التنمّر الإلكتروني: آثار طويلة الأمد ومكافحته يبدأ بـ"عدم الصمت!"

بعد التنمر الواقعي، أدخلنا العصر الرقمي في "التنمر الالكتروني". وهذا لا يقل تأثيراً وإضراراً عن التنمر المباشر، لأن المتنمر الإلكتروني يلاحق ضحيته 7/24، في فضاء لا حدود لشره... حتى في المدرسة.
لماذا يتنمّر الطفل أو المراهق؟
تجيب الاختصاصية النفسية آن-ماري فياض قائلةً لـ "النهار" إن الأسباب عديدة:
- نفسية – شخصية: الحاجة إلى السلطة، وغياب التعاطف مع الآخر، والسعي إلى جذب الاهتمام، وأحياناً رمي معاناته الخاصة على الآخرين بالتنمر.
- اجتماعية – علائقية: السعي إلى لفت الانتباه، رواج التنمر والشتائم في بيئة المتنمِّر فيرى الأمر عادياً.
- رقمية: قناعة بأن أحداً لن يطاله أو يراقبه من خلف الشاشة، خصوصاً إن تسلح باسم مستعار. وعندما ينتشر فيديو التنمر، يشعور بالرضا تماماً.
التنمر الإلكتروني أسوأ... تقول فياض: "قد يقتصر التنمر الواقعي على شخص أو اثنين أو عدد محدود من الأشخاص، لكن انتشار التنمر عبر منصات التواصل يمنح الضحية إحساساً بأنّ العالم كلّه يتنمر عليه، خصوصاً أن هذا التنمر عابر للزمان والمكان".
بالطبع أسوأ... إنه يؤثر في ثقة الطفل بنفسه طويلاً: "يشعر بالخوف، وينسحب من الحياة العائلية والاجتماعية، ويتدهور تحصيله العلمي بعد أن يصعب عليه التركيز، ويرتفع منسوب السلبية عنده، ويزداد عدوانية وانفعالاً وغضباً، ويضطرب نومه وطعامه، وربما يصل الأمر إلى إيذائه نفسه... حتى الانتحار!"، كما تخبرنا فياض، وهذه الآثار النفسية تستمر آثارها طويلاً في حياته المهنية.
مكافحة التنمر... من يشارك؟
إنه دور بالغ الأهمية. تقول فياض: "على المدرسة أن تخصّص فريقاً مؤهلاً ومدرَّباً للتعامل مع شكوى الطالب من التنمر، والمطلوب أن يُصغى إليه، وألّا يُقال له دع المتنمر ولا تتحدث معه، وأن يشعر باتّخاذ إجراء واضح تجاه ما تعرّض له. أمّا المتنمر، فليس عقابه أن يُرسل إلى المنزل، إنما تعليمه تقبّل الآخر والتعاطف معه، وهذه خطوة تبدأ في الصفوف الصغيرة".
ولا بدّ من تدريب الطاقم الدراسي حول التنمر، وتنمية مهارات الأهل أيضاً، على بناء الثقة بينهم وبين أبنائهم كي لا يحتفظ الأطفال بأسرار قد تكون خطيرة. فإن شعر الطفل بالأمان الدائم مع والديه أو مع أستاذه أو معلمته في المدرسة، لن يتردد في الإبلاغ عن أي حادثة. تؤكد فياض: "المشكلات النفسية الناتجة عن التنمر تتفاقم مع صمت الطفل"، ناصحة الأهل بتحضير الطفل ليجيد الدفاع عن نفسه بالعزيمة والكلام، وباستشارة اختصاصي نفسي لتعليمه الاستراتيجيات الدفاعية الملائمة.
دراسات وبحوث عالمية
• مركز أبحاث التنمر الإلكتروني (2022): 1 من كل 4 مراهقين تعرّض للتنمر الإلكتروني، و1 من كل 5 أطفال بين 9 و12 عاماً تعرض للتنمر الإلكتروني.
• وجدت دراسة Associations between screen time and lower psychological well-being among children and adolescents: Evidence from a population-based study، التي أجرتها جامعتا سان دييغو وجورجيا الأميركيتين، أنّ زيادة وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية يرفع معدلات القلق والاكتئاب، ويزيد خطر وقوع الأطفال والمراهقين ضحية التنمر الإلكتروني.
• وجدت دراسة Cyberbullying victimization and depression among adolescents: A meta-analysis، التي أجراها الباحثان يانغو بان وسونغ لي في جامعة ساوث ويست الأميركية، أنّ التعرض للتنمر الإلكتروني قد يؤدي إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب، وإصابة المراهق بالقلق والاكتئاب يزيد من احتمال وقوعه ضحية التنمر الإلكتروني.