الجامعة في مواجهة امتحانها الأصعب: الذكاء الاصطناعي

الجامعات تواجه تحدي الذكاء الاصطناعي، فتتحول من امتحانات الحفظ إلى تقييم التفكير والمهارات التطبيقية.
الجامعة في مواجهة امتحانها الأصعب: الذكاء الاصطناعي
صورة تعبيرية.
Smaller Bigger

منذ دخول أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى فضاء التعليم، لم تعد الامتحانات التقليدية قادرة على أداء الدور الذي عاشت عليه لعقود. الجامعات اليوم أمام واقع جديد يفرض عليها إعادة التفكير في أساليب التقييم، بحيث يصبح التركيز على مهارات التفكير والتحليل بدلاً من الاكتفاء بقياس القدرة على الحفظ.

وفي حديثها لـ"النهار"، أوضحت بتول حسين صالح، مدربة معتمدة في التنمية الذاتية وخبيرة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أن الجامعات لم يعد بإمكانها تجاهل أثر هذه التحولات على التعليم العالي، مؤكدة أن الامتحان التقليدي لم يعد وحده كافيًا لتقدير الطالب أو قياس مستواه الحقيقي.

الامتحان التقليدي تحت المجهر

ترى صالح أن أدوات مثل "تشات جي بي تي" غيّرت مفهوم الامتحان بشكل جذري، إذ لم يعد مجديًا الاعتماد على أسئلة الحفظ والاسترجاع. وتشير إلى أن التحول الأبرز يتمثل في انتقال الجامعات نحو بدائل أكثر حيوية، مثل المناقشات الشفوية، المشاريع التطبيقية، والتقييمات الأدائية التي تضع الطالب أمام مواقف عملية ومعقدة. "اليوم لم يعد السؤال: ماذا تعرف؟ بل: ماذا تستطيع أن تفعل بما تعرفه؟"، تقول صالح.

الغش الأكاديمي أم دعم للتعلم؟

وحول الجدل المتصاعد بشأن موقع الذكاء الاصطناعي في التعليم، تشرح صالح أن الخط الفاصل بين الغش والاستخدام المشروع واضح: إذا ظل الطالب هو صاحب التفكير الأساسي وصانع العمل النهائي، كان الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة. أما إذا أصبح بديلاً عنه في التفكير والتعلم، فقد تحوّل إلى غش صريح. وتضيف: "الأمر أشبه بالفرق بين الطيار الذي يستخدم أجهزة ملاحية، والراكب الذي يترك القيادة بالكامل للآلة".

بدائل تعكس مهارات أعمق

تعتبر صالح أن التقييمات الجديدة يجب أن تركز على قياس العمليات الفكرية والأدائية، لا مجرد التلقين. وتشير إلى نماذج مثل العروض التقديمية، المناقشات المباشرة، أو الملفات التراكمية (Portfolio) التي تتيح تتبع تطور الطالب على المدى الطويل. هذه البدائل، برأيها، تجعل من التقييم الأكاديمي انعكاسًا لمهارات القرن الحادي والعشرين: التفكير النقدي، الإبداع، والقدرة على التطبيق العملي.

بين التجربة المهنية ورؤية الحلول

وتوضح صالح أن خبرتها العملية في التدريب والتطوير، ولا سيما من خلال عملها في منصة BS Training، جعلتها أكثر قربًا من التحديات التي تواجه الطلاب والأكاديميين معًا. فهي ترى أن دمج التعليم الأكاديمي مع التدريب على المهارات الحياتية والمهنية هو ما يمنح الطالب قيمة مضافة، ويجعله أكثر قدرة على التكيف مع تحولات سوق العمل.

التوازن بين التطوير والمصداقية

وتلفت إلى أن الجامعات اليوم مطالبة بتحقيق توازن صعب بين إدماج الذكاء الاصطناعي كوسيلة تطوير للتعليم، وبين حماية مصداقية الشهادات الأكاديمية. فالمطلوب أن يتحول التقييم إلى أداة تقيس القدرات الحقيقية للطالب، مع الحفاظ على المعايير التي تمنح الشهادة الجامعية قيمتها واعتبارها في سوق العمل.

 

صورة تعبيرية.
صورة تعبيرية.

 

 

التحديات في السياق العربي

وتؤكد صالح أن الجامعات العربية تواجه تحديات مضاعفة مقارنة بالجامعات الغربية، أبرزها فجوة الموارد، البنية التكنولوجية المحدودة، والعائق اللغوي. وتشدد على أن الحل لا يكمن في استنساخ التجارب الغربية، بل في ابتكار مقاربات محلية، مثل الاستثمار في تدريب الأساتذة وتنمية مهاراتهم، وربط البحث العلمي بحاجات الصناعة والمجتمع.

نحو تقييم يعكس المستقبل

في ختام حديثها، ترى صالح أن الجامعات لن تتمكن من مقاومة موجة الذكاء الاصطناعي، بل عليها تسخيرها لصالح بناء منظومات تقييم أكثر واقعية وإنصافًا. وتضيف: "القيمة اليوم لا تُقاس بما يحفظه الطالب من معلومات، بل بما يقدّمه من تفكير وتحليل وقدرة على تحويل المعرفة إلى حلول ملموسة".

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.