مشهد مليوني وملاعب موندياليّة... كأس العرب بنكهة عالميّة في قطر
الدوحة
حين تتحول كرة القدم إلى تجربة متكاملة، يبرز دور البنية التحتية كعامل حاسم في صناعة المشهد الكبير، وهذا ما تقدّمه قطر قبل أيام من نهاية عام 2025.
من كأس العالم تحت 17 سنة إلى كأس العرب 2025، مروراً بكأس القارات للأندية وغيرها من الأحداث الكروية، كان الشغف الجماهيري حاضراً، وكانت الملاعب نابضة بالحياة، والمدن تعيش على إيقاع البطولة، في صورة تعكس القدرة على احتضان الحدث وصناعة أجواء لا تُنسى.
ولم تعد البنية التحتية لكرة القدم في قطر مجرد منشآت حديثة، بل منظومة متكاملة أثبتت قدرتها على تحدي المستحيل، حين نجحت الدولة في إدارة واستضافة أكثر من بطولة كبرى تحت رعاية "فيفا" في توقيت واحد، بسلاسة تنظيمية ودقة لوجستية، تُحسب للجنة المحلية المنظمة.

كأس العرب... كأنها كأس العالم
ملاعب عالمية، شبكات نقل ذكية، وتقنيات تشغيل متقدمة عملت بتناغم كامل، لتمنح الجماهير تجربة كروية استثنائية، لا تقتصر على داخل المستطيل الأخضر، بل تمتد إلى كل تفصيل في الرحلة من المدرج إلى المدينة.
ولم تعد كأس العرب مجرد بطولة إقليمية، بل تحولت إلى مشهد كروي شامل يُشبه كأس العالم في تفاصيله وروحه التنافسية.
منتخبات تدخل المباريات بعقلية "عالمية"، ونجوم حاضرون، وجوائز مالية قياسية تخطت الـ36 مليون دولار، وكأس مصنوعة من الذهب، ما يجعل كل مواجهة تُلعب وكأنها نهائي مبكر تحت أنظار جماهير متعطشة لكرة القدم.
حضور مليوني
في المدرجات وخارجها، عاشت الجماهير تجربة استثنائية تجاوزت حدود الـ90 دقيقة: ساحات المشجعين، الفعاليات الثقافية، والعروض المصاحبة حوّلت المدن إلى مسرح مفتوح للاحتفال، حيث امتزجت الهويات العربية بالأهازيج والأعلام، وارتفعت درجات التفاعل لتصنع أجواء تضاهي أكبر البطولات العالمية.
أما على مستوى التنظيم، فقد عززت رعاية "فيفا" للبطولة مكانتها، ومنحتها طابعاً عالمياً واضحاً من حيث المعايير والبث والتشغيل.
ومع الحضور الجماهيري الكبير الذي تدفّق إلى الملاعب، والذي تخطى حاجز المليون بكثير حتى قبل نهاية المنافسات، ترسخت صورة كأس العرب كنسخة مصغّرة من كأس العالم، لا تقل إثارة ولا شغفاً، بل تؤكد أن البطولة باتت حدثاً ينتظره الشارع الكروي العربي بشغف متزايد.

استادات بـ5 نجوم
هذا التنظيم في قطر جاء ليقدّم نموذجاً يُحتذى في إدارة البطولات الكبرى، حيث سارت جميع التفاصيل بانسيابية لافتة، من الدخول إلى الملاعب وحتى الخروج منها، ضمن منظومة دقيقة عكست خبرة متراكمة وقدرة عالية على استيعاب الأعداد الكبيرة من الجماهير دون أي ارتباك.
وساهمت سهولة التنقل بين الاستادات في تعزيز التجربة الجماهيرية، بفضل شبكة مواصلات متطورة تربط الملاعب بالمدن والمناطق الحيوية خلال وقت قياسي.
هذا القرب الجغرافي منح المشجعين فرصة نادرة لحضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد، في مشهد يعكس خصوصية الاستضافة القطرية مقارنة بالبطولات العالمية الأخرى.
وبالنسبة إلى الاستادات، وتحديداً لوسيل، الذي يستضيف اليوم الخميس نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب، فقد منحته المنظمة الخليجية للبحث والتطوير "غورد"، شهادتي المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة "جي ساس"، من فئة الخمس نجوم في التصميم والبناء.
وتعد سعة الملعب (80 ألف متفرج) من ميزات الاستدامة، بما في ذلك سقف متطور وأنظمة ترشيد استهلاك المياه.
لطالما كان الالتزام بمعايير الاستدامة على رأس أولويات اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، والتي حرصت منذ البداية على بناء منشآت رياضية تخدم أفراد المجتمع.
نبض