تركيب سارية علم للمباني... تعليمات "إلزامية" تثير جدل الأردنيين
يشهد الأردن منذ أيام، حالة من الجدل في أوساط المواطنين، بعد أن دخلت تعليمات جديدة حيز التنفيذ، وتتمثل بإلزام أصحاب المباني بمختلف أشكالها وغاياتها سواء القائمة أو الجديدة، بتركيب سارية للعلم الأردني كشرط للحصول على إذن إشغال للبناء.
وتأتي تلك التعليمات بحسب تصريحات حكومية، بهدف "تعزيز الهوية الوطنية، وتمكين المواطنين من الاحتفال بالمناسبات الوطنية من خلال رفع العلم، وبما يسهم في تعزيز الانتماء وترسيخ الهوية الوطنية الأردنية"، علماً أن تطبيق التعليمات سيشمل العاصمة عمّان فقط، على أن يشمل لاحقاً مختلف محافظات المملكة.
ورغم أن عدداً من الأردنيين رحبوا بمثل هذه التعليمات ودافعوا عنها بوصفها تعزز بالفعل الروح الوطنية وتمنح مشهداً جمالياً للمباني، إلا أن عدداً آخر وجخ انتقادات حادة لتلك التعليمات ولم يرَ فيها أي علاقة بالولاء والانتماء الذي من وجهة نظرهم أكبر من يربط بسارية أو غيرها من المظاهر الشكلية.
الطبيبة فرح الشواورة وهي عضو سابق في مجلس نقابة الأطباء الأردنيين، أبدت في حديثها لـ"النهار" استغرابها من التعليمات، خصوصاً أن مظهر الأعلام سيكون عشوائياً وبعيد كل البعد عن أي مشهد جمالي.
بدلا من ذلك، ترى الشواورة أن التعليمات "كان يجب أن تذهب باتجاه مشروع وطني بتشجير الأراضي وزرع شجرة الجهنمية مثلا أمام البنايات لجعل مدننا مضرب مثل في الجمال"، متسائلة في الوقت ذاته: "ما علاقة السارية بالانتماء؟!".
وبشأن التكلفة المالية لوضع السارية، تقول: "الكلفة التي يتم الحديث عنها ليس متواضعة، بل تمثل ما يقارب نصف متوسط دخل الفرد الأردني ضمن أسرته (نحو 285 دولاراً) حسب مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2017".

واشترطت التعليمات أن تكون السارية معدنية بقطر لا يقل عن 2 إنش وسماكة لا تقل عن 1.8 ملم، وأن تُزوّد بطبة علوية من النحاس أو الحديد مع بكرة حبل ومرابط تثبيت، وبما يضمن متطلبات السلامة العامة والمظهر اللائق.
وحددت التعليمات الحد الأدنى للارتفاع بـ 4 أمتار في مناطق السكن، و5 أمتار في باقي مناطق التنظيم، فيما ألزمت الأبنية بلا ارتداد أمامي بتركيب سارية عرضية على الواجهة الأمامية بطول لا يقل عن مترين.
كما نظمت عدد السواري استنادا إلى طول واجهة قطعة الأرض، بحيث تُكتفى بسارية واحدة إذا كان الطول 40 مترا فأقل، ويُحتسب عدد إضافي عند تجاوز ذلك وفق معادلة تقسيم الطول على 40، مع مراعاة تساوي المسافات بينها.
وبحسب المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، الكاتب الصحافي طلال غنيمات، فإن "الربط بين تركيب سارية علم وتعزيز الانتماء لم يكن موفقاً، كون ولاء وانتماء الأردنيين أكبر من أن يتم ربطه بمظاهر شكلية، فهو قيمة متجذرة بأبعاد أسمى من الشكليات".
وأكد غنيمات لـ"النهار" أن لا يمكن الحكم على المشهد الجمالي الذي سيضيفه الأمر قبل حدوثه، منتقداً في الوقت ذاته أن يكون القرار إلزامياً وإجبارياً، خصوصا أن هناك من قد يواجه صعوبات مالية وفنية لتركيب السارية.
اقرأ أيضاً: الأردن يمضي بمدينة "عمرة" الجديدة وسط تحديات كبيرة وطموحات أكبر
نبض