كيف تُنشئ طفلاً يحب القراءة؟

صارت القراءة عادة بالية لدى جيل الـ"سوشيل ميديا" والذكاء الاصطناعي... فإغراءات التكنولوجيا أكثر كثيراً مما يقدمه الكتاب. لكن إنشاء جيل يقرأ، ورفع الوعي بالقراءة في عالمنا المنساق رقمياً، أمران يجب العمل من أجلهما بشتى الطرق، لبناء جيل مثقف، واع، وقادر على بناء مستقبله المزدهر.
"ليكن تحقيق المتعة والتسلية الهدف الأساس من القراءة". هذا ما تؤكده سمر محفوظ براج، الكاتبة المتخصصة في كتب الأطفال، في حديث لـ"النهار".
شراء الكتاب وحده لا يكفي!
طبعاً، بحسب براج، التي تدعو إلى تخصيص وقت محدَّد يومياً للقراءة مع الطفل في جو هادئ بغياب كل ما يمكن أن يشتت انتباهه. تقول: "يمكن الأهل تشجيع طفلهم على ربط الأحداث اليومية بما يقرأه في الكتاب، أو تمثيل أحداث الرواية، أو رسم ما فيها على ورق جانبي، أو استخدام الدمى لتجسيد القصة، وبذلك يدرك الطفل أنّ القراءة تجربة ممتعة".
مشاركة أحد الوالدين القراءة مع الطفل تعزّز حبه للكتاب، أكثر من القراءة الفردية، لا سيما في عمر صغير، "فذلك يعزز حب المشاركة والتفاعل، كما أن الحوار الذي يلي فعل القراءة يغذي عقل الطفل وينمّي فيه مهارة التحليل والتفكير النقدي، ويوعّيه على مشكلات يطرحها الكتاب وعلى اجتراح حلول من بنات أفكاره".
بعد الوالدين، الدور الأهمّ في إنشاء طفل يقرأ هو دور معلمته في المدرسة، من خلال أنشطة ترافق قراءة القصة، فهذه بحسب براج لا تقلّ أهمية عن القراءة نفسها
قبل النوم قصة تدوم!
هذا الأمر مهم جداً، وعلى الأهل أن يواظبوا عليه، بحسب براج، "فقصة قبل النوم تعوّد الطفل منذ الصغر على مسألتين: القراءة والإصغاء، إضافة إلى تعزيزها الروابط العاطفية بين الطفل وأهله، لأنه يدرك أنّ هذا الوقت مخصَّص له، وهذا يشعره بالأمان والراحة".
تضيف براج: "هذا هو الوقت الملائم لفتح حوار مع الطفل، بشأن القصة نفسها، أو بشأن اي أمر آخر، لأنه يكون في مزاج الإصغاء والتفاعل، وهذا الحوار الروائي ينمّي خياله، فيدمن سماع القصة في سريره، ولو كانت نفسها تُروى في كل يوم".
اي كتاب يلائم طفلي؟
مراعاة المرحلة العمرية واهتمامات الطفل ومستواه الذهني واللغوي هو الأساس. تنصح براج بالبدء بكتب معززة بصور للأطفال الصغار، لأن الرسوم تساعده على فهمها، "ومع انتقاله في المراحل العمرية العليا، يجب تقليص عدد الصور في الكتب، وتنويعها الكتب نفسها بين واقعية وخيالية وتعليمية وعلمية واجتماعية، مع مراعاة احتواء الكتاب وقصصه على عامل التشويق وعلى عنصر المفاجأة، من دون وعظ مباشر".
نصائح عملية لإنشاء طفل يهوى القراءة:
- اقرؤوا أمام أطفالكم، فأنتم قدوتهم.
- عوّدوا أطفالكم على القراءة في عمر مبكر جداً، واقرؤوا لهم بصوت عال.
- اشتروا كتباً جديدة وضعوها على مرأى من أطفالكم.
- خصصوا مكتبة منزلية للطفل منذ صغره، وابنوا له مكتبة خاصة في غرفته.
- اصطحبوا أطفالكم إلى المكتبة في زيارة أسبوعية، وإلى معارض الكتب.
- كافئوا طفلكم باصطحابه إلى المكتبة لشراء كتاب، أو بقراءة قصة جديدة له، ليعرف أن القراءة ليست عقاباً
- شجّعوا أطفالكم على مشاركة كتبهم مع الأصدقاء.
- اكتشف اهتمامات طفلك في القراءة، ودعه يختار كتابه بنفسه.
أخيراً... كيف يفوز الكتاب على الأجهزة الإلكترونية؟
هذا ليس صعباً، وتقدم براج النصائح الآتية:
- لا تقدموا هذه الأجهزة للطفل في عمر مبكر، فاعتياده عليها يفقده حسّ التفاعل والاستفادة.
- اختاروا كتباً جذابة في محتواها وفي رسومها تلفت نظر الطفل وتزيده تعلقاً بها.
- اختاروا كتباً تفاعلية بالصوت واللمس، فيها مفاجآت على الطفل اكتشافها، فهذا يشغل تفكيره مدة طويلة.
- نظموا الأوقات بين الكتاب والأجهزة الإلكترونية، ولتكن القراءة جزءاً من روتين الطفل اليومي.
- يمكن دمج الاثنين: قراءة القصة وجعل الطفل يشاهد فيديو قصير عن بطلها.
أخيراً، على الأهل والمدرسة استخدام التكنولوجيا لتعزيز الميول إلى القراءة وليس استبدال القراءة بالتكنولوجيا. تقول براج: "يمكن الأطفال استخدام جهاز "kindle kids" للقراءة الإلكترونية والإصغاء لكتب الأطفال الصوتية، فهذا الجهاز بمثابة مكتبة نقالة بشاشة تتمتع بتقنية الحبر الإلكتروني، وهي أخف وطأة على العينين مقارنةً باللوحات الرقمية أو الهواتف، ويسمح للأهالي بتحديد وقت الاستخدام، وإدارة المحتوى، وتتبع تقدم القراءة، فيضمنون وصول أطفالهم إلى محتوى مناسب لأعمارهم".