تكنولوجيا 24-09-2025 | 08:04

قرصنة الدماغ… أخطر ملفات الأمن السيبراني

التكنولوجيا العصبية تعد بآفاق علاجية متقدمة، لكنها تثير مخاطر قرصنة دماغية وتهديدات للخصوصية والأمن والأخلاق.
قرصنة الدماغ… أخطر ملفات الأمن السيبراني
صورة تعبيرية
Smaller Bigger

تشهد تقنيات التكنولوجيا العصبية (Neurotech) تطوراً متسارعاً، يفتح آفاقاً واسعة أمام الطب والعلوم؛ من مساعدة مرضى الشلل على التحكّم بالأجهزة، إلى تحسين جودة النوم، مروراً بدعم العلاجات النفسية. لكن هذا التقدم لا يخلو من مخاطر، إذ تثير الأجهزة المتصلة بالدماغ والإنترنت مخاوف متزايدة تتعلّق بالخصوصية وأمن البيانات وإمكانية استغلالها بطرق غير مشروعة.

وفي حديثه لـ"النهار"، أكد الدكتور إسلام محمد سرور، المستشار القانوني والاجتماعي والخبير في القانون الدولي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، أن هذه التقنيات تحمل بالفعل وعوداً علاجية مهمّة، لكنها في الوقت نفسه تطرح تحديات أمنية وأخلاقية بالغة التعقيد تستوجب الحذر والتنظيم.

 

يرى سرور أن أهمية هذه التكنولوجيا تكمن في دورها في مراقبة النشاط العصبي، واستعادة الحركة، وعلاج الأمراض العصبية، والمشاركة في العلاجات النفسية. لكن اعتمادها على تقنيات متقدمة لفك شيفرة اللغة العصبية، والتطورات التي تسعى إليها الشركات المطورة، قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة تتعلق بأمن البيانات والخصوصية. ويبرز هنا الخطر الأكبر: القرصنة الدماغية أو ما يُعرف علمياً بـ Brainjacking، وهو ما يستدعي تنظيماً قانونياً وأخلاقياً مناسباً.

 

ويشرح الخبير أن خطورة هذه التقنية تكمن في قدرتها على مراقبة عمل الخلايا العصبية واستجابتها للمؤثرات الحسية، بما يسمح بالتعرف على السلوك البشري أو التنبؤ به والتحكم به عبر البيانات التي تجمعها الأجهزة. وإذا جرى اختراقها، سواء أكانت خارجية أم مزروعة، فبالإمكان حينها تصوّر سيناريوين:

الأول يتمثل بتسريب بيانات شخصية دقيقة عن سلوك الفرد وحالته الصحية بما يفتح الباب أمام استغلالها ضده، والثاني أكثر خطورة، إذ يسمح بالتحكم المباشر بالجهاز وبث نبضات عصبية تغيّر الحالة النفسية للشخص وتوجّه ردود أفعاله، بل قد تدفعه إلى ارتكاب أفعال تحت تأثير هذا الاختراق.

وعن الجانب القانوني، يوضح سرور بأن بعض الدول التي سنت تشريعات لحماية البيانات الشخصية وجرّمت الدخول غير المشروع إلى الأجهزة والشبكات، وفّرت مظلة مبدئية للتعامل مع هذه التهديدات. فالمؤشرات العصبية والحسيّة تُعدّ بيانات شخصيّة يحميها القانون، وأيّ تسريب أو تلاعب بها من طرف المطوّر أو المصنّع يُعتبر جريمة. لكنّ الفجوة التنظيمية ما زالت قائمة، خصوصاً على المستوى الدولي حيث يفتقر العالم إلى إطار موحد للتعامل مع هذه البيانات.

 

 

 

صورة تعبيرية مولّدة بالذكاء الاصطناعي
صورة تعبيرية مولّدة بالذكاء الاصطناعي

 

ويشدّد سرور على أن مسؤولية الشركات المصنّعة أساسية في هذا السياق. فهي مطالبة منذ البداية بتبني أعلى معايير الحماية، من تشفير متقدّم وتحديثات أمنية دورية، إلى حوكمة صارمة لإجراءات الأمن السيبراني وخطط استجابة محكمة لأي محاولة لاختراق الأجهزة أو تسريب بياناتها. فالأجهزة العصبية، وفق ما يقول، ليست مجرّد أدوات صحية أو ترفيهية، بل خزائن مفتوحة تحتوي على أكثر ما يملكه الإنسان حساسية: دماغه.

 

أما على المستوى الأخلاقي، فيرى أن التحدّي لا يقتصر على مواجهة القراصنة، بل يمتد إلى منع الحكومات والشركات من استغلال هذه البيانات للمراقبة أو التلاعب بسلوك الأفراد من دون موافقة مسبقة. فالمخاطر الحقيقية تكمن في تحويل هذه التقنيات إلى أدوات للسيطرة على القرارات ومتابعة المواطنين، وهو ما يشكل تهديداً جوهرياً للخصوصية والحرية الفردية حتى مع وجود نصوص دستورية تحمي هذه الحقوق.

 

ويخلص سرور إلى أن المستقبل يحمل وعوداً كبرى لهذه التكنولوجيا في علاج الأمراض وتحسين نوعية الحياة، لكنه في الوقت نفسه يرسم ملامح تحديات أمنية وأخلاقية لا يمكن تجاهلها. وضمان أمن وسلامة هذه الأجهزة لن يكون مجرد خيار، بل شرطاً أساسياً لمستقبل يحترم كرامة الإنسان وحريته.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