تكنولوجيا
30-01-2025 | 07:00
تريليون دولار خسائر وول ستريت.. الصين ترد على حظر "تيك توك" بتطبيق "ديبسيك"
أصاب إطلاق الصين لتطبيق ديبسيك (DeepSeek) للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر وول ستريت بحالة من الذعر، وأفقدها خلال يوماً واحداً نحو التريليون دولار.

ديبسيك على متجر ابل
أصاب إطلاق الصين تطبيق "ديبسيك" (DeepSeek) للذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر "وول ستريت" بحالة من الذعر، وأفقدها خلال يوم واحد نحو تريليون دولار، رغم أن تكلفة تطوير "ديبسيك" أقل من 6 ملايين دولار مقارنة بما أنفقته الشركات الأميركية على تطوير نماذجها، والتي تراوح بين 100 مليون دولار ومليار دولار، فما سبب الذعر الذي أصاب "وول ستريت" وهزّ عرش عملاقة التكنولوجيا الأميركية التي تشكل 30 في المئة من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) عقب إطلاق "ديبسيك"، وهل ترد الصين على حظر "تيك توك" وإجبار أميركا لها على بيعه بهذا التطبيق المبتكر؟
تحذير خطير من ترامب
حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تطبيق "ديبسيك" (DeepSeek) الصيني قائلاً إن تكنولوجيا "ديبسيك" الناشئة الصينية بمثابة جرس إنذار، ويجب أن تعمل حافزاً للشركات الأميركية، مضيفاً في تصريحات خلال اجتماع بأعضاء مجلس النواب الجمهوريين في ميامي، أن "من الجيد أن تتوصل الشركات في الصين إلى طريقة أرخص وأسرع للذكاء الاصطناعي. "أرى ذلك إيجابياً، لأنك ستفعل ذلك أيضاً، لذلك لن تنفق الكثير، وستحصل على النتيجة نفسها، نأمل ذلك".
خسائر "وول ستريت" عقب إطلاق "ديبسيك"
انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 3 في المئة في ختام تداولات الاثنين، وهو أكبر انخفاض في ستة أسابيع، مما تركه ثابتاً تقريباً لهذا العام وقيمته أقل بنحو تريليون دولار عن الجمعة.
وشهدت شركة إنفيديا (Nvidia) أسوأ يوم لها منذ آذار (مارس) 2020 عندما ضرب وباء كوفيد – 19 العالم، إذ خسرت قرابة 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في أكبر خسارة في التاريخ.
وانخفضت أسعار أسهم شركات الطاقة رغم توقعات ارتفاعها بدعم من الطلب غير المسبوق على الذكاء الاصطناعي، بقيادة هبوط بنسبة 21 في المئة لشركة (Constellation Energy Corp).
ما هو "ديبسيك" (DeepSeek)
إن نموذج (Deepseek) نسخة V3، هو روبوت للذكاء الاصطناعي مجاني ومفتوح المصدر (مما يعني أن المطورين الخارجيين يمكنهم اقتراح التعديلات وتصحيح الأخطاء الموجودة فيه)، تم تطويره في شهرين فقط بتكلفة 5.6 ملايين دولار، أطلقته شركة "ديبسيك" (DeepSeek) الصينية الناشئة التي تأسست على يد ليانغ ونفنغ، رئيس صندوق التحوط الكمي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي "هاي فلاير" (High-Flyer) عام 2023 برأس مال يبلغ 10 ملايين يوان (نحو 1.4 مليون دولار).
