شائعات داعمة للحكومة وأخرى مضادة قبل الانتخابات البرلمانية في العراق... والنهار تتحقق منها FactCheck



مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق، تتزايد الشائعات في الفضاء الرقمي، وتتكثّف على منصّة فايسبوك، مستهدفة مجموعات المتقاعدين، ومطالب زيادة الرواتب وإقرار سلّّمها العادل، وغيره من القضايا.
وتتنوع هذه الشائعات في منهجيتها. فمنها ما يحاول دعم الحكومة واستمالة عواطف الناخبين، ومنها ما يركز على مناهضة نشاطات الحكومة. إلّا أنَّ ما يجمعها شيئان، الأول الأسلوب الأبرز في التضليل في العراق، عبر استخدام قوالب اخبارية لقنوات، لإضفاء الموثوقية الزائفة عليها، والآخر هو كونها زائفة.
إضافة الى الرواتب؟
ومن الشائعات المنتشرة، خبر يدعي أنَّ وزيرة المالية العراقية طيف سامي وافقت على إضافة 2000 دينار عراقي إلى رواتب موظفي النظافة بسبب غلاء المعيشة. وجذب المنشور أكثر من 28 ألف تفاعل انطلاقا من صفحة واحدة في الفايسبوك.
وتوصلت "النّهار" في بحثها الى أن سامي لم تدل بهذا التصريح لأي وسيلة إعلامية رسمية أو غير رسمية.
كذلك لم تصدر وزارة المالية ومجلس النواب والبنك المركزي العراقي بياناً بشأن موافقة سامي على أمر مماثل. وهذا يدل على أنَّ الخبر مختلق، على غرار ادّعاءات زائفة مشابهة تحقّقت "النّهار" منها أخيراً.
وقد أعيد نشر التصريح الملفق ذاته عن زيادة رواتب موظفي النظافة، ولكن منسوباً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، واستخدم قالب إخباري لقناة "التغيير" تضمّن صورة للسوداني مع خبر: "السوداني يوجه على الفور زيادة رواتب موظفي النظافه ألفين دينار غلاء المعيشة".
وقد تحقّقنا منه، عبر مراجعة صفحات السوداني ومكتبه الإعلامي. واتّضح أنَّه لم يُنشَر أي شيء بهذا الشأن.
كذلك لا أثر لخبر مماثل في الوسائل الإعلامية الرسمية، مثل جريدة "الصباح" ووكالة الأنباء العراقية (واع)، والوكالات المحلية الأخرى.
وبمراجعة حسابات قناة "التغيير"، تبيّن أنَّها لم تنشر بدورها الخبر، والقالب الإخباري المتناقل معدّل. واستُخدِمت صورة أصلية نشرتها القناة في 22 يوليو/تموز الماضي، وجاء فيها: "السوداني عن حريق الكوت: الجميع مسؤولون حينما يتعلق الأمر بحياة المواطن".
المالكي وزيادة رواتب رفحاء
وفي شائعة أخرى، خبر يزعم أنَّ رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي حصل على موافقة وزارة المالية لزيادة رواتب محتجزي رفحاء إلى مليون ونصف مليون دينار عراقي. وجاء في قالب اخباري لوكالة "one fm" مع صورة للمالكي.
الا ان المالكي لم يعلن ذلك في أي من صفحاته الرسمية، أو في صفحة ائتلافه السياسي "دولة القانون". وتبيّن أن القالب الإخباري المتناقل لوكالة "one fm" معدّل. وتتضمّن الصورة الأصلية المنشورة في حسابها في الفايسبوك، يوم 20 فبراير/شباط الماضي، على خبر جاء فيه: "المالكي: لن ألتقي أحمد الشرع حتى لو طلب ذلك لتورطه بدماء العراقيين".
وكانت وزارة المالية العراقية نشرت بياناً في 10 أبريل/نيسان الماضي نفت فيه خبر زيادة رواتب مشمولي رفحاء، وأكّدت التزامها العمل وفقاً للسياقات المعتمدة والمنصوص عليها في القوانين النافذة.
وجدّدت دعوتها لتوخي الدقة عند تداول الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام والتحقق منها قبل نشرها. وأكدت أنَّها لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من "يسعى لاختلاق الأكاذيب وافتعال الأزمات".
سرقة من موازنة العراق؟
وهناك أيضاً تصريح منسوب إلى السوداني انتشر في قالب اخباري لقناة "الرابعة"، ويدّعي قوله إن "92 تريليون دينار عراقي سرقت من موازنة العراق لعام 2025".
لكن قناة "الرابعة" لم تنشر هذا التصريح في أي من صفحاتها، والقالب الإخباري المتناقل معدّل. ويقود البحث العكسي إلى أنَّ القالب الأصلي منشور في حساب القناة على اكس، يوم 8 مايو/أيار الماضي، وتضمّن: "السوداني من أنقرة: حكومة نتنياهو تسعى لجر المنطقة برمتها إلى الحرب".
كذلك، راجعنا حسابات السوداني والمصادر الرسمية، وخلت من تصريح مماثل.
وجاء تداول هذا الخبر المختلق بعد إحالة رئاسة الادّعاء العام في العراق شكوى لنواب ضد السوداني على المحكمة المختصّة بالتحقيق في قضايا النزاهة.
وتضمّنت الشكوى المطالبة بالتحقيق في قضايا عدّة مخالفة للقانون، منها تأسيس السوداني ائتلافاً انتخابياً، واستغلال منصبه لأغراض انتخابية من خلال إصدار كتب شكر وتقدير لموظفي الدولة، ومنح قطع أراضٍ خلافاً لوثيقة نزاهة الانتخابات الموقعة من الرئاسات العراقية الأربع.

وطالب المشتكون بالتحقيق في مزاعم تهديد السوداني قادة كتل سياسية ومرشحين للانتخابات، وابتزازهم من خلال وسائل الإعلام، والتحقيق في ترشيح شخص يُدعى حوت الفساد، ضمن قائمة ائتلاف "الإعمار والتنمية" الانتخابية التي يترأسها السوداني، بعدما أشارت إليه النائبة عالية نصيف جاسم في لقاء تلفزيوني.
وتأتي موجة الشائعات مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، في محاولة للتأثير على الرأي العام. وتتباين بين ما يسعى إلى تلميع صورة الحكومة الحالية عبر نسب قرارات وهمية إليها، وبين ما يهدف إلى تشويهها وربطها بالفساد، مع اعتماد أسلوب تضليلي متكرر يقوم على استخدام قوالب قنوات إخبارية معروفة.