هل يجتاح الذّكاء الاصطناعي التّعليم؟

تكنولوجيا 24-12-2024 | 07:02

هل يجتاح الذّكاء الاصطناعي التّعليم؟

دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يعزز التجارب التفاعلية، التعلّم الشخصي، والتكيف مع احتياجات المستقبل.
هل يجتاح الذّكاء الاصطناعي التّعليم؟
صورة تعبيرية
Smaller Bigger

يشهد العالم تحولات جذرية في شتى المجالات بفضل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يجعل دمجه في المناهج التعليمية ضرورة ملحة لمواكبة هذه الثورة التكنولوجية. تعليم الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على معرفة تشغيل التطبيقات الذكية، بل يشمل فهم أساسيات البرمجة، التعلم الآلي، وتحليل البيانات، ما يتيح للطلاب التأقلم مع متطلبات سوق العمل المستقبلية والمساهمة في بناء مجتمع معرفي.

في هذا السياق، حاورت "النهار" الدكتور نزار المهتار، الأستاذ المساعد في قسم التربية بجامعة "هايكازيان" اللبنانية، حول رؤيته لإدماج الذكاء الاصطناعي في المناهج، وتأثير ذلك في مستقبل التعليم.

 

كيف ترى مستقبل دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية؟
يرى الدكتور المهتار أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم سيُحدث تحولاً جذرياً في هذا المجال، قائلاً:

"يُتوقع أن يقدم الذكاء الاصطناعي تجارب تعلم مخصصة تتكيف مع احتياجات الطلاب الفردية، ويُسهّل المهام الإدارية، ويعزز بيئات التعلم التفاعلية التي تركز على الطالب. كما يتحدى الذكاء الاصطناعي أساليب التعليم والتعلم التقليدية، ما يدفع المعلمين والمؤسسات إلى إعادة التفكير في القيم والمعتقدات والأساليب التربوية والبيداغوجية القائمة".

وأشار إلى أن المنصات التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي تمكّن التعلم التحويلي الذي يشجع على التفكير النقدي والتفاعل مع المحتوى بطرق جديدة.

وأضاف:"يتطلب الذكاء الاصطناعي تحولاً في نماذج التقييم، حيث يقدم أساليب ديناميكية ومرنة مع معالجة المخاوف الأخلاقية مثل التحيز وخصوصية البيانات. كما يتم إعادة تعريف أدوار المعلمين والطلاب؛ حيث يصبح المعلمون ميسّرين ومرشدين، بينما يُمكّن الطلاب من أن يكونوا مشاركين نشطين في رحلاتهم التعليمية".
وشدد على أهمية التصاميم التعليمية التي تجمع بين الأساليب التقليدية والمبتكرة، قائلاً:
"يجب على المؤسسات تحقيق توازن بين الممارسات التعليمية التي يقودها العنصر البشري وتلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والاستثمار في برامج تطوير مهني لتعزيز فهم المعلمين لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التربوية، ومعالجة التحديات مثل التكلفة والبنية التحتية التقنية واستعداد المعلمين".

 

هل تتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل أساليب التدريس التقليدية؟
نفى المهتار فكرة استبدال الذكاء الاصطناعي للأساليب التقليدية، موضحاً:
"من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي محل أساليب التدريس التقليدية بالكامل؛ بل سيعمل على تكاملها وتعزيزها. يتطلب المشهد التعليمي المتطور دمجاً مدروساً للذكاء الاصطناعي في الممارسات التعليمية-التعلمية تستثمر في تضافر الإيجابيات المرتبطة بكل الأساليب التربوية الناجعة".

وأشار إلى أهمية إعادة التفكير في نماذج التقييم التعليمية قائلاً:
"يتطلب التصميم البيداغوجي إعادة التفكير الشامل في نماذج التقييم، والانتقال نحو أساليب مرنة تعتمد على الكفايات، بما يعكس الطبيعة الديناميكية للتعلم المدعوم بالذكاء الاصطناعي".

 

ما هي توقعاتك لعام 2025 وما بعده؟
تحدث الدكتور المهتار عن مستقبل الذكاء الاصطناعي في التعليم قائلاً:
"ستصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من التعليم والتعلم، حيث ستستخدم في عدد من المواضع كمعلم وتوفر فرصاً تحوّلية لكل من الطلاب والمعلمين. كما ستسمح هذه الأنظمة بتقديم تغذية راجعة فورية، وخلق مسارات تعلم تكيفية وشخصية، ودمج المعرفة المتعددة التخصصات، ما يعزز تجربة تعلمية أكثر شمولاً وثراءً لكثير من المتعلمين".