ويتفوق نموذج "ديبسيك" الصيني للذكاء الاصطناعي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأميركية مثل شات جي بي تي (ChatGPT) وجيميناي (Gemini)، بأن تطويره كان أقل تكلفة (لا تتعدى 6 ملايين دولار)؛ نظراً الى استخدامه رقائق أقل عدداً وأقل تكلفة، وتدعم روبوت الدردشة الصيني بمزايا قريبة جداً من التي تقدمها التطبيقات الأميركية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
يقول أحمد عزام، المحلل المالي الأول في مجموعة "إكويتي"، في تصريحات لـ"النهار"، إنه يوم الاثنين، كانت "ديبسيك" مسؤولة إلى حد كبير عن انتزاع 590 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة صناعة الرقائق انفيديا (NVIDIA)، وتحريك أسواق العملات والسندات أيضاً. ولم تخسر أي شركة أخرى مثل هذا القدر من القيمة في يوم واحد. في الوقت الذي تتجه أسواق الأسهم الصينية إلى عطلة رأس السنة القمرية الجديدة في مزاج متفائل، على أساس الرأي القائل بأن بعض الشركات الصينية تقف للفوز من تكاليف الذكاء الاصطناعي الأرخص. يبدو أن التوقيت الصيني لم يكن محظ مصادفة أيضاً، إذ جاء بعد اجتماع رؤساء أكبر شركات الذكاء الاصطناعي في جبال الألب السويسرية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وأضاف عزام "يبدو أن ديبسيك جاءت لتعطي انطباعاً للمستثمرين أن أهم مواضيع السيطرة و هيمنة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة موضع نقاش حتى". وأن الإنفاق الأميركي على الذكاء الإصطناعي والاستيراد المرتفع التكلفة قد يبدو أنه ممكن أن يجد بديلا. وأن المخاوف بشأن المبالغة المحتملة في تقييم شركات الذكاء الاصطناعي أصبحت مبررة. بحيث أن قيمة انفاق ديبسيك هي 5.6 ملايين دولار، في المقابل توقعت أمازون انفاق 75 مليار دولار على البنية التحتية للتكنولوجيا، وميتا ستستثمر 65 مليار دولار، بينما مايكروسوفت ستنفق 80 مليار دولار على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي".
وتابع: "لذلك ستحتاج شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الى الاستمرار في تحقيق أرباح كما فعلت على مدار الـ24 شهراً الماضية لتبرير تلك التقييمات المرتفعة"، وعلى عكس تطبيق أوبن إيه آي (OpenAI) وغيرها من مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تحصل على التفاؤل التكنولوجي في الولايات المتحدة، لا يُعرف عن ديبسيك إلا القليل نسبياً، ولكن يبدو أنها تقوض اللاعبين المهيمنين على الذكاء الاصطناعي بالتأكيد".
"دييبسيك" انتقام صيني على الحظر الأميركي لـ"تيك توك"
ويشير الى أنه "يبدو أن "ديبسيك" ستكون بداية سريعة للحرب التجارية الأميركية - الصينية، ومن المرجح أن يؤدي التوتر إلى ارتفاع حدته، خصوصاً أن الولايات المتحدة ستعتبره مساساً بالأمن القومي وتهديداً له. ذلك سيكون بمثابة الفتيل الذي سيؤجج حرب التعريفات الجمركية المنتظرة. وحتى قد أعتبره رد فعل صينياً على الضغوط الأميركية لبيع تطبيق "تيك توك" الصيني لمصلحة الأذرع الأميركية، على حد قوله، وقد يلقى التطبيق الصيني ما لقيه "تيك توك" سابقاً من حظر في الولايات المتحدة بذريعة حماية بيانات المواطنين الأميركيين. ذلك سيكون نتيجته حماية الشركات التقنية الأميركية بعد إلغاء أمر بايدن التنفيذي، بشأن الذكاء الاصطناعي الذي أعاق قدرة القطاع الخاص على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال فرض سيطرة الحكومة على تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، في محاولة لتعزيز قيادة أميركا في مجال الذكاء الاصطناعي.
العالم يتنفس الصعداء ويتحرر من التكنولوجيا الأميركية
ويقول خالد أبوشادي، خبير تكنولوجيا المعلومات، لـ"النهار" إن "التكلفة المخفوضة والمزايا التنافسية لتطبيق ديب سيك الصيني تسببتا بهزة للشركات الأميركية حول قدرة الصين على تطوير تكنولوجيا متقدمة رغم العقوبات والوصول المحدود للرقائق المتطورة".
