نواب بيروتيون عن عراضة التحدي لـ"حزب الله": العاصمة رهينة انتصارات وهمية... والحكومة مسؤولة

... وأضيئت الصخرة، فتحوّل "حزب الله" من حزب مقاومة ومحاربة للعدو الإسرائيلي، إلى مجرد حزب "ينتصر" بكسر قرار رسمي صدر عن أعلى المستويات. 

كيف يعلّق نواب بيروت على هذا التحدي، وقد كانوا أول من اعترضوا على إعلان إنارة صخرة الروشة؟ ماذا يقولون اليوم بعدما أضيئت الصخرة؟ وهل من خطوات مرتقبة لهم؟

هم أجمعوا على أن ما جرى يشكل "انتهاكا لكرامة الدولة ومحاولة كسر هيبة العاصمة بيروت وصورتها"، داعين الحكومة إلى التصرف.
النائب فؤاد مخزومي يسارع إلى التعليق: "بيروت أخذت اليوم رهينة بقرار من "حزب الله" الذي لم يكتفِ بخطف الدولة والانقلاب على قراراتها، بل تمادى أيضا في احتلال الرموز الوطنية وتحويل العاصمة إلى منصة دعائية لمشروعه الخارج عن الإجماع اللبناني".

إضاءة صخرة الروشة بيد نصرالله خلال فاعلية السنوية الأولى لاغتياله التي نظّمها حزب الله (نبيل اسماعيل).

ويتدارك: "ما حدث على صخرة الروشة يشكل انتهاكا صارخا لهوية بيروت ومحاولة لفرض واقع دخيل عليها".

ولا يتردد النائب إبرهيم منيمنة في اعتبار ما جرى "انتصارات وهمية": "ما حصل ليس إلا محاولة أو تصميما لكسر إدارة الدولة والاستقواء أمام جمهور الحزب، عبر سعي مقصود لتحويل الأنظار عن السلاح والاستحقاقات الأساسية. لم يعد "حزب الله" يملك أي أجوبة صريحة وواضحة تجاه الشيعة وجمهوره تحديدا، سواء في موضوع ضمان الحماية أو في مسألة إعادة الإعمار، فكان ما جرى صرف نظر عن هذه المسائل الداخلية الداهمة، عبر انتصارات وهمية وشدّ العصب".
حتى الساعة، لا يبدو أن ثمة تحركا عاجلا لنواب بيروت حيال ما حصل، ولا سيما أنهم كانوا المعترضين الأوائل على قرار إنارة الصخرة، إلا أنهم يواصلون اليوم رفع الصوت علنا، رافضين "العراضة" التي تمت بالأمس، ويؤكدون أن ما جرى من مسؤولية الحكومة أولاً.
يقول مخزومي: "نعم، إن مسؤولية الحكومة قائمة، والسؤال اليوم: ماذا ستفعلون؟ هل يبقى الصمت هو الرد على هذا الانتهاك الفاضح، أو نشهد تحركا يعيد إلى بيروت هيبتها، وإلى الدولة كرامتها؟"
ويلاقيه منيمنة: "الأمر بيد الحكومة والوزارات المعنية ومعها الأجهزة الأمنية. فالحزب ظهر على أنه مصرّ على هذه الاستفزازات وكسر القرار الرسمي لكل الدولة وأجهزتها، فيما الواقع يؤكد أن مسألة حصرية السلاح باتت واقعا لا مفر منه، فلمَ هذه المكابرة ولفت الأنظار عبر الاستقواء؟" 
قد يقول قائل إن ما جرى هو عملية إفلاس حقيقية لحزب تحوّل من المقاومة والانتصار على العدو إلى مجرد حزب يخرق قرارا رسميا، أليس هذا إفلاسا حقيقيا؟
يعلّق منيمنة: "هو إظهار للحزب أنه خارج قرارات الدولة. ونناشد الحكومة والوزارات المعنية والأجهزة الأمنية متابعة المسألة ومحاسبة المسؤولين، ونحن النواب سنلاحق الأمر، لأن المسألة الآن بيد الحكومة، أي السلطة التنفيذية".

اعتكاف سلام؟

في موازاة "قرار التحدي"، برزت معلومات عن قرار للرئيس نواف سلام بالاعتكاف. إلا أن منيمنة يرى أنه "ليس قرارا رسميا بعد، بمعنى أنه لم يصدر عن الرئيس سلام أي إعلان رسمي سوى أنه ألغى مواعيده، ونحن نترّقب الخطوات اللاحقة".
الروحية نفسها يتحدث بها النائب نبيل بدر. يقول: "كل شيء جرى بالأمس يظهّر حالة ضياع للتنظيم السياسي لـ"حزب الله". في السابق، لم يخلّ مرة بكلمة أعطاها. لكنه بالأمس أظهر أن الأمور مختلفة. لم يُقم اعتبارا لأي خصوصية، ولا لهيبة دولة ولا لمدينة ولا للعيش المشترك، ولا لقرارات رئيس الحكومة. إنه أمر خطير سينعكس على الرأي العام الدولي، لأنه أظهر أن لا شيء تغير في لبنان، إذ لا تزال الدويلة هي التي تحكم الدولة".
ويضيف: "لا يستحق الأمر أن يفعل الحزب ما فعله. الروشة لا رمزية لها عند سماحة السيد، الذي  لم يستشهد هناك، وكان الأجدر أن يحيوا الذكرى في مناطق حيث الفضاء الأوسع لهم، ولئلا نتكلم طائفيا ومناطقيا، كان ينبغي إحياء الذكرى حيث تمّ الحدث. تماما كما يحدث عند ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بصراحة، لا أعلم ما هي رمزية منطقة الروشة عند الحزب. هي منطقة بيروتية فيها مطاعم ومقاه، فكان القصد من كل ذلك النكد السياسي". 
ويختم: "لم أفهم هذه الحروب في الإصرار على إنارة الصخرة. في البداية نحن أعطينا رأينا وقلنا إن الموضوع خطأ. خالفوا رأينا، إلا أنه كان ينبغي الاحتكام إلى القانون، لكنهم قفزوا فوقه وأعطوا صورة ونموذجا غير مطمئنين إلى الداخل والخارج، وأتمنى إعادة هيكلة التنظيم السياسي للحزب حتى نعرف مع من نتكلم".