لندن - "النهار"

في خطوة تعيد تعريف تجربة المستخدم على منصة "فايسبوك"، أعلنت شركة "ميتا" عن إطلاق تبويب جديد تحت اسم "الأصدقاء" (Friends Tab)، ميزته أنه يُعيد تسليط الضوء على الهدف الأصلي للمنصة: إبقاء المستخدمين على اتصال وثيق بمن يعرفونهم شخصياً من أصدقاء وأفراد العائلة.

يأتي هذا التغيير بعد نقاشات جرت العام الماضي بين الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، مارك زوكربيرغ، وأحد أبرز مساعديه، توم أليسون، حول مستقبل الشبكات الاجتماعية واتجاهات التطوير. وقال أليسون في مقابلة صحافية إن زوكربيرغ، الذي أسس "فايسبوك" من غرفة نومه في سكن الجامعة وحوّله إلى شركة عملاقة بقيمة 1.5 تريليون دولار، كان يرغب في استعادة ما وصفه بـ"أجواء فايسبوك الأصلية" (OG Facebook vibes). فبعد سنوات من إضافة الميزات الجديدة، شعر التنفيذيون في الشركة بأن الوظائف الأساسية لفايسبوك بدأت تذوب في زحمة المحتوى والخصائص الإضافية.

العودة إلى الأصل

وأعلنت "ميتا" يوم الخميس عن تحديث بسيط لكنه ذو دلالة عميقة: تبويب "الأصدقاء" سيحلّ محل التبويب الذي كان يعرض طلبات الصداقة الجديدة أو الأصدقاء المقترحين، وسيتحول إلى خلاصة تحتوي فقط على منشورات الأصدقاء وأفراد العائلة. تشمل هذه المنشورات صوراً، قصص فيديو، منشورات نصية، إشعارات أعياد الميلاد، وطلبات الصداقة.

في الوقت الحالي، سيكون التبويب متاحاً فقط للمستخدمين في الولايات المتحدة وكندا.

وقال أليسون، الذي يشغل حالياً منصب رئيس تطبيق "فايسبوك": "فكرة وجود مكان مركزي لما يحدث مع أصدقائك كانت السحر الحقيقي في بدايات وسائل التواصل الاجتماعي. نحن نحرص على أن تظل هذه الميزة موجودة ضمن تجربة فايسبوك. إنها شيء لا ينبغي أن يضيع في زحمة وسائل التواصل الحديثة".

تحول في المشهد الاجتماعي

يمثل هذا التغيير خروجاً واضحاً عن مسار تطور وسائل التواصل الاجتماعي خلال العقد الأخير، حيث باتت تطبيقات مثل "تيك توك" تعوّد المستخدمين على مشاهدة محتوى من صانعي محتوى ومؤثرين لا يعرفونهم شخصياً. وتبعت شركات أخرى هذا النهج، من ضمنها "ميتا"، التي بدأت تعتمد بشكل أكبر على المحتوى المقترح بوساطة الذكاء الاصطناعي في "فايسبوك" و"إنستغرام"، وذلك لجذب المستخدمين وزيادة مدة بقائهم على المنصّة.

عليه، تحوّلت تجربة المستخدم إلى ما يشبه تجربة "التلفزيون"، حيث يستهلك الجمهور محتوى ترفيهياً مطولاً من قبل عدد محدود من المبدعين. لكن هذا التحول لم يكن مرحّبًا به لدى الجميع.

ردة فعل المستخدمين ودور الذكاء الاصطناعي

عندما أُطلق "فايسبوك" عام 2004، كان الغرض منه مساعدة طلاب الجامعات على التواصل مع أصدقائهم في داخل الحرم الجامعي. ومع نمو شعبيّته، أصبح وسيلة لتتبع أخبار الأصدقاء والعائلة. لكن قرار زوكربيرغ عام 2022 بإدراج محتوى مقترح من أشخاص لا يعرفهم المستخدمون أدى إلى استياء واسع، حيث اعتبر البعض أن المحتوى الذي اختاره الذكاء الاصطناعي غير متوافق مع طبيعة فايسبوك الأصلية.

ورغم الانتقادات، وقيام زوكربيرغ لاحقاً بتقليل كمية المحتوى المقترح، فإن "ميتا" لم تتراجع عن استراتيجيتها الجديدة، بل أصبح المحتوى المقترح من شركات ومؤثرين ومنشئي محتوى يشكّل الجزء الأكبر من تغذية المستخدمين في كلّ من "فايسبوك" و"إنستغرام". وتقول الشركة إن أدوات مثل "ريلز" (Reels) أسهمت في زيادة الوقت الذي يقضيه المستخدمون على المنصة.

تبويب الأصدقاء ليس بديلاً كاملاً

وأوضح أليسون في تصريحه بأن "ميتا" لا تخطط لإيقاف المحتوى المقترح، ولا تتوقع أن يتفوق تبويب الأصدقاء على الصفحة الرئيسية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في ترتيب المحتوى. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الشركة ستستمر في إدخال مزيد من التعديلات على "فايسبوك" خلال العام المقبل، في مسعى لإبقاء تجربة التواصل الاجتماعي "اجتماعية" بالفعل، على حدّ وصفه.

وختم أليسون بالقول: "هذا الأمر في صميم فايسبوك".