وفسر التراجع السريع لأسهم عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، قائلاً "إنها نتيجة طبيعية، لأن السوق يسير بسرعة نمو أسهم التكنولوجيا نفسها، لأن مؤشر العرض والطلب على المنتجات التكنولوجية عادة ما يكون سريعاً جداً ولحظياً. لذلك، شهدنا التأثير على أداء أسهم التكنولوجيا الأميركية لحظياً، رغم الارتفاع الذي شهده مؤشر ناسداك 100 بنسبة 92 في المئة منذ بداية عام 2023، مضيفاً أكثر من 14 تريليون دولار من القيمة، وحقق مليارات الدولارات لعدد قليل من المديرين التنفيذيين والمؤسسين في مجال التكنولوجيا.
وأضاف إن التطبيق الصيني للذكاء الاصطناعي "مجاني ومفتوح المصدر، وحقق أعلى مستوى من التنزيلات على متجري أبل ستور وبلاي ستور التابعين لنظام التشغيل أندرويد، رغم أن تطبيق شات جي بي تي لا يزال متفوقاً على تطبيق ديبسيك الصيني، نظراً الى التكنولوجيا المتطورة التي يستخدمها"، مضيفاً: "في النهاية كأن العالم يتنفس الصعداء ويتعلق بأي منتجات غير أميركية/غربية تحقق مصلحته".
وفي السياق نفسه يقول محمد السلايمة، مدير استثمار أول في آي كابيتال للاستثمار بالأردن، لـ"النهار" إن "من الطبيعي أن يشهد سوق التكنولوجيا الأميركي عمليات تصحيح خلال عام 2025 وأن تتم غربلة لشركات الذكاء الاصطناعي، قائلاً: "هذا العام قد نرى أن الأسواق سوف تقلل من ضوضاء الذكاء
الاصطناعي لترسم صورة أكثر واقعية لهذه التكنولوجيا"، متوقعاً أن يوفر عام 2025 تحديات وفرصًا مختلفة للمستثمرين في هذا المجال، وأن نرى تراجعا في تأمين التمويل السهل للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي".
ويرى "أن تكون المشروعات الفائزة هي تلك التي تتم إدارتها بحكمة وصبر من أجل البقاء في مواجهة تقلبات السوق والاستفادة من الاتجاه الإيجابي الطويل الأجل، خصوصاً أننا في خضم ثورة، "تماماً كما غير المحركات البخارية العالم في القرن الثامن عشر، بحيث تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي حالياً على تغيير وجه العمل واقتصاداتنا ومجتمعنا الذي نعرفه".
وبسؤاله عما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيواصل النمو أم سنشهد فقاعة مشابهة لفقاعة "الدوت كوم"، قال السلايمة إن "فقاعة الدوت كوم أواخر تسعينات القرن العشرين، اجتذبت استثمارات ضخمة، لكن العديد منها فشل لأسباب عدة، منها نماذج أعمال غير مستدامة أو توقيت غير مناسب. الآن، في عصر الذكاء الاصطناعي، قد تبدو الأمور كأنها تسير في اتجاه مشابه، لكن مع اختلافات جوهرية قد تجعلنا نتساءل: هل نحن أمام فقاعة جديدة سوف ستنفجر في النهاية أم موجة تحول اقتصادي عميقة؟".
وأضاف: "سوق الذكاء الاصطناعي شهد نمواً هائلاً في السنوات الأخيرة، إذ حققت شركات مثل إنفيديا (NVIDIA) قفزات نوعية في عام 2024، كما تواصل شركات ناشئة مثل (OpenAI) و (Databricks) استقطاب استثمارات بمليارات الدولارات. ومع ذلك، هناك تحذيرات من احتمال تشابه هذه الطفرة مع فقاعة الدوت كوم، بحيث قد يكون النمو الحالي مدفوعاً بالضجيج أكثر من الواقع".
