ريان شرقي.. العقل المدبر والجوهرة الصاعدة في مانشستر سيتي
لم يكن فوز مانشستر سيتي على نوتنغهام فورست 2-1 مجرد ثلاث نقاط عادية في الدوري الإنكليزي الممتاز، بل شهادة حية على تحول النجم الجزائري الأصل ريان شرقي من موهبة واعدة إلى لاعب محوري في منظومة بيب غوارديولا. قدم الدولي الفرنسي (22 عاما) أداءً استثنائياً منح فريقه الانتصار الثامن على التوالي في مختلف المسابقات هذا الموسم، محققاً أعلى تقييم في المباراة بعد أن سجل هدفاً وصنع آخر.
منذ انضمامه إلى "سيتيزنز" في الصيف الماضي قادماً من أولمبيك ليون، كان الجميع يراقبون بعين الفضول قدرة شرقي على التكيف مع فلسفة غوارديولا الصارمة، خصوصاً بعد سجل حافل بالصراعات مع مدربيه السابقين في فرنسا. لكن ما أظهره دليل على أن هذا اللاعب ليس مجرد موهبة، بل لاعب ناضج تكتيكياً قادر على صناعة الفارق في اللحظات الحاسمة. تمريرته الدقيقة لتيغاني ريندرز، التي أسفرت عن الهدف الأول، جاءت في وقت كان فيه الدفاع المضيف متكتلًا، لكن ذكاء شرقي وإبداعه الفكري في التحرك بين الخطوط فكّ "الشيفرة" تماماً.
الأرقام تدعم تأثيره بشكل مذهل. مع نهاية مباراة نوتنغهام، وصل ريان شرقي إلى 50 مساهمة تهديفية خلال مسيرته في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا (16 هدفاً و34 تمريرة حاسمة). وعلى المستوى الموسمي الحالي، يتصدر قائمة صانعي الأهداف في الدوري الإنكليزي الممتاز برصيد 7 تمريرات حاسمة، متفوقاً على جميع اللاعبين باستثناء إرلينغ هالاند (11 هدفاً و8 تمريرات حاسمة) وبرونو فرنانديز (9 أهداف و3 تمريرات حاسمة). وأكثر من ذلك، فإن جميع تمريراته الحاسمة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي جاءت في ظرف شهرين فقط، ما يوضح فعاليته المتزايدة وتأقلمه السريع مع خطط غوارديولا.
ريان شرقي ليس مجرد صانع ألعاب، بل هو لاعب متعدد الدور في منظومة السيتي. قدرته على اللعب على الأجنحة أو في العمق، تحركاته الذكية بين خطوط الخصم، وسرعته في استغلال الفراغات جعلته جزءاً لا غنى عنه في الهجوم. غاييل كليشي، الظهير السابق لمانشستر سيتي، وصفه قائلاً: "في المساحات الضيقة والمناطق الحاسمة، يستطيع شرقي خلق الخطر مثلما يفعل كيفن دي بروينه، إذا طوّر لعبه من دون الكرة، فسيكون لاعباً مذهلاً".

خصائص شرقي الفنية تتكامل مع شخصيته المتمردة قليلاً داخل الملعب، وهو ما يراه غوارديولا ميزة وليس عيباً. المدرب الإسباني قال عنه: "إنه لاعب حر قليلاً، ولكنه يضيف شيئاً فريداً في الهجوم، يعرف متى يبتكر ومتى يتعاون، وهذا بالضبط ما نحتاجه في الفريق". هذه الحرية الخاضعة للانضباط الجزئي تعطي شرقي القدرة على اتخاذ قرارات لحظية تغيّر مجرى المباريات.
يمثل شرقي الجسر بين خط الوسط والهجوم، اللاعب القادر على فتح المساحات، صناعة الفرص، وتحويل الضغط العالي للخصم إلى هجمات منظمة. في مباراة نوتنغهام، أظهر مرونة مذهلة في التحرك، سواء بالكرة أو من دونها، ما جعله عنصراً مفتاحياً في تفكيك دفاعات الفريق المضيف.
ريان شرقي لا يمثل مجرد صفقة ناجحة فحسب، بل هو نموذج للموهبة التي تحتاج إلى بيئة مناسبة لتزدهر. مزيج من الإبداع، الجرأة، والقدرة على اتخاذ القرارات في اللحظات الحاسمة، إلى جانب فهمه العميق لفلسفة غوارديولا، يجعل منه جداراً أساسياً في تشكيلة السيتي الحالية ومستقبلها المشرق.
نبض