كيروش... كابوس يلاحق منتخب المغرب
لا ضمان لأيّ منتخب قويّ في أن يظل بعيداً عن الكوابيس. وكان كارلوس كيروش أكثر من مجرد مدرب عادي، فقد تحول إلى عقبة لا ترحم تواجه المنتخب المغربي، محوّلاً كل مباراة إلى درس صادم في التكتيكات، ومثبتاً أن قوة الفريق المنافس لا تعني بالضرورة تجنّبه للتحديات.
كل مواجهة جمعت كيروش بالمنتخب المغربي كانت اختباراً شاقاً في فن تغيير الخطط، إذ يتمتع المدرب البرتغالي بقدرة فريدة على قلب مجرى اللعب وإرباك حسابات الخصوم، ليظهر تأثيره حتى أمام فرق اعتقدت أنها بمنأى عن تكتيكاته المحيّرة.
مع كل مباراة يخوضها المغرب أمام كيروش، تترسخ حقيقة واحدة هي أنّه شخصية استثنائية في عالم الخطط المفاجئة، ولا وجود لفريق محصّن تماماً من تأثيراته.
فقد عجز المنتخب المغربي الرديف عن استخدام قوته لمواجهة فكر كيروش الحادّ، الذي يقود المنتخب العماني، إذ نجح هذا المدرب في زعزعة ثقة "أسود الأطلس" وإحباط آمالهم مقابل خبرته التكتيكية المتفوّقة.

البداية تعود إلى سنوات بعيدة عندما كان كيروش يقود منتخب جنوب أفريقيا مطلع الألفية الثانية. ففي بطولة كأس الأمم الأفريقية، عام 2002، واجه المغرب في مرحلة المجموعات، وانتصر عليه بثلاثة أهداف مقابل هدف. في ما بعد، كان اللقاء الأبرز بينهما خلال مونديال 2018 حين قاد كيروش منتخب إيران، وهناك، استطاع التغلب على المغرب في دور المجموعات بهدف قاتل، مشكّلاً صدمة للجميع، ومبشّراً بسلسلة طويلة من المواجهات الصعبة.
لم تتوقف عقدة كيروش عند ذلك الحدّ، بل تجدّدت كوابيسه في كأس أمم أفريقيا 2022 عندما واجه المغرب، وهو يتولى تدريب المنتخب المصري. ورغم تقدّم المغرب بهدف، استطاع قلب الطاولة وانتزاع التأهّل بفوز مثير 2-1 في الوقت الإضافي في ربع النهائي، تاركاً جروحاً إضافية في ملف مواجهاته مع الأسود.
وفي كأس العرب حالياً، ومع إشرافه على منتخب عمان، التقى الطرفان مجدداً. ومع طرد اللاعب عبد الرزاق