يشهد لبنان مبادرات متنامية تهدف إلى دمج التكنولوجيا بالتعليم، وتعزيز مهارات الأفراد في مواجهة التحديات الرقمية، مع اهتمام خاص بالفئات الأكثر حاجة مثل الأطفال، الأهالي، وذوي الاحتياجات الخاصة. هذه الجهود، التي تجمع بين التدريب المهني والتعليم الرقمي، لا تكتفي بنقل المعرفة، بل تسعى إلى تمكين الأفراد من توظيف التكنولوجيا بوعي ومسؤولية.

وفي السياق وخلال مقابلتها مع "النهار"، أوضحت د. رنا حطيط، المديرة العامة لمعهد الرّنا التكنولوجي التربوي للتدريب المهني   (RTE) والناشطة في تمكين المرأة و الشباب،  أن المركز انطلق من رؤية متكاملة تهدف إلى تمكين الإنسان معرفياً ومهنياً عبر التكنولوجيا والتربية الحديثة، مع طموح مستمر لأن يكون مرجعاً إقليمياً ودولياً في التدريب النوعي المتكامل، الذي يجمع بين التقنيات الحديثة والأساليب التربوية الشمولية، لبناء مجتمعات متعلّمة، متماسكة، ومؤثرة.

ورغم الانطلاق من نقطة الصفر وسط تحديات مادية ومعنوية، أكدت أن روح التطوع والإيمان بقدرة التعليم على التغيير شكّلا أساس مسيرة المركز، وأن الرؤية ترتكز على:
• دمج التكنولوجيا بالتعليم لضمان تعلم تفاعلي وشامل.
• تعزيز الوصول المفتوح إلى المعرفة في المجتمعات ذات الموارد المحدودة.
• تمكين المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة من أدوات الثورة الرقمية.
• نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في المؤسسات التربوية والمجتمعية.

المبادرات المجانية القائمة
من بين البرامج التي يقدمها المركز مجانًا: سلسلة ورش المعلّم الرقمي، مختبر الروبوتات المجتمعي، أكاديمية الطفل المبدع، مبادرة "ذكاء اصطناعي للجميع"، منصة الموارد الرقمية العربية، وبرامج الدعم التعليمي في الطوارئ.

التركيز على الأطفال والأهالي
أشارت د. حطيط إلى أن الاهتمام بفئة الأطفال والأهالي نابع من إدراك أن الأسرة حجر الأساس في تشكيل وعي الأجيال. ومن هنا جاءت ورش حماية الأطفال على الإنترنت، التي تقدّم للأهل إرشادات عملية وأدوات حماية رقمية، إلى جانب أنشطة تفاعلية للأطفال لرفع وعيهم الرقمي، إضافة إلى برنامج "الطفل المبدع" الذي يدمج الترفيه بالتعليم لتنمية مهارات الأطفال، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، عبر أنشطة STEAM.

دمج الذكاء الاصطناعي في البرامج
تحدثت عن إدراج الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري في برامج المركز، من خلال ورش تعريفية للأطفال، جلسات توعية للأهالي حول أخلاقيات وأخطار هذه التقنية، تدريب المعلمين على أدوات AI التعليمية، وتطبيقات عملية لتوليد النصوص والصور وتحليل البيانات، بهدف نشر ثقافة رقمية واعية تفتح أمام المتعلمين آفاق الابتكار.

التوسّع والشراكات
أوضحت أن خطط المركز تشمل افتتاح فروع جديدة داخل لبنان، وبناء شراكات مع جمعيات تربوية وتنموية، مؤسسات دولية، وجامعات عربية، لإنتاج محتوى عربي مفتوح وتنظيم مؤتمرات وورش عمل إقليمية ودولية.

المبادرات المستقبلية
ذكرت مبادرات تكنولوجية مبتكرة قيد التخطيط، منها: مدرسة الذكاء الاصطناعي المصغّرة، مختبر تعليم آمن بالذكاء الاصطناعي، دورات no-code، تطبيق RTE التعليمي المجاني، منصة للأمهات المعلمات، برنامج كبار السن والتكنولوجيا، مبادرة "أنا أيضًا مبرمج"، نادي RTE الرقمي، وأكاديمية القادة الرقميين الناشئين. وعلى الصعيد التربوي: مركز دعم تربوي مجتمعي، مبادرة "المعلم الملهم"، برنامج الإرشاد التربوي والنفسي المجاني، أكاديمية "القراءة من أجل الحياة"، برنامج "رحلة المعلم الرقمي الشامل"، وورش الآباء المربين، ومبادرة "منهج حياة" لتعليم مهارات الحياة.

واختتمت د. رنا حطيط بالتأكيد أن نشر ثقافة الوعي الرقمي والذكاء الاصطناعي في المجتمعات العربية هو مشروع نهضوي لا ينجح إلا بتكاتف الجهود التربوية، التقنية، والأخلاقية، مشيرة إلى أن طموح المركز يمتد نحو بناء جيل من المتدربين والمدربين القادرين على صناعة التغيير بأنفسهم، ليكون RTE منصة عربية رائدة في مواجهة تحديات المستقبل وصناعة جيل رقمي واعٍ ومبدع.