وفسّر أسباب تراجع أسهم شركات التكنولوجيا خلال عام 2025 بأربعة عوامل هي:
١- "التقييمات المبالغ فيها: شهد بعض الشركات، مثل NVIDIA، زيادات كبيرة في قيمتها السوقية، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذه التقييمات (لكنها قد تكون مبررة في كثير من الحالات لصعوبة تقييم نمو هذا القطاع الجديد).
٢- تباطؤ تبني التكولوجيا: أظهرت تقارير أن نصف الشركات لا تستخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة فعالة، مما قد يبطئ من تأثيره الاقتصادي.
٣- المخاوف الأخلاقية والتنظيمية: مع زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، تبرز قضايا تتعلق بالخصوصية، الشفافية، والتأثير على الوظائف، مما قد يعرقل التوسع السريع.
٤- المنافسة الشرسة والحروب التجارية وسياسات حظر التكنولوجيا: شهد العام الماضي قيوداً أميركية على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الى دول مثل الصين، مما أثر سلبا على حجم مبيعات شركات عملاقة مثل Nivida، وكذلك أثر على مشاريع البنية التحتية للعديد من الشركات العالمية مثل "علي بابا".
ورغم ما تعرضت له أسهم التكنولوجيا من خسائر عقب طرح تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek)، إلا أن مدير الاستثمار الأول في "آي كابيتال للاستثمار" في الأردن يرى "أن الذكاء الاصطناعي يمتلك إمكانات هائلة لإعادة تشكيل العالم. ومن غير المستغرب أن يمر السوق بمرحلة تصحيح خلال عام 2025، إذ ستتراجع الشركات غير المستدامة وتبقى الشركات الأكثر قدرة على الابتكار والتكيف. تماماً كما شهدنا مع أمازون وغوغل بعد فقاعة الدوت كوم، فإن الشركات الناجحة في هذا المجال ستكون هي القوى المسيطرة على الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة".
ويحذّر خالد أبو شادي، الخبير في التكنولوجيا في تعليق لـ"النهار"، من "أن أسهم شركات التكنولوجيا تعاني من تضخم وتسعير غير عادل"، لكنه يؤكد "أن السوق بشكل أو بآخر سيصحح نفسه".
أما في ما يتعلق باستثمارات شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأبل وميتا، فيرى أن "كل شركة تنفق ملايين أو مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي، سيرد لها ذلك بصورة إيرادات وأرباح مستقبلاً"، لأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل.
تحذير خطير من ترامب
حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تطبيق "ديبسيك" (DeepSeek) الصيني قائلاً إن تكنولوجيا "ديبسيك" الناشئة الصينية بمثابة جرس إنذار، ويجب أن تعمل حافزاً للشركات الأميركية، مضيفاً في تصريحات خلال اجتماع بأعضاء مجلس النواب الجمهوريين في ميامي، أن "من الجيد أن تتوصل الشركات في الصين إلى طريقة أرخص وأسرع للذكاء الاصطناعي. "أرى ذلك إيجابياً، لأنك ستفعل ذلك أيضاً، لذلك لن تنفق الكثير، وستحصل على النتيجة نفسها، نأمل ذلك".
خسائر "وول ستريت" عقب إطلاق "ديبسيك"
انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 3 في المئة في ختام تداولات الاثنين، وهو أكبر انخفاض في ستة أسابيع، مما تركه ثابتاً تقريباً لهذا العام وقيمته أقل بنحو تريليون دولار عن الجمعة.
وشهدت شركة إنفيديا (Nvidia) أسوأ يوم لها منذ آذار (مارس) 2020 عندما ضرب وباء كوفيد – 19 العالم، إذ خسرت قرابة 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في أكبر خسارة في التاريخ.
