كان أحمد قنطاري، المغربي الطموح، يجد نفسه دائماً خلف عدسات الكاميرات، يتابع المباريات ببصيرة الناقد الشغوف، يحلل تفاصيلها بدقة وإخلاص.

الاستوديوهات التلفزيونية شكلت منصة لتفجير مشاعره الجياشة حيال كرة القدم، بحيث امتزج صوته بالتحليل العميق ليكشف عن رؤيته الفريدة للعبة، لكن في قلبه كان ذلك الشعور الغامض بالنمو الداخلي يتعاظم، شعور بأن الأوان قد حان لتحقيق حلم طالما راوده وأصبح وشيك التحقق.

المدرب المغربي أحمد قنطاري. (وكالات)

ذلك التحول الذي كان ينتظره لم يكن بعيداً بل أقرب مما توقع، فقد كانت تفصله عنه خطوة واحدة، خطوة تعبر به من محلل بارع يقرأ الأحداث إلى مدرب متمرس يساهم في صنعها وتوجيهها، فكل لحظة قضاها في التفكير المستمر والتعلم المتعمق للعبة كانت تبني أسس انتقاله الفريد، من مجرد مراقب إلى قائد ميداني يحمل مسؤولية قيادة فريق نحو النجاح.

أمضى القنطاري سنوات طوال كلاعب يمارس مهارته بكفاءة في الملاعب الفرنسية مع أندية بارزة مثل باريس سان جيرمان، إلى جانب فترة إعارة قصيرة دامت نصف عام في تورونتو بالدوري الأميركي.

وبعد أن أنهى مسيرته كلاعب عام 2019، انطلق في رحلة جديدة نحو عالم التدريب، مستثمراً وقته في الحصول على أعلى الرخص التدريبية، ومن بينها رخصة "يويفا برو" التي تمثل أعلى مستويات التأهيل الأوروبي.

بدأت تجربته بالتدريب من خلال العمل كمساعد مدرب لفالنسيان، وأتى دعم خبرته عبر مشاركته جنباً إلى جنب مع أسماء كبيرة مثل صبري لموشي في فرق مثل نوتنغهام فوريست والدحيل القطري.

خلال الموسم الأخير، شغل منصب مساعد مدرب لنادي نانت بالدوري الفرنسي الممتاز، حيث ساهم بشكل مباشر في بقاء الفريق ضمن صفوف الدوري الممتاز، وكان له تأثير واضح على الأداء الجماعي للاعبين وأدائهم الفردي وبات جزءاً لا غنى عنه في المشوار الكروي للنادي.



مع بداية الموسم الحالي، عاد قنطاري للعمل كمحلل رياضي لدى قناة مختصة بالدوري الفرنسي "ليغ 1"، ليواصل تقديم رؤيته التحليلية للعبة، لكن الفصل الجديد في قصته جاء سريعاً عندما تسلم مهمة قيادة نادي نانت كمدير فني لمدة ستة أشهر بهدف مساعدة الفريق في تفادي خطر الهبوط.

بهذا الإنجاز التاريخي، أصبح أحمد قنطاري أول مدرب عربي يتولى قيادة أحد الفرق المنافسة في الدوريات الخمسة الكبرى لكرة القدم الأوروبية، وضاعفت هذه اللحظة من أهمية مسيرته الرياضية، مضيفة صفحات مشرقة إلى إرث الكرة العربية والمغربية.