مينونغو بعين واحدة ونظرة لا تُهزم
في الحياة، الأحلام لا تموت بمجرد أن تُغلق الأبواب، بل تتلاشى فقط عندما يقتنع صاحبها بأن المفتاح فُقد إلى الأبد. قصة جورجي مينونغو تتجاوز كونها مجرد حكاية لاعب فقد إحدى عينيه، إنها حكاية إنسان قرر ألا يسمح لمصاعب الحياة أن تسلبه مستقبله، وهنا تتجسد القوة الحقيقية ليس في ما نملكه.
في صيف عام 2023، انضم مينونغو إلى معسكر تدريبي في مدينة ماربيا الإسبانية، حيث طارد حلمه بالتوقيع مع الفريق الأول.
فجأة، تحول الحلم إلى كابوس عندما بدأ يعاني من تهيّج بسيط في عينه اليسرى، ليشتد الألم ويتطور إلى التهاب حاد وغامض أضرّ بالعصب البصري بشكل دائم وأدى إلى فقدان كامل للرؤية، وأضحت عينه بيضاء تماماً، وحارت الفرق الطبية في تشخيص حالته إذ وصفتها بأنها نادرة ولم تصادف مثلها منذ عقود طويلة. ورغم الجراحات الكثيفة التي أُجريت له، أعلن الأطباء صراحة أن الأمل في استعادة عينه قد تلاشى نهائياً.
بينما كان الجميع يتوقعون انهيار مينونغو واستسلامه للأمر الواقع، جاء ردّه صاعقاً وغير متوقع، إذ تجاهل تشخيص الأطباء وقال بثقة لا تهتز: "فقدت عيناً واحدة، لكن بإمكاني اللعب أفضل من كثيرين يمتلكون عينين"، وطلب مهلة أسبوع ليبرهن عما قاله، ومن هنا بدأ رحلته الفريدة القائمة على التحدي والتصميم.

مدعوماً بإرادة لا تلين، ظل مينونغو يواصل التدريب بلا كلل إلى أن نجح في تحقيق حلمه أخيراً، ففي صيف عام 2024، وقع عقداً مع نادي سياتل الأميركي وبدأ مسيرته الاحترافية كأول لاعب يلعب بعين واحدة فقط، وفي عام 2025، خاض 34 مباراة تألق فيها مسجلاً ثلاثة أهداف ومرر عشر تمريرات حاسمة، محققاً بذلك 13 مساهمة تهديفية كانت شاهدة على نجاحه.
الأمر الذي أثار مزيداً من الدهشة هو إنجازاته مع منتخب بلاده بوركينا فاسو في تصفيات كأس أمم إفريقيا وكأس العالم.
وخلال كأس افريقيا في المغرب، وفي مباراة حاسمة أمام منتخب غينيا الاستوائية، وبينما كان شبح الهزيمة يخيم على منتخب بلاده بعد التأخر بهدف، ظهر مينونغو في اللحظات الأخيرة وسجل هدف التعادل، قبل أن ينتهي التقدم بطريقة درامية بهدف عكسي سجّله مدافع غينيا، لتنتهي المباراة بفوز بوركينا فاسو 2-1.
قصة مينونغو تعيد تعريف الحدود وتذكرنا بأنه طالما امتلك الإنسان القوة الداخلية والرغبة في المضي قدماً، فإن العالم كله لا يمكنه أن يعوق خطواته أو يحجب نظره مهما كانت الظروف.
نبض