مانشستر سيتي يهدّد والصدارة تهتز في الدوري الإنكليزي
في موسم تتشابك فيه الضغوط وتتقاطع فيه الطموحات، يبدو المشهد في قمّة الدوري الإنكليزي الممتاز وكأنه لوحة متحرّكة لا تعرف الثبات.
أرسنال، المتصدّر الحالي، يمرّ بمرحلة لا يمكن وصفها بالسقوط الكامل، وإنما بما يُعرف في كرة القدم بـ"أزمة البطل"؛ تلك اللحظة التي يواجه فيها الفريق اختباراً حقيقياً لقدرته على تحمّل ثقل الصدارة، وضغط الجماهير، ومتطلّبات الاستمرار في القمّة بلا انكسار.
أرسنال الذي بدأ الموسم بثقة عالية، وجد نفسه فجأة تحت وطأة الإرهاق الناتج عن تتابع المباريات، وتقلّب المستوى، وتراجع بعض العناصر الأساسية بدنياً وفنياً. هذه التحديات لا تُسقط فريقاً من سباق اللقب، لكنها تُدخله في منطقة رمادية قد تنحرف به يميناً نحو استعادة الهيبة، أو يساراً نحو فقدان التوازن.
لكنّ الأزمة لا تخصّ أرسنال وحده؛ فهناك من يتربّص. مانشستر سيتي بقيادة بيب غوارديولا، بخبرته الطويلة في مطاردة القمّة، يستغل أي هفوة، وأي لحظة تردد، ليقترب خطوة جديدة في سباق يعرف تماماً كيف يُدار. سيتي ليس بحاجة إلى أن يقدّم أفضل مواسمه كي يصبح خطراً، بل يكفيه أنه يعرف متى يُسرّع، ومتى ينتظر، ومتى يضغط بكل ثقله ليهز استقرار المنافس.
ومع تقلّص الفارق إلى نقطتين فقط، بدأ أرسنال يستشعر حرارة أنفاس سيتي خلفه. هذا الضغط المتزايد يكشف دائماً من يملك شخصية البطل، ومن يتأثر بإيقاع المطاردة. فالصدارة ليست وضعاً مريحاً كما يظنّ البعض؛ بل عبء نفسي يتطلّب هدوءاً، وثباتاً، وقدرة على امتصاص الضربات. أرسنال اليوم لا ينهار، لكنه يتأرجح، ومانشستر سيتي لا يكتسح، لكنه يقترب بثبات مُخيف.

المرحلة المقبلة لن تكون مجرّد مباريات في جدول مزدحم، بل مواجهات تُحدد مصير المنافسة. ميكيل أرتيتا مطالب بأن يستعيد صلابة فريقه، ومرونته التكتيكية التي جعلته الفريق الأقوى في هذا الموسم، وأن يُعيد ترتيب أوراقه الذهنية قبل الفنية، ليُثبت أنّ ما يمر به ليس تراجعاً دائماً، بل عثرة طبيعية في طريق طويل. أما سيتي، فسيواصل ضغطه المعتاد بكامل قوته، متربصاً وواضعاً المتصدر تحت مجهر لا يرحم، وينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على القمة.
نبض