البروفسور مروان دباح يتحدث لـ"النهار" عن دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل 2025 وعمّا يُخبّئ 2026

تكنولوجيا 26-12-2025 | 10:49

البروفسور مروان دباح يتحدث لـ"النهار" عن دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل 2025 وعمّا يُخبّئ 2026

سيُمثّل عام 2026 بداية النهاية لنموذج التطبيقات. يُحوّل الذكاء الاصطناعي الوكيل واجهة المستخدم من "انقر واختر" إلى "صف وفوض".
البروفسور مروان دباح يتحدث لـ"النهار" عن دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل 2025 وعمّا يُخبّئ 2026
البروفسور مروان دباح
Smaller Bigger

في عامٍ تحوّل فيه الذكاء الاصطناعي من أداة مساعدة إلى عقلٍ مُدبّر للأنظمة، برزت أسماء عربية ساهمت في إعادة رسم ملامح المشهد التكنولوجي العالمي. من بين هذه الأسماء، اختار تطبيق "جيميناي" البروفيسور مروان دباح، الأستاذ في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبو ظبي، والمدير المؤسّس لمركز أبحاث الجيل السادس التابع للجامعة، ضمن خمس شخصيات عربية كان لها دور مؤثر في تشكيل عالم التكنولوجيا عام 2025.

في هذه المقابلة، يفتح دباح نافذة على تجربته في قيادة مشروع TelecomGPT، أول نموذج لغوي ضخم مخصص لقطاع الاتصالات، وعلى رؤيته لكيفية انتقال الذكاء الاصطناعي من مجرد استجابة للأوامر إلى إدارة الشبكات والأنظمة المعقدة بشكل ذاتي واستباقي. كما يتحدث عن التحول الجذري الذي شهده عام 2025، حين أصبح الذكاء الاصطناعي منطق النظام نفسه، ويستشرف ما يحمله المستقبل من اندماج أعمق بين الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والحوسبة العلمية، في عالم تتلاشى فيه الحدود بين الإدراك والتشغيل.


- عندما طُلب من تطبيق جيميناي ترشيح خمس شخصيات عربية ساهمت في تشكيل عالم التكنولوجيا عام 2025، كان اسمك من بينها. ما هو إسهامك الرئيسي في هذا التقدم؟

أعتقد أن هذا التقدير نابعٌ إلى حد كبير من العمل الذي قمتُ بقيادته على TelecomGPT، وهو أول نموذج لغوي ضخم مصمم خصيصاً لقطاع الاتصالات. في بيئة مكتظة بالنماذج العامة، تمثلت مساهمتنا في طرح السؤال التالي: ماذا لو لم يقتصر الذكاء الاصطناعي على الاستجابة للمستخدمين، بل فهم وأدار أنظمة الشبكات بأكملها بشكل مستقل؟

شكّل TelecomGPT خطوةً أساسيةً في إعادة تعريف كيفية تصميم الشبكات وتشخيصها وتحسينها، والانتقال من الأنظمة التفاعلية إلى بنية تحتية استباقية وذكية. لم نكتفِ بتدريب نموذج، بل صممنا إطار عمل لشبكات الاتصالات القائمة على الذكاء الاصطناعي، مُصمم خصيصاً للقيود والبروتوكولات وهياكل البيانات الحقيقية للمشغلين.


إلى جانب ذلك، واصلتُ العمل على ربط الأوساط الأكاديمية والصناعية والسياسية، من خلال إنشاء مراكز البحث والتطوير، وصياغة استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في المنطقة، وتوجيه الجيل القادم من العلماء والمهندسين الذين سيواصلون هذا الزخم.


- كيف أعاد الذكاء الاصطناعي تعريف عام 2025، وماذا بعد؟


في 2025، انتقل الذكاء الاصطناعي من كونه إضافةً إلى الأنظمة القائمة إلى أن أصبح منطق النظام نفسه. شهدنا ظهور نماذج أساسية متخصصة مثل TelecomGPT، ليس فقط للمحادثات أو المحتوى، بل للبنية التحتية والطاقة والتنقل.

لم يعد الذكاء الاصطناعي يقتصر على الإجابة عن الأسئلة، بل أصبح يتخذ القرارات، ويدير الشبكات ذاتيًا، وينسق الإجراءات عبر البيئات المادية والرقمية. لقد طمس الخط الفاصل بين الحوسبة والإدراك.

ما سيأتي لاحقًا هو اندماج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة العلمية والتحكم في الوقت الفعلي. لن تقتصر عملية تدريب النماذج على ما هو خارج الإنترنت، بل ستتطور باستمرار في الأنظمة الحية. سنتجه نحو بنية تحتية ذاتية التوليد، حيث يتشارك الذكاء الاصطناعي مع البشر في التصميم، ويتوقع الاحتياجات، ويعيد تشكيل النظام ديناميكيًا.


