الإنترنت كساحة للحقوق

تكنولوجيا 16-09-2025 | 08:45

الإنترنت كساحة للحقوق

الحقوق الرقمية امتداد لحقوق الإنسان، تواجه قصورًا عربيًا ولبنانيًا، وتتطلب تشريعات، رقابة، وبنية متينة.
الإنترنت كساحة للحقوق
صورة تعبيرية.
Smaller Bigger

تتسارع التكنولوجيا بما يفوق قدرة التشريعات على مواكبتها، لتكشف عن واقع جديد يضع الإنسان أمام اختبار حقيقي لمدى حريته وحقه في الخصوصية داخل فضاء رقميّ مفتوح على احتمالات المراقبة والاختراق. في خضم هذا التحوّل، يبرز سؤال أساسيّ حول ما يُعرف بالحقوق الرقمية، وكيف يمكن حمايتها في ظلّ هذا التقدم المتسارع.

 

الحقوق الرقمية: امتداد طبيعي لحقوق الإنسان
الحقوق الرقمية امتداد طبيعي لحقوق الإنسان الأساسية، إذ تمنح الأفراد القدرة على التحكّم ببياناتهم الشخصية، وتضمن لهم استخدام الإنترنت من دون خوفٍ من المراقبة غير المشروعة أو الاستغلال التجاريّ. وهي تشمل كذلك الحق في الوصول العادل إلى المعلومات والمعرفة، وحرية التعبير على المنصات الرقمية، إضافة إلى الأمان السيبراني الذي يحمي المستخدمين من الهجمات والاختراقات. يشكّل هذا الإطار ضمانة لحفظ كرامة الإنسان، وموازنة بين الحرية والابتكار التكنولوجي.

واقع عربي متأرجح
خلال حديثها مع "النهار"، تشير الدكتورة فيولا مخزوم، الأستاذة الجامعية والباحثة في تكنولوجيا التربية والتعليم، ومديرة المركز الديمقراطي العربي في لبنان، إلى أن "الواقع العربي ما زال متأرجحاً بين الاعتراف القانوني والقصور العملي". بعض الدول أقرّت خطوات تشريعية في مجالات مثل المعاملات الإلكترونية أو حماية البيانات، لكنها تبقى جزئية غالباً، وتفتقر إلى مؤسسات مستقلة قادرة على التطبيق والمراقبة. ففي ما يخص الخصوصية، كثيراً ما تُمنح السلطات صلاحيات واسعة للمراقبة تحت شعار الأمن السيبراني، بينما تواجه حرية التعبير تضييقاً متنامياً مع استخدام قوانين الجرائم الإلكترونية لتجريم النقد والمعارضة. أما حماية البيانات، فما تزال بعيدة عن المعايير الدولية مثل GDPR، سواء لناحية وضوح حقوق المستخدم، أو آليات المساءلة.

 

الحالة اللبنانية: فجوة القانون وضعف البنية
في ما يتعلق بلبنان، تلاحظ مخزوم أنّ التحديات مضاعفة، إذ يجتمع القصور القانوني مع هشاشة تقنية واضحة، "فقانون المعاملات الإلكترونية الصادر في 2018 وضع بعض الأسس الأولية، لكنه لم يرتقِ إلى مستوى القانون الشامل لحماية البيانات، ولم ينصّ على إنشاء هيئة مستقلة بصلاحيات رقابية حقيقية. وبغياب هذه المرجعية، يبقى التنفيذ مرهونًا بجهات حكومية تعاني أساسًا من ضعف الموارد البشرية والتقنية"، كما تقول مخزوم.

تضيف: "إلى ذلك، البنية التحتية الرقمية في مجالات مثل الأمن السيبراني وإدارة قواعد البيانات هشة، وهذا يترك المؤسسات عرضة للاختراق والتسريب. وتزداد المشكلة مع محدودية الوعي الرقمي لدى المستخدمين والموظفين، الذين كثيرًا ما يتعاملون مع بيانات حساسة من دون إدراك مخاطر التخزين غير الآمن أو المشاركة العشوائية".

 

 

صورة تعبيرية مولّدة بالذكاء الاصطناعي
صورة تعبيرية مولّدة بالذكاء الاصطناعي

 

بحثاً عن معادلة متوازنة
ترى مخزوم أن تحقيق التوازن بين الأمن السيبراني وحماية الحريات الرقمية ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب إرادة سياسية وتشريعية جادة. فالخطوة الأولى، وفق رأيها، تبدأ بسنّ قوانين متكاملة لحماية البيانات والخصوصية، على أن تترافق مع إنشاء هيئة مستقلة ذات صلاحيات رقابية ومساءلة حقيقية، كما تشدد على ضرورة إخضاع سياسات المراقبة لمعايير الضرورة والتناسب، وبإشراف قضائي، حتى لا تتحول إلى أدوات لتقييد حرية التعبير.

من الناحية التقنية، تعزيز البنية التحتية السيبرانية واعتماد معايير مثل التشفير وتقليل جمع البيانات يُعتبران أمرين حيويين لحماية الأفراد من الهجمات الإلكترونية من دون التضحية بحقوقهم. مجتمعياً، تؤكد مخزوم أهمية نشر الوعي الرقمي، وبناء القدرات لدى الموظفين والقضاة والمواطنين، فذلك يضمن نجاح أي سياسة.

 

وتخلص إلى أنّ هذه الإصلاحات "لا بد من أن تتحقق من خلال شراكة ثلاثية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، فيُبنى الأمن السيبراني حينها على أسس ديموقراطية وشفافة، لا على منطق السيطرة وحده".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/11/2025 1:00:00 AM
كان يسافر على متن طائرة بوينغ خاصة قيمتها 60 مليون دولار...
المشرق-العربي 10/11/2025 1:12:00 PM
على الرغم من السرّية الشديدة التي تُحيط بمخبأ الأسد الخفي، تمكّن فريق الصحيفة الألمانية من دخول المبنى نفسه والتقوا هناك بوكيلة عقارات محلية عرّفت عن نفسها باسم مستعار هو ناتاشا.
كتاب النهار 10/11/2025 9:39:00 AM
لا إعمار قبل تسليم السلاح، حتى لو عطل بري إقرار موازنة ٢٠٢٦
لبنان 10/11/2025 6:42:00 AM
الغارات أدّت إلى سقوط ضحايا وجرحى بحسب المعلومات الأولية