وانخفضت أسعار أسهم شركات الطاقة رغم توقعات ارتفاعها بدعم من الطلب غير المسبوق على الذكاء الاصطناعي، بقيادة هبوط بنسبة 21 في المئة لشركة (Constellation Energy Corp).
ما هو "ديبسيك" (DeepSeek)
إن نموذج (Deepseek) نسخة V3، هو روبوت للذكاء الاصطناعي مجاني ومفتوح المصدر (مما يعني أن المطورين الخارجيين يمكنهم اقتراح التعديلات وتصحيح الأخطاء الموجودة فيه)، تم تطويره في شهرين فقط بتكلفة 5.6 ملايين دولار، أطلقته شركة "ديبسيك" (DeepSeek) الصينية الناشئة التي تأسست على يد ليانغ ونفنغ، رئيس صندوق التحوط الكمي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي "هاي فلاير" (High-Flyer) عام 2023 برأس مال يبلغ 10 ملايين يوان (نحو 1.4 مليون دولار).
ويتفوق نموذج "ديبسيك" الصيني للذكاء الاصطناعي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأميركية مثل شات جي بي تي (ChatGPT) وجيميناي (Gemini)، بأن تطويره كان أقل تكلفة (لا تتعدى 6 ملايين دولار)؛ نظراً الى استخدامه رقائق أقل عدداً وأقل تكلفة، وتدعم روبوت الدردشة الصيني بمزايا قريبة جداً من التي تقدمها التطبيقات الأميركية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
يقول أحمد عزام، المحلل المالي الأول في مجموعة "إكويتي"، في تصريحات لـ"النهار"، إنه يوم الاثنين، كانت "ديبسيك" مسؤولة إلى حد كبير عن انتزاع 590 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة صناعة الرقائق انفيديا (NVIDIA)، وتحريك أسواق العملات والسندات أيضاً. ولم تخسر أي شركة أخرى مثل هذا القدر من القيمة في يوم واحد. في الوقت الذي تتجه أسواق الأسهم الصينية إلى عطلة رأس السنة القمرية الجديدة في مزاج متفائل، على أساس الرأي القائل بأن بعض الشركات الصينية تقف للفوز من تكاليف الذكاء الاصطناعي الأرخص. يبدو أن التوقيت الصيني لم يكن محظ مصادفة أيضاً، إذ جاء بعد اجتماع رؤساء أكبر شركات الذكاء الاصطناعي في جبال الألب السويسرية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وأضاف عزام "يبدو أن ديبسيك جاءت لتعطي انطباعاً للمستثمرين أن أهم مواضيع السيطرة و هيمنة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة موضع نقاش حتى". وأن الإنفاق الأميركي على الذكاء الإصطناعي والاستيراد المرتفع التكلفة قد يبدو أنه ممكن أن يجد بديلا. وأن المخاوف بشأن المبالغة المحتملة في تقييم شركات الذكاء الاصطناعي أصبحت مبررة. بحيث أن قيمة انفاق ديبسيك هي 5.6 ملايين دولار، في المقابل توقعت أمازون انفاق 75 مليار دولار على البنية التحتية للتكنولوجيا، وميتا ستستثمر 65 مليار دولار، بينما مايكروسوفت ستنفق 80 مليار دولار على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي".
وتابع: "لذلك ستحتاج شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الى الاستمرار في تحقيق أرباح كما فعلت على مدار الـ24 شهراً الماضية لتبرير تلك التقييمات المرتفعة"، وعلى عكس تطبيق أوبن إيه آي (OpenAI) وغيرها من مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تحصل على التفاؤل التكنولوجي في الولايات المتحدة، لا يُعرف عن ديبسيك إلا القليل نسبياً، ولكن يبدو أنها تقوض اللاعبين المهيمنين على الذكاء الاصطناعي بالتأكيد".
