في إنجاز سعودي جديد... "قانون مور" يصعد إلى مستوى جديد من الحوسبة

في إنجاز سعودي جديد... "قانون مور" يصعد إلى مستوى جديد من الحوسبة

باحثو KAUST يبتكرون رقاقة مكدّسة من 41 طبقة، تجدد "قانون مور" وتفتح عصر الحوسبة العمودية المرنة.
في إنجاز سعودي جديد... "قانون مور" يصعد إلى مستوى جديد من الحوسبة
رقاقة مصمَّمة لتتجاوز قانون مور — ابتكار من KAUST.
Smaller Bigger

بعد أكثر من نصف قرن من هيمنة "قانون مور" الذي وضع أسس تطور الإلكترونيات، يبدو أن العالم يقف اليوم على أعتاب ثورة جديدة قد تغيّر وجه الحوسبة إلى الأبد. فبعد أن كان التقدم التقني يقاس بمدى قدرة العلماء على "تصغير" الترانزستورات داخل الشرائح الإلكترونية، يعلن باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) في السعودية عن اختراع غير مسبوق: رقاقة مكوّنة من 41 طبقة ضمن بنية مكدّسة تحتوي على 6 طبقات من الترانزستورات، أي أعلى بمرات عدة من أي شريحة سابقة من هذا النوع.

 

هذا الإنجاز، الذي نُشر أخيراً في مجلة Nature Electronics، يُعدّ نقطة تحوّل في مسار الحوسبة، إذ يؤكد الباحث الرئيسي شياوهانغ لي أن "التكديس العمودي للترانزستورات يسمح بزيادة الكثافة الحسابية بنحو ستة أضعاف من دون الحاجة إلى تصغير الأبعاد الأفقية". وهو ما يفتح الباب أمام عصر جديد من "ناطحات السحاب الإلكترونية" بدلًا من الرقائق المسطّحة التي عرفها العالم لعقود.

 

"قانون مور " يغيّر جلده
ورداً على التساؤل الشائع حول ما إذا كان "قانون مور" قد انتهى فعلاً، يوضح الدكتور محمد إسماعيل، الباحث والمدرّب في التحول الرقمي، في حديثٍ الى "النهار" أن الجواب أكثر دقة مما يبدو:

"لا يمكن القول إن قانون مور انتهى، بل يمكن القول إنه يغيّر جلده. فبدلاً من التصغير المستمر الذي بلغ حدوده الفيزيائية، جاءت فكرة التكديس العمودي لتواصل روح القانون بطريقة جديدة".

ويشبّه إسماعيل هذا التحوّل بانتقال المدن من البناء الأفقي إلى العمودي:
"بدلاً من محاولة حشر مزيد من المنازل في قطعة أرض واحدة، قررنا بناء ناطحات سحاب. الأمر ذاته يحدث في الإلكترونيات: نحن نكدّس طبقات المعالجات والذاكرة فوق بعضها. النتيجة واحدة — مضاعفة القوة — لكن الطريقة تغيّرت".

بهذه الرؤية، يؤكد الخبير أن روح "قانون مور" لم تمت، بل استعادت شبابها من خلال هندسة ثلاثية الأبعاد ستقود العقود المقبلة من التطور التكنولوجي.

 

ذكاء اصطناعي أسرع... وأقل عطشاً للطاقة
أما عن أثر هذه التقنية على الذكاء الاصطناعي، فيرى أنها قد تمهّد مستقبلاً لتقنيات معالجة بيانات أكثر كفاءة.
"الحوسبة الحديثة ليست بحاجة إلى "عقل" سريع فحسب، بل إلى وسيلة أسرع لتغذيتها بالبيانات. ومع التكديس، أصبح بالإمكان وضع الذاكرة فوق المعالج مباشرة، فيتحقق نقل أسرع للبيانات مع خفض في استهلاك الطاقة"، يقول إسماعيل.