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في معالجة الفجوات التعلمية العالمية:
"سيتيح الذكاء الاصطناعي الوصول إلى موارد عالية الجودة، لا سيما في المناطق المحرومة. ومع ذلك، فإن دمجه يتطلب إطاراً قوياً لمواجهة التحديات الأخلاقية، مثل سوء الاستخدام، والتحيز، وخصوصية البيانات".

وشدد على دور الجامعات قائلاً:
"من الضروري أن تلعب الجامعات دوراً محورياً في توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي استخداماً مسؤولاً من خلال إشراك أصحاب المصلحة المتنوعين في عمليات صنع القرار وتطوير سياسات متقدمة".

 

برأيك، هل أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من المناهج الدراسية؟
أجاب المهتار بحزم:
"نعم، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً لا غنى عنه في المناهج الدراسية الحديثة. تماماً كما كانت البرمجة وأنظمة مثل ويندوز أساسية لتحقيق المعرفة الرقمية في الماضي، أصبحت مهارات الذكاء الاصطناعي الآن ضرورية لفهم العصر الرقمي والتعامل معه".

وأكد أهمية تصميم المناهج الدراسية وفق نهج يعتمد على الكفايات، مضيفاً:
"سيُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً في تصميم المناهج، ما يتيح إنشاء مسارات تعليمية مرنة وقابلة للتكييف بما يلبي احتياجات ومسارات التعلم المتنوعة ويخدم فرص التعلم مدى الحياة. يجب تصميم المناهج بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الرابع الخاص بالتعليم والتعلم، والخطط الاستراتيجية للتعليم 2030".

 

كيف يمكن أن يسهم تعليم الطلاب مبادئ الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في تعزيز جاهزيتهم لسوق العمل؟


اختتم المهتار الحوار بالإشارة إلى أهمية تعليم الذكاء الاصطناعي قائلاً:
"يُزوّد تعليم الطلاب مبادئ الذكاء الاصطناعي مهارات أساسية تمكنهم من النجاح في عالم يعتمد اعتماداً كبيراً على التكنولوجيا. تساهم معرفة الذكاء الاصطناعي في تنمية التفكير الحسابي، والإبداع، وفهم عميق لتحليل البيانات، وهي مهارات مطلوبة بتزايد في مجالات مثل الرعاية الصحية، والتمويل، والتعليم، وعلوم البيئة".

وشدد على أهمية إنشاء شراكات بين الجامعات وقطاعات العمل المختلفة لتطوير مناهج جامعية موجهة نحو الكفايات المطلوبة لسوق العمل. وأضاف:
"من المهم أن تتبنى المؤسسات نماذج التعلم مدى الحياة التي تتيح للمتعلمين تحديث مهاراتهم باستمرار. كما أن معالجة الفجوات في الوصول إلى الموارد المدعومة بالذكاء الاصطناعي وضمان فرص تطوير مهني شاملة هي أمور حيوية لبناء قوة عاملة جاهزة لمتطلبات العصر الرقمي".

 

الذكاء الاصطناعي والتعلم التحويلي: أساس للتعليم الحديث
أخيراً، تناول المهتار مفهوم التعلم التحويلي الذي يهدف إلى إحداث تغيير جذري في طريقة تفكير الأفراد وفهمهم للعالم. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يدعم هذا النهج من خلال:
توفير بيئات تعلم تفاعلية.
تقديم ملاحظات فورية.
دعم الأنشطة التي تتطلب تحليلاً معمقاً.

 

يتضح أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يمثل فرصة غير مسبوقة لإحداث تحول جذري في العملية التعليمية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التصميم المدروس لمعالجة التحديات الأخلاقية واللوجستية.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/21/2025 6:00:00 AM
الحرب انتهت، لكنها جولة ضمن الصراع الأكبر، وعدم إيجاد حلول للصراع سيعني عودة الحرب!
المشرق-العربي 10/20/2025 10:41:00 PM
 سرية تُعرف باسم "إمبراطورية مصاصي الدماء" قتلت الطفلة هند رجب 
المشرق-العربي 10/21/2025 12:47:00 PM
في خطوة من شأنها إعادة تشكيل القطاع المصرفي المتضرر في البلاد.
تحقيقات 10/21/2025 2:10:00 PM
ما هي أبرز التحديات التي تواجه عمليات البحث عن الجثث والمفقودين في غزة؟