعدة"... "النهار" في تغطية مباشرة
ويضيف السيقلي أنّ "المؤسسات الدولية تعمل حالياً في القطاع، لكنها تواجه قيوداً كبيرة على عملها، ما يجعل وصول المساعدات محدوداً ولا يكفي احتياجات السكان". ويصف الوضع الإنساني، قائلاً: "الواقع صعب جداً، القصف مستمر على الأبنية والمنازل، والبنية التحتية تدمرت بالكامل، والناس تعيش ظروفاً قاسية مع فقدان كل شيء تقريباً".
"أنقذوا غزة… أنقذوا ما تبقى منها"
غادر الصحافي عبد الهادي عوكل، البالغ من العمر 42 عاماً، غزة في 8 أيلول/سبتمبر، بعد أن كان يعيش في قلب المدينة وسط القصف المستمر. يروي عوكل لـ"النهار": "الشقة التي كنت أسكنها تعرّضت للقصف المباشر بعد مغادرتي بخمس ساعات، وكان من الممكن أن أكون أنا وأسرتي في عداد الشهداء لو لم أغادر".
ويشير عوكل إلى الوضع الذي تركه خلفه: "بعض أفراد العائلة نزحوا إلى الجنوب، والبعض الآخر بقي قرب الاحتلال الإسرائيلي. الجميع يعيشون ظروفاً صعبة، ولم يتمكنوا من أخذ متاعهم أو أي من مستلزماتهم".
ويختم الصحافي برسالة واضحة للعالم: "أنقذوا غزة، أنقذوا ما تبقى منّا. أنقذوا الناس والأرض والحياة التي لا تزال باقية".
الوضع الميداني والإنساني
تواصل القصف المستمر وعمليات النزوح القسري فرض قيود على الحياة اليومية، فيما يبقى وصول المساعدات الإنسانية محدوداً بسبب القيود التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على عمل المؤسسات الدولية، ما يزيد من صعوبة الوضع الإنساني في القطاع.
ووفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، فإنّ "العمليات العسكرية تشمل الأبنية السكنية والبنية التحتية"، وحذّر من أنّ "البقاء في المدينة يعرض المدنيين للخطر، فيما نزح نحو 40% من السكان باتجاه الجنوب".
في المقابل، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية بتدخل دولي عاجل لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين.
#عاجل ‼️ سكان غزة، بدأ جيش الدفاع تدمير بنى حماس التحتية في مدينة غزة.
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) September 16, 2025
⭕️تعتبر مدينة غزة منطقة قتال خطيرة فالبقاء في المنطقة يعرضكم للخطر.
⭕️انتقلوا في أسرع وقت ممكن عبر شارع الرشيد الى المناطق التي تم عرضها جنوب وادي غزة من خلال المركبات أو سيرًا على الأقدام
⭕️انضموا إلى أكثر… pic.twitter.com/pqMJo5AC6x
تعكس شهادات الشهود حجم المأساة الإنسانية في غزة، بين القصف المستمر، النزوح القسري، انعدام الأمن، وصعوبة وصول المساعدات. وبينما تحاول المؤسسات الدولية تقديم الدعم، يبقى السكان في مواجهة يومية مع الخوف وفقدان المأوى، ما يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية لكل من يحتاجها.
يمكنك أيضاً قراءة: الجيش الإسرائيلي يُنذر المتواجدين في ميناء الحُديدة اليمني: سنُهاجم المنطقة قريباً