كشفت شركة "أوبن إيه آي"، الرائدة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها "تشات جي بي تي"، عن قيامها بإحباط محاولات اختراق إلكتروني نفذتها مجموعات قرصنة مرتبطة بدول مثل روسيا والصين وإيران. وقالت الشركة إنها عطّلت حسابات استخدمت أدواتها لأغراض خبيثة تهدد الأمن السيبراني العالمي.

وفي تقرير استخباراتي تقني اطلعت عليه "أوبن إيه آي"، تبيّن أن هذه الجماعات استغلت النماذج اللغوية لتطوير برمجيات ضارة، وتصحيح تعليمات برمجية خبيثة، وبناء بنى تحتية للتحكم عن بُعد، إضافة إلى نشر محتوى تضليلي على مواقع التواصل الاجتماعي.

نشاط روسي متطور تحت اسم "ScopeCreep"
من أبرز ما جاء في التقرير، رصد حملة إلكترونية نفذتها مجموعة روسية أطلقت عليها "أوبن إيه آي" اسم ScopeCreep، استخدمت نماذج الذكاء الاصطناعي لتحسين أدوات ضارة موجهة لأنظمة تشغيل Windows. كما استعانت بالنموذج لتصحيح أخطاء برمجية معقدة، وتطوير بنى تحكم للبرمجيات الخبيثة.

المجموعة اتبعت أسلوباً متطوراً في التمويه، من خلال إنشاء حسابات موقتة تُستخدم لمحادثة واحدة فقط، تُحذف بعدها مباشرة. هذا النمط، بحسب "أوبن إيه آي"، يعكس درجة عالية من الانضباط الأمني والحرص على سرية العمليات.

كما استخدمت الحملة أداة مزيفة تحمل اسم Crosshair X، تخفي بداخلها برمجيات خبيثة تقوم بتنفيذ عمليات مثل تصعيد الامتيازات، سرقة بيانات حساسة، وتجاوز أنظمة الدفاع الرقمي. واستخدم القراصنة تقنيات تشفير متقدمة، منها Base64، وأوامر PowerShell معدّلة، فضلاً عن بروكسيات SOCKS5 لإخفاء الهوية.

الهدف الرئيسي من هذه الأنشطة كان سرقة بيانات الدخول وملفات الكوكيز من المتصفحات، مع إرسال إشعارات فورية إلى قناة خاصة على "تلغرام" بمجرد اختراق أي جهاز جديد.

شعار أوبن إيه آي

أنشطة صينية وإيرانية: بين التجسس وأتمتة التأثير الرقمي
أما على الجانب الصيني، فقد أشار التقرير إلى مجموعات يُعتقد ارتباطها بمنصات هجومية مثل APT5 وAPT15، استخدمت تشات جي بي تي في جمع معلومات من مصادر مفتوحة (OSINT)، واستكشاف نقاط ضعف في أنظمة التشغيل، وتطوير أدوات لإدارة البنية التحتية، إضافة إلى تطبيقات خبيثة على نظام Android.

كما أورد التقرير استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في بناء أدوات لاختراق خوادم FTP، وتنفيذ حملات تضليل إعلامي على منصات مثل "فايسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك" من خلال حسابات وهمية تنشر محتوى مُضللاً ومنسقاً.

أما في إيران، فقد استخدمت مجموعات محلية النماذج اللغوية لإنتاج محتوى سياسي يخدم روايات معينة، ويتناول قضايا انفصالية بهدف التأثير في الرأي العام المحلي والدولي.

كوريا الشمالية وكمبوديا ضمن شبكة عالمية معقدة
وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى نشاط كوري شمالي تمثل في استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتزوير مستندات التوظيف بهدف التسلل إلى وظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات.

كما رُصد نشاط في الفلبين يتضمن نشر آلاف التعليقات ذات الطابع السياسي عبر شبكات التواصل، بينما تورطت شبكة مقرها كمبوديا، على صلة بجهات صينية، في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد رسائل توظيف مزيفة بعدة لغات، في محاولة للاحتيال على باحثين عن عمل في أنحاء مختلفة من العالم.

دعوات للرقابة والتعاون الدولي
في ختام تقريرها، شدّدت "أوبن إيه آي" على خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة سيبرانية متقدمة، لافتة إلى أن بعض هذه العمليات تُدار عبر هياكل احتيالية معقدة تهدف إلى جني أرباح من رسوم توظيف وهمية أو توجيه الرأي العام.

ودعت الشركة إلى تعزيز التعاون الدولي وتطوير الأطر الرقابية لحماية أدوات الذكاء الاصطناعي من سوء الاستخدام، خصوصاً في ظل تنامي قدرات الفاعلين غير الحكوميين في هذا المجال.