علماء حاسوب يطوّرون أداة ذكاء اصطناعي لاكتشاف البنود القانونية الخطِرة في العقود
طوّر فريق من باحثي جامعة نيويورك أداةَ ذكاءٍ اصطناعي جديدة باسم ContractNerd، وتهدف إلى تحليل العقود القانونية وكشف البنود الغامضة أو غير القابلة للتنفيذ قانوناً — وهي مشكلة شائعة في عقود العمل والإيجار التي تُلزم الموظفين أو المستأجرين بشروط غير عادلة أو مبهمة.
غالباً ما تحتوي العقود على عبارات غير دقيقة مثل: "يجب على المستأجر تقديم إشعار خطي في وقت معقول قبل الإخلاء"، حيث تُعد كلمة "معقول" غير محددة... أو بنود مثل: "يوافق الموظف على عدم العمل في أي شركة داخل الولايات المتحدة مدة عامين بعد إنهاء خدمته"، وهذه جملة غير قانونية في معظم الولايات الأميركية التي تحظر اتفاقيات عدم المنافسة الواسعة.
تعتمد هذه الأداة على مصادر قانونية عدة، مثل Thomson Reuters Westlaw وJustia وAgile Legal، وتراعي القوانين المحلية في مدينتَي نيويورك وشيكاغو، وقد تفوّقت على مثيلاتها في دقة التنبؤ بالبُنود غير القابلة للتنفيذ، إلا أن المحامية بالاستئناف اللبناني مي محمود تخشى التوسع في الاستناد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي في القضايا القانونية، من عقود وغيرها، وتقول لـ "النهار" إن هذه الأدوات تفتقر إلى الفهم العميق للمبادئ القانونية المعقدة والنوايا المشروعة المتناسبة مع كل عقد، رغم قدراتها على معالجة كميات ضخمة من البيانات، "ناهيك باشتهار هذه الأدوات بإنتاج محتوى يبدو مقنعًا وواثقًا لكنه غير دقيق تمامًا".
فعلاً، فقد وجدت الدراسات أن بين 58 و82% من الاستجابات القانونية للذكاء الاصطناعي تحتوي على معلومات مختلقة، "وبالتالي، يمكن الأدوات أن تستشهد بأحكام قضائية أو تشريعات غير موجودة، أو تستند إلى قوانين مقترحة لم تُسن أبدًا. هذا يشكل خطرًا جسيمًا عند استخدامه في صوغ العقود الملزمة قانونًا"، كما تقول محمود، مضيفةً: " تعتمد أدوات صوغ العقود بالذكاء الاصطناعي غالبًا على نماذج معيارية وقوالب مسبقة، ما قد يُنتج عقوداً تفتقد التخصيص اللازم للظروف الفريدة للصفقة المحددة. وهذا يعني إغفالها بتوداً متعلقة بحقوق الملكية الفكرية والتعويضات أو الحلول البديلة للنزاعات، وهذا يؤدي إلى عمل قانوني مكلف في ما بعد أو حتى إلى التقاضي".

تعتمد أداة ContractNerd على نماذج لغوية ضخمة (LLMs) لتصنيف البنود في أربع فئات: البنود المفقودة، غير القابلة للتنفيذ، القانونية السليمة، وتلك القانونية لكن ذات المخاطر المتفاوتة، التي تُصنَّف بين عالية، متوسطة ومنخفضة الخطورة. وتُعد الأداة مرجعاً عملياً لكلٍّ من معدّي العقود والأطراف الموقّعة عليها لتجنّب النزاعات المحتملة. لكن هذا لا يطمئن المحامية محمود، إذ تقول: "قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي انحيازات موجودة في البيانات التي تم تدريبها عليها. وعند صوغ العقود، قد تظهر هذه الانحيازات في شروط غير عادلة أو لغة تمييزية"، وهنا تتضح مسؤولية المحامي المهنية. ففي تقرير صادر عن جنة الأخلاق المهنية في تكساس (رأي 705)، المحامي ملزم بفهم كيفية عمل الذكاء الاصطناعي وعدم الاعتماد عشوائياً على مخرجات الذكاء الاصطناعي، "وبالتالي لا غنى عن العنص البشري في صوغ العقود".
نبض