- كثيرًا ما تتحدث عن "بنية تحتية ذكية" تتصرف كنظام بيولوجي أكثر من كونها آلة. ما معنى أن تصبح البنية التحتية قابلة للتكيف وذاتية التنظيم؟


تخيلوا شبكة اتصالات تستشعر الأعطال، وتعيد توجيه حركة البيانات، وتضبط معاييرها بدقة، وتُعيد تدريب نفسها تلقائيًا، كل ذلك دون تدخل بشري. هذا ما نبنيه.

عندما أقول "بيولوجية"، أعني أنظمة لا مركزية، ذاتية الإصلاح، وقادرة على التعلم. في الكائنات الحية، لا يتركز الذكاء في دماغ واحد، بل يتوزع على الخلايا والأعضاء والأنظمة. يجب أن تعمل البنية التحتية بالطريقة نفسها.

بمعنى أدق، يعني ذلك دمج نماذج التعلم الآلي ووكلاء الذكاء الاصطناعي على حافة الشبكات، مما يُمكّن من التكيّف الفوري في أبراج الاتصالات، وأجهزة التوجيه، ومحطات البث. يعني ذلك بناء أنظمة تغذية راجعة مغلقة، حيث تتعلم البنية التحتية باستمرار من بيئتها وتُصحح نفسها.

يُعدّ مشروع TelecomGPT من أوائل التجارب التي تمنح البنية التحتية القدرة على التعبير والتفكير المنطقي. فنحن لا نربط العالم فحسب، بل نجعل الشبكة نفسها تفهمه.



4- في رؤيتك لـ"الترابط المعرفي"، يصبح المحيط نفسه بمثابة دماغ موزع. كيف ستتغير الحياة اليومية عندما تصبح الجدران والشوارع والمركبات جزءًا من شبكة تفكير؟

يعني الترابط المعرفي أن الذكاء لم يعد محصورًا في الأجهزة، بل ينتشر في البيئة المحيطة، في الشوارع التي نسير عليها، والجدران التي نمر بها، والمركبات التي نستقلها.

بالنسبة للفرد، يُترجم هذا إلى تنسيق غير مرئي: تطبيقات أقل، وإعدادات يدوية أقل، وتفاعل أكثر طبيعية واستجابة. سيارتك لا تفهم فقط وجهتك، بل تفهم أيضًا سببها، وتُعدّل مسارك بناءً على الأولويات الآنية. غرفة المستشفى تتكيف مع حالة المريض بالتنسيق مع التشخيص عن بُعد. شبكة الاتصالات تتوقع ذروة الأحمال أثناء الحفلات الموسيقية، وتُحسّن التغطية قبل وصول الجمهور.


لا يتطلب هذا الذكاء الاصطناعي فحسب، بل ذكاءً اصطناعياً متكاملاً تماماً مع الاتصال، وهو ما نسعى إليه تحديداً من خلال الجمع بين تقنية الجيل السادس ونماذج المجالات المتخصصة مثل TelecomGPT.

 

الشيخ محمد بن زايد والشيخ طحنون بن زايد وسام ألتمان.(أف ب)
الشيخ محمد بن زايد والشيخ طحنون بن زايد وسام ألتمان.(أف ب)

 

 

- في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، تُضخ مليارات الدولارات فيما تسمونه "الذكاء الاصطناعي السيادي". ما هو تعريف سيادة الذكاء الاصطناعي عملياً؟

الذكاء الاصطناعي السيادي ليس مجرد شعار، بل هو ضرورة استراتيجية. عملياً، يعني ذلك التحكم الكامل في بنية الذكاء الاصطناعي: من البيانات إلى النموذج إلى النشر.
بالنسبة للحكومات والمؤسسات، يعني هذا:

• تدريب النماذج على بيانات محلية خاصة بالمجال،

• استضافتها ونشرها على البنية التحتية السحابية والحوسبة الوطنية،

• ضمان قابلية التدقيق والخصوصية والتوافق مع الأطر الثقافية والقانونية.

• ما قمنا به مع TelecomGPT هو شكل من أشكال السيادة الخاصة بالمجال: دربنا نموذجاً باستخدام بيانات اتصالات خاصة بلغات متعددة، بما فيها العربية، مما يضمن امتلاك شركات الاتصالات للذكاء الكامن وراء بنيتها التحتية دون الاعتماد على نماذج أجنبية مبهمة.  

السيادة لا تعني العزلة، بل الاستقلال الاستراتيجي والتوافق.

-كثيراً ما يُشار إلى نموذجي 6-Falcon وJais كركيزتين أساسيتين للذكاء الاصطناعي السيادي في المنطقة، ومع ذلك، لا يُستخدمان على نطاق واسع مثل نماذج ChatGPT أو Gemini. ما هي أبرز العوائق التي تحول دون اعتمادهما على نطاق أوسع؟

العوائق هيكلية في معظمها، وليست تقنية.

