الجيل الخامس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: فرصة واعدة وسط تحديات كبيرة

بقيمة 50 مليار دولار، توفر تقنية الجيل الخامس "5G" فرصة اقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير "GSMA Intelligence"، من خلال تعزيز التقدم في قطاعات عدة. التقنية التي تعد من أحدث الابتكارات التكنولوجية وأهمها والتي تغير بشكل جذري مشهد الاتصالات حول العالم، من المتوقع أن تُحدث ثورة في العديد من القطاعات مثل الاتصالات، والصناعة، والصحة، والنقل، التعليم، الخدمات اللوجستية والتمويل. وفي حين أن تقنية "5G" تُحفز ابتكارات المدن الذكية في الكويت والإمارات وتُعزز الصناعات في السعودية، فإن دول شمال إفريقيا لاتزال تضع حجر الأساس.
من المتوقع أن تُساهم شبكة الجيل الخامس، التي تتميز بسرعات نظرية تصل إلى 100 مرة أسرع من الجيل الرابع وزمن استجابة قريب من الصفر، بأكثر من 13% من التأثير الاقتصادي الإجمالي لتقنيات الهاتف، والذي من المتوقع أن يصل إلى 360 مليار دولار بحلول نهاية العقد، وفقاً لـ"GSMA".
تصدّر مجلس التعاون الخليجي وتأخّر شمال إفريقيا
يُعد مجلس التعاون الخليجي من رواد تقنية الجيل الخامس في العالم. تحتل الكويت المرتبة الأولى والإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية على مؤشر "GSMA Intelligence" لتقنية الجيل الخامس لعام 2024، بينما تحتل قطر المرتبة الخامسة والسعودية المرتبة الثانية عشرة. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تُشكّل تقنية الجيل الخامس نسبة 50% من إجمال اتصالات الهاتف المحمول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والبالغة 439 مليون اتصال، وفقاً لـ"GSMA". ومن المفترض أن تصل تقنية الجيل الخامس إلى 95% من السكان بحلول نهاية العقد. ومن المتوقع أن تستثمر شركات الاتصالات في المنطقة 97 مليار دولار حتى عام 2030، مستهدفةً تحقيق إيرادات تبلغ 88 مليار دولار بنهاية العقد، ارتفاعاً من 66 مليار دولار في عام 2023.
تتأخر منطقة شمال إفريقيا عن الركب، إذ لا تزال شركات الاتصالات في المنطقة تُمهّد الطريق للانطلاق التجاري للتقنية. على سبيل المثال، أبرم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر "NTRA" في تشرين الأول-أكتوبر 2024 اتفاقاً مع كبرى شركات الاتصالات لتمنحها تراخيص لإطلاق خدمات الجيل الخامس لخدمة ثاني أكبر سوق للهواتف الذكية في المنطقة، والتي تضم 128 مليون مشترك.
فرصة الجيل الخامس تٌعرقلها التحديات
تتمثل أهمية تقنية "5G" في سرعتها الفائقة، وزمن الاستجابة المخفوض، والقدرة على الاتصال بعدد هائل من الأجهزة في وقت واحد. هذه المزايا تجعل من الجيل الخامس حلاً مثالياً لدعم التطبيقات المستقبلية مثل السيارات الذاتية القيادة، إنترنت الأشياء (IoT)، الذكاء الاصطناعي، والروبوتات. وبالنسبة الى المنطقة، يشكل نشر التقنية خطوة كبيرة نحو تعزيز الابتكار وزيادة القدرة التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي. ورغم التقدم الكبير في نشر التقنية، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجهها دول المنطقة في هذا المجال، مثل البنية التحتية، إذ يحتاج العديد من الدول إلى تحديث البنية التحتية لشبكات الاتصالات لتتناسب مع متطلبات الـ"5G"، بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة، سواء من حيث استثمارات الشبكة أو في الأجهزة المتوافقة مع التقنية. كما هي الحال مع أي تقنية جديدة، قد تكون شبكات الجيل الخامس أيضاً عرضة بشكل أوسع للتهديدات الأمنية، مثل القرصنة والهجمات الإلكترونية.
نشر تقنية الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية التكنولوجية والاقتصادية. ورغم التحديات التي قد تواجهها المنطقة، إلا أن الفرص التي توفرها هذه التقنية من شأنها أن تحفز الابتكار وتساهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق نقلة نوعية في مختلف القطاعات. فهل تتخيل ماذا يمكن أن يُحدث زمن استجابة معدوم في عالم الاتصالات وبالتالي كل القطاعات تقريباً؟