ويرى أن هذه البنية الجديدة يمكن أن تساعد مستقبلاً في تصميم شرائح مخصّصة لمهمات محددة، بحيث يمكن أن تُبنى طبقاتها كالأحجار المتراصة طبقة للمعالجة، تعلوها طبقة للذاكرة، وأخرى لأنظمة الذكاء الاصطناعي. وبهذا "نحصل على شريحة مفصّلة خصيصاً للذكاء الاصطناعي، بكفاءة ودقة غير مسبوقتين".

 

 

فريق العمل على الرقاقة الجديدة — من KAUST
فريق العمل على الرقاقة الجديدة — من KAUST

 

الرقائق المرنة... ذكاء اصطناعي على الجلد
لكن الابتكار لا يقف عند حدود الأداء، بل يمتد إلى الشكل ذاته. فقد طوّر فريق KAUST تقنية تصنيع بدرجات حرارة مخفوضة، تتيح طباعة الرقائق على مواد مرنة مثل البلاستيك، بدلاً من السيليكون الصلب.

ويشرح لي أن "عمليات التصنيع التقليدية تتطلب حرارة تتجاوز 400 درجة مئوية، ما يحدّ من استخدام المواد الحساسة، أما التقنية الجديدة فتبقي العملية قريبة من درجة حرارة الغرفة، ما يفتح الباب أمام الجيل القادم من الإلكترونيات المرنة".
وفي هذا السياق، يعلّق إسماعيل قائلاً إن هذه القفزة "ستجعل الذكاء الاصطناعي كظلٍّ ملازم لنا".

"تخيّل لصقة ذكية، رقيقة مثل جلدك، تراقب مؤشراتك الحيوية لحظة بلحظة، وتضم معالج ذكاء اصطناعياً داخلها يحلل بياناتك فوراً. إنها أشبه بحارس شخصي صحي، يطلق إنذاراً مبكراً قد ينقذك من نوبة قلبية، وكل ذلك من دون أن تغادر بياناتك جسدك".
ويضيف أن الفكرة لا تقتصر على الرعاية الصحية فحسب، بل تمتد إلى الملابس والأجهزة القابلة للارتداء:

"ستتحول ملابسنا إلى مدربين أذكياء، يحللون حركتنا ويصححون أداءنا الرياضي. إنها ثورة تجعل التقنية جزءاً من نسيج حياتنا اليومية، غير مرئية ولكن حاضرة في كل لحظة".

 

ثنائية المستقبل: قوة مركزية وذكاء شخصي

يختتم إسماعيل حديثه بالتأكيد أن "التكديس الثلاثي الأبعاد سيجعل الذكاء الاصطناعي المركزي في الخوادم أكثر سرعة وكفاءة، بينما ستجعل الرقائق المرنة الذكاء الاصطناعي الشخصي قريباً منا، بل على أجسادنا، مع الحفاظ الكامل على الخصوصية".

بهذا المعنى، يبدو أن العالم لا يودّع "قانون مور"، بل يشهد ولادة جديدة له، بحيث تتحول الإلكترونيات من مسطحة إلى عمودية، ومن صلبة إلى مرنة، ومن منفصلة عنّا إلى لصيقة بجلودنا، مستقبلٌ تتقاطع فيه ناطحات السحاب الإلكترونية مع الذكاء الاصطناعي القريب من القلب.

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/4/2025 6:56:00 PM
شقيق الضحية: "كان زوجها يمسك دبوسا ويغزها في فمها ولسانها كي لا تتمكن من تناول الطعام".
أوروبا 11/4/2025 7:39:00 PM
يبلغ من العمر 48 عاما ويعمل في شركة LNER منذ أكثر من 20 عاما.
اسرائيليات 11/5/2025 8:48:00 AM
وزير شؤون الشتات الإسرائيلي: انتخاب زهران ممداني عمدة لنيويورك حدث عالمي وليس أميركياً فقط
فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، ليصبح أول مسلم من جيل الألفية يتولى قيادة أكبر مدن الولايات المتحدة