 . جمود النظام البيئي: النماذج العالمية مُدمجة بعمق في الأدوات وسير العمل. تغيير ذلك يتطلب وقتاً وحوافز وتدريباً.

 . واجهة المستخدم وسهولة الوصول: العديد من النماذج السيادية أو نماذج المجال تُبنى من قِبل الباحثين، وليس فرق تطوير المنتجات. بدون واجهات برمجة تطبيقات سهلة الاستخدام، أو مجموعات أدوات تطوير، أو وصول قائم على واجهة المستخدم الرسومية، يتأخر اعتمادها.

. تغيير العقلية: لا يزال لدينا ميل نحو العلامات التجارية العالمية. لكن في قطاعات حيوية مثل الاتصالات والدفاع والرعاية الصحية، بدأنا نرى هذا التحول، حيث أصبحت الثقة والشفافية والتوافق المحلي أكثر أهمية من مجرد الأداء على المعايير.

. في جامعة خليفة، نعمل الآن على أدوات وتكاملات حالات الاستخدام حتى تتمكن نماذج مثل أصبحت TelecomGPT حلولاً جاهزة للاستخدام، وليست مجرد أدوات بحثية.

- يتحدث العديد من المحللين عن "نهاية التطبيقات" وصعود الذكاء الاصطناعي الوكيل، حيث تتولى وكلاء صوتيون مهامًا كاملة عبر مختلف الخدمات. هل ترون عام 2026 نقطة تحول حقيقية لهذا التحول؟ وما هي العقبات التي لا تزال قائمة؟

عندما نصل إلى هذه المرحلة، من الرابح ومن الخاسر؟

سيمثل عام 2026 بداية النهاية لنموذج التطبيقات. يُحوّل الذكاء الاصطناعي الوكيل واجهة المستخدم من "انقر واختر" click and choose إلى " صف وفوض" describe and delegate.


لكن لكي يتوسع هذا النظام بشكل حقيقي، ما زلنا بحاجة إلى:

• تنسيق متعدد المجالات: وكيل واحد يُنسق خدمات متعددة، بشكل آمن وسياقي.

• ذاكرة دائمة: لكي يتطور الوكلاء مع المستخدمين عبر الزمن والمنصات.

• طبقات حوكمة: لأن تسليم التحكم يتطلب الشفافية والضمانات.

سيفوز من يبني طبقة التنسيق، مثل شركات الاتصالات ومزودي الخدمات السحابية والمنصات السيادية. أما من يعتمد على واجهات مغلقة وأنظمة بيئية مغلقة فسيخسر.

في هذا المستقبل، ليس النموذج هو المنتج، بل الوكيل هو المنتج، ويعتمد ذكاؤه على مدى فهمه لك ولبيئتك.

 - ما المجهول في الذكاء الاصطناعي اليوم، برأيك، أو الأمور   التي قد تُفاجئنا أو تُعيد تعريف هذا المجال بالكامل؟

لقد حققنا خطوات هائلة في توسيع نطاق نماذج التعلم الموجه، لكن بعضًا من أكبر المجهولات يكمن في تقاطع الرياضيات والعلوم والإدراك.

ما زلنا لا نفهم تمامًا:

• كيف ينبثق الذكاء من البنية، ولهذا السبب استكشف باحثون بارزون، مثل لوران لافورغ، نظرية التوبوس لإعادة تعريف تمثيلات الذكاء الاصطناعي.

• كيف تتعاون النماذج المتعددة بدلاً من التنافس.

• كيف يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة وتصميم الأنظمة الفيزيائية، بدءًا من المواد وصولاً إلى البروتوكولات اللاسلكية.

قد لا تأتي الثورة المقبلة من نماذج أكبر، بل من بنى جديدة، مستوحاة من علم الأحياء والرياضيات، تُمكّن الذكاء الاصطناعي من التفكير والتكيّف والتطور بشكل أقرب إلى الأنظمة الحية.

هذا هو المجال الذي أتطلع بشغف لاستكشافه، وأعتقد أن للعالم العربي دورًا فريدًا فيه، يجمع بين التراث العلمي والطموح التكنولوجي.






الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/24/2025 10:00:00 AM
أراد يسوع بيت لحم بدون حواجز ولا قيود. أرادها مدينة تصدّر السلام من هذه البقعة الجغرافية إلى كل العالم.
المشرق-العربي 12/24/2025 12:33:00 PM
القوة مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية
المشرق-العربي 12/25/2025 12:34:00 PM
الداخلية السورية: العملية تأتي تأكيداً على فاعلية التنسيق المشترك بين الجهات الأمنية الوطنية والشركاء الدوليين
المشرق-العربي 12/25/2025 1:41:00 PM
العلاقات السورية - الإسرائيلية معقدة، ولم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاقية أمنية رغم المساعي الديبلوماسية.