"دييبسيك" انتقام صيني على الحظر الأميركي لـ"تيك توك"
ويشير الى أنه "يبدو أن "ديبسيك" ستكون بداية سريعة للحرب التجارية الأميركية - الصينية، ومن المرجح أن يؤدي التوتر إلى ارتفاع حدته، خصوصاً أن الولايات المتحدة ستعتبره مساساً بالأمن القومي وتهديداً له. ذلك سيكون بمثابة الفتيل الذي سيؤجج حرب التعريفات الجمركية المنتظرة. وحتى قد أعتبره رد فعل صينياً على الضغوط الأميركية لبيع تطبيق "تيك توك" الصيني لمصلحة الأذرع الأميركية، على حد قوله، وقد يلقى التطبيق الصيني ما لقيه "تيك توك" سابقاً من حظر في الولايات المتحدة بذريعة حماية بيانات المواطنين الأميركيين. ذلك سيكون نتيجته حماية الشركات التقنية الأميركية بعد إلغاء أمر بايدن التنفيذي، بشأن الذكاء الاصطناعي الذي أعاق قدرة القطاع الخاص على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال فرض سيطرة الحكومة على تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، في محاولة لتعزيز قيادة أميركا في مجال الذكاء الاصطناعي.
العالم يتنفس الصعداء ويتحرر من التكنولوجيا الأميركية
ويقول خالد أبوشادي، خبير تكنولوجيا المعلومات، لـ"النهار" إن "التكلفة المخفوضة والمزايا التنافسية لتطبيق ديب سيك الصيني تسببتا بهزة للشركات الأميركية حول قدرة الصين على تطوير تكنولوجيا متقدمة رغم العقوبات والوصول المحدود للرقائق المتطورة".
وفسر التراجع السريع لأسهم عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، قائلاً "إنها نتيجة طبيعية، لأن السوق يسير بسرعة نمو أسهم التكنولوجيا نفسها، لأن مؤشر العرض والطلب على المنتجات التكنولوجية عادة ما يكون سريعاً جداً ولحظياً. لذلك، شهدنا التأثير على أداء أسهم التكنولوجيا الأميركية لحظياً، رغم الارتفاع الذي شهده مؤشر ناسداك 100 بنسبة 92 في المئة منذ بداية عام 2023، مضيفاً أكثر من 14 تريليون دولار من القيمة، وحقق مليارات الدولارات لعدد قليل من المديرين التنفيذيين والمؤسسين في مجال التكنولوجيا.
وأضاف إن التطبيق الصيني للذكاء الاصطناعي "مجاني ومفتوح المصدر، وحقق أعلى مستوى من التنزيلات على متجري أبل ستور وبلاي ستور التابعين لنظام التشغيل أندرويد، رغم أن تطبيق شات جي بي تي لا يزال متفوقاً على تطبيق ديبسيك الصيني، نظراً الى التكنولوجيا المتطورة التي يستخدمها"، مضيفاً: "في النهاية كأن العالم يتنفس الصعداء ويتعلق بأي منتجات غير أميركية/غربية تحقق مصلحته".
وفي السياق نفسه يقول محمد السلايمة، مدير استثمار أول في آي كابيتال للاستثمار بالأردن، لـ"النهار" إن "من الطبيعي أن يشهد سوق التكنولوجيا الأميركي عمليات تصحيح خلال عام 2025 وأن تتم غربلة لشركات الذكاء الاصطناعي، قائلاً: "هذا العام قد نرى أن الأسواق سوف تقلل من ضوضاء الذكاء
الاصطناعي لترسم صورة أكثر واقعية لهذه التكنولوجيا"، متوقعاً أن يوفر عام 2025 تحديات وفرصًا مختلفة للمستثمرين في هذا المجال، وأن نرى تراجعا في تأمين التمويل السهل للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي".
ويرى "أن تكون المشروعات الفائزة هي تلك التي تتم إدارتها بحكمة وصبر من أجل البقاء في مواجهة تقلبات السوق والاستفادة من الاتجاه الإيجابي الطويل الأجل، خصوصاً أننا في خضم ثورة، "تماماً كما غير المحركات البخارية العالم في القرن الثامن عشر، بحيث تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي حالياً على تغيير وجه العمل واقتصاداتنا ومجتمعنا الذي نعرفه".
وبسؤاله عما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيواصل النمو أم سنشهد فقاعة مشابهة لفقاعة "الدوت كوم"، قال السلايمة إن "فقاعة الدوت كوم أواخر تسعينات القرن العشرين، اجتذبت استثمارات ضخمة، لكن العديد منها فشل لأسباب عدة، منها نماذج أعمال غير مستدامة أو توقيت غير مناسب. الآن، في عصر الذكاء الاصطناعي، قد تبدو الأمور كأنها تسير في اتجاه مشابه، لكن مع اختلافات جوهرية قد تجعلنا نتساءل: هل نحن أمام فقاعة جديدة سوف ستنفجر في النهاية أم موجة تحول اقتصادي عميقة؟".
وأضاف: "سوق الذكاء الاصطناعي شهد نمواً هائلاً في السنوات الأخيرة، إذ حققت شركات مثل إنفيديا (NVIDIA) قفزات نوعية في عام 2024، كما تواصل شركات ناشئة مثل (OpenAI) و (Databricks) استقطاب استثمارات بمليارات الدولارات. ومع ذلك، هناك تحذيرات من احتمال تشابه هذه الطفرة مع فقاعة الدوت كوم، بحيث قد يكون النمو الحالي مدفوعاً بالضجيج أكثر من الواقع".
وفسّر أسباب تراجع أسهم شركات التكنولوجيا خلال عام 2025 بأربعة عوامل هي:
١- "التقييمات المبالغ فيها: شهد بعض الشركات، مثل NVIDIA، زيادات كبيرة في قيمتها السوقية، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذه التقييمات (لكنها قد تكون مبررة في كثير من الحالات لصعوبة تقييم نمو هذا القطاع الجديد).
٢- تباطؤ تبني التكولوجيا: أظهرت تقارير أن نصف الشركات لا تستخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة فعالة، مما قد يبطئ من تأثيره الاقتصادي.
٣- المخاوف الأخلاقية والتنظيمية: مع زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، تبرز قضايا تتعلق بالخصوصية، الشفافية، والتأثير على الوظائف، مما قد يعرقل التوسع السريع.
٤- المنافسة الشرسة والحروب التجارية وسياسات حظر التكنولوجيا: شهد العام الماضي قيوداً أميركية على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الى دول مثل الصين، مما أثر سلبا على حجم مبيعات شركات عملاقة مثل Nivida، وكذلك أثر على مشاريع البنية التحتية للعديد من الشركات العالمية مثل "علي بابا".
ورغم ما تعرضت له أسهم التكنولوجيا من خسائر عقب طرح تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek)، إلا أن مدير الاستثمار الأول في "آي كابيتال للاستثمار" في الأردن يرى "أن الذكاء الاصطناعي يمتلك إمكانات هائلة لإعادة تشكيل العالم. ومن غير المستغرب أن يمر السوق بمرحلة تصحيح خلال عام 2025، إذ ستتراجع الشركات غير المستدامة وتبقى الشركات الأكثر قدرة على الابتكار والتكيف. تماماً كما شهدنا مع أمازون وغوغل بعد فقاعة الدوت كوم، فإن الشركات الناجحة في هذا المجال ستكون هي القوى المسيطرة على الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة".
ويحذّر خالد أبو شادي، الخبير في التكنولوجيا في تعليق لـ"النهار"، من "أن أسهم شركات التكنولوجيا تعاني من تضخم وتسعير غير عادل"، لكنه يؤكد "أن السوق بشكل أو بآخر سيصحح نفسه".
أما في ما يتعلق باستثمارات شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأبل وميتا، فيرى أن "كل شركة تنفق ملايين أو مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي، سيرد لها ذلك بصورة إيرادات وأرباح مستقبلاً"، لأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال
10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق
10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.
سياسة
10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا