"تشات جي بي تي 5": من فهم السّياق إلى إتقان التّفاصيل

خالد الخطيب

أطلقت شركة "أوبن إيه آي" إصدارها الجديد "تشات جي بي تي 5" (GPT-5)، الذي يمثل خطوة كبيرة نحو تطوير الذكاء الاصطناعي مقارنة بالإصدارات السابقة مثل GPT-4. يتميز هذا الإصدار بتحسينات ملحوظة في القدرة على فهم المحادثات الطويلة واستيعابها، حيث يستطيع النموذج الآن متابعة حوارات تمت خلال أشهر أو حتى سنوات. هذه الميزة تعالج مشكلة "نسيان" المعلومات التي كانت تحدّ من فعالية الإصدارات السابقة، وتساعد في خلق تجربة تفاعلية أكثر انسيابية وواقعية للمستخدمين.

تحسينات في الدقة وتقليل الأخطاء
تُعد ظاهرة "الهلوسة"، التي تعني تقديم معلومات غير دقيقة أو الخروج عن السياق، من أبرز التحديات التي تواجه نماذج الذكاء الاصطناعي. مع GPT-5، تم تقليل هذه الظاهرة كثيراً، إذ أصبح النموذج يعترف عندما لا يمتلك إجابة بدلاً من تقديم معلومات خاطئة. هذه الميزة ترفع من مستوى الثقة في استخدامه، خاصة في المجالات التي تتطلب دقة عالية. كما أن الالتزام باللهجات المختلفة أثناء المحادثات الصوتية أصبح أفضل، حيث يحافظ النموذج على اللهجة المستخدمة دون تبديل مفاجئ، ما يجعل التفاعل أكثر طبيعية ويقرب التجربة من التواصل البشري الحقيقي.

تعزيز الخصوصية والأمان

ركزت "أوبن إيه آي" في هذا الإصدار على تعزيز خصوصية المستخدم، حيث أضاف GPT-5 طبقة حماية جديدة تمنع جمع معلومات شخصية غير ضرورية، ويكتفي فقط بالمعلومات الأساسية اللازمة لتنفيذ المهام. هذا يجعل المستخدم يشعر بأمان أكبر عند التفاعل مع النموذج. ومع ذلك، تحذر الشركة من مشاركة بيانات حساسة لأنها قد تُطلب قانونياً من الجهات الرسمية في حالات معينة، وهو ما يضع المستخدم في موقع الحذر والمسؤولية عند استخدامه.

سباق الذكاء الاصطناعي العام
وصف سام ألتمان، مؤسس "أوبن إيه آي" ، GPT-5 بأنه في مستوى طالب دكتوراه من حيث القدرات، لكنه لا يزال في مرحلة مبكرة مقارنة بما سيأتي في المستقبل من تطورات الذكاء الاصطناعي العام. يشهد السوق تنافساً محموماً بين عمالقة التكنولوجيا مثل "مايكروسوفت" و"غوغل"  و"أوبن إيه آي"، الذين يستثمرون مليارات الدولارات لاستقطاب أفضل الكفاءات وتسريع تقدمهم في هذا المجال الواعد.

يعد GPT-5 خطوة كبيرة نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً وأماناً، مع تحسينات مهمة في الفهم الدقيق للسياق والتفاعل الواقعي، بالإضافة إلى تعزيز الخصوصية. هذه التطورات تمهد الطريق لاستخدامات أوسع وأكثر تأثيراً للذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، وتفتح آفاقاً جديدة لمستقبل التكنولوجيا.