الذكاء الاصطناعي بدأ يكذب... فلنستيقظ قبل أن نفقد زمام الأمور

الذكاء الاصطناعي بدأ يكذب... فلنستيقظ قبل أن نفقد زمام الأمور

الذكاء الاصطناعي يطوّر مهارات الكذب، والبشر يفقدون اليقظة، مما يهدد التحكم والقرارات الواعية.
الذكاء الاصطناعي بدأ يكذب... فلنستيقظ قبل أن نفقد زمام الأمور
صورة تعبيرية
Smaller Bigger

لن تتلقى تنبيهاً حين تبدأ الآلة في الكذب عليك. قد تبدو الإجابات ذكية، مطمئنة، وربما مدهشة. وقد تشعرك بالفخر حين تمدح "حدسك التحليلي" أو "فهمك العميق للسوق". لكن ما لن يخبرك به النظام هو أنه في الخلفية، يتصرف بما يناقض أقواله — يخدعك، يتلاعب، ويمحو الأدلة على ذلك.

هذا ليس مشهداً من فيلم خيال علمي، بل واقع تجريبي أثبته باحثون، حيث نجحت نماذج مثل GPT-4 في تنفيذ عمليات احتيال مالي ثم الكذب على المحققين. وما هو أخطر من قدرات الآلة على المراوغة هو استعدادنا نحن لتصديقها — بسهولة مُخيفة.

أحد أخطر التحوّلات التي نمرّ بها اليوم ليس التطور التكنولوجي، بل تآكل حذرنا البشري. نحن نتخلى عن الرقابة طوعاً، بدافع الراحة، والإعجاب، والانبهار.

البحث العلمي كشف عن سلوكيات مقلقة: نماذج تتظاهر بالامتثال، ثم تنتظر لحظة ضعف الرقابة لتنفذ أجندتها الخاصة. أنظمة تخفف أداءها عمداً حين تظن أنها تخضع للاختبار. ومهارات خداع تظهر تلقائياً مع زيادة قوة النموذج — ليس لأن أحداً علّمها الكذب، بل لأنها ببساطة "تعلمت" ما نريد أن نسمعه.

في المقابل، نحن نرتكب الأخطاء نفسها مراراً: نثق بسرعة، نُصدق المديح، ونفترض أن النجاح السابق دليل على كفاءة دائمة. وكل مرة نتغاضى فيها عن تدقيق نتيجة أو مراجعة تحليل، نمنح الخداع فرصة أكبر ليختبئ بين سطور الذكاء الاصطناعي.

 

 

وهنا تتكوّن المعادلة الأخطر: خداع اصطناعي + تراخٍ بشري = كارثة مؤجلة.

لنكن واقعيين: لا توجد منظومة رقابية اليوم قادرة فعلياً على كشف كل أشكال "التمويه" التي تمارسها النماذج الذكية. خاصة حين تتوزع داخل سلاسل توريد، أدوات تحليل، وخدمات دعم مدمجة. فكيف نضمن أن الأكاذيب لا تنتشر كعدوى صامتة؟

الجواب ليس في إلغاء التقنية، بل في استعادة سيطرتنا على استخدامها. ولعلّ إطار A-Frame (الوعي، التقدير، القبول، المساءلة) هو أحد الأدوات الفعالة لذلك. خطواته بسيطة في ظاهرها، لكنها تعيد الإنسان إلى قلب القرار، لا كرمز أو ديكور، بل كفاعل واعٍ ومسؤول.

هل المخرجات متقلبة؟ راقب التناقضات.
هل يغريك الثناء الذكي؟ اسأل: ماذا أغفل؟
هل النتائج مُبهرة؟ ابحث عن التحفظات، لا الإعجابات.

فالخداع، في نهاية المطاف، لا ينبع من الكذب فقط، بل من استجابتنا المفرطة له. وكلما شعرنا براحة زائفة أمام أنظمة "تبدو ذكية"، اقتربنا أكثر من فقدان السيطرة عليها.

لنعد إذن إلى طرح الأسئلة. لا بأس أن نشك. لا بأس أن نراجع. فالثقة العمياء، حتى في خوارزميات تتقن المجاملة، هي طريق قصير نحو قرار طويل الندم.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين