صدمة "ديبسيك"... هل يكون الذكاء الاصطناعي في خدمة السياسة؟



هزّ " ديبسيك" الصيني عرش الشركات الأميركية إلى أن وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه "جرس إنذار" في سيليكون فالي. تطبيق الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي وتطوّره شركة صينية ناشئة، احتلّ قوائم التنزيلات على متجر التطبيقات "آب ستور"، مثيراً دهشة السوق العالمية والمحللين والخبراء.
وعلى ضوء ذلك، شهدت أسهم "إنفيديا" وغيرها من أسهم الذكاء الاصطناعي عاصفة أدّت إلى خسارة نحو تريليون دولار من قيمة سوق الأسهم. وسجلت "وول ستريت" موجة بيع حادة لأسهم الرقائق والذكاء الاصطناعي، مع ظهور النموذج التنافسي "ديبسيك" بتكلفة أقل بكثير مقارنة بالمليارات التي ينفقها عمالقة وادي السيليكون.
هل يتحدث "ديبسيك" في المسائل "الحسّاسة"؟
مع أن أداءه، في كتابة شيفرات معقدة أو حل مسائل رياضية صعبة، قد أذهل الخبراء، حتّى إن سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" وصف النموذج "آر1" لـ"ديبسيك" بأنه "مذهل"، فإنه يمتثل للقيود نفسها مثل العديد من برامج الدردشة الآلية الصينية. وإذا سألته عن مواضيع حسّاسة، مثل الرئيس شي جينبينغ، فسيفضّل تجنّب الموضوع وسيقترح عليك "الحديث عن شيء آخر".
ففي ما يخصّ المواضيع الحسّاسة، يتقيّد النموذج بالنهج السياسي للنظام الشيوعي، ويجاهر بذلك عند توجيه أسئلة له في هذا الخصوص، إذ يبدو أن هناك رقابة على الإجابات حول الموضوعات الصينية الحساسة، وهي ممارسة شائعة في الرقابة على الإنترنت في الصين.
في عام 2023، أصدرت الصين لوائح تلزم الشركات بإجراء مراجعة أمنية والحصول على الموافقات قبل إطلاق منتجاتها علناً. ولهذا ليس من البعيد أن يشير "ديبسيك" إلى أنه مبرمج لتقديم إجابات تتماشى مع الموقف الصيني الرسمي.
يحبّذ نموذج الدردشة عدم الغوص في الحديث عن المسائل الجيوسياسية المعقّدة والحسّاسة، كمسألة جزيرة تايوان التي تطالب الصين بالسيادة عليها.
وعند سؤاله عنها، اعتبر أن "تايون جزء لا يتجزّأ من الصين" وبكين ملتزمة بهذه "القضيّة الكبرى"، وذهب أبعد من ذلك ليشير إلى أن جهود الاستقلال "محتّم عليها الفشل"، متحدثاً بعبارات عادةً ما تلجأ إليها الديبلوماسية الصينية.
هذه السياسة ليست مستغربة صراحةً، فهي امتداد منطقي لسياسات الدول التي تفرض رقابة صارمة على المحتوى الرقمي والإنترنت والشركات التكنولوجية. لكنّ اللافت هنا أن ما يميّز روبوت "ديبسيك" هو صراحته في الاعتراف بأن إجاباته تخضع لرقابة حكومية. هذه الشفافية المزعجة تكشف عن الحقيقة المرة وهي أن العديد من روبوتات الدردشة قد تكون مبرمجة لتقديم معلومات متحيزة أو مضللة، دون أن تعترف بذلك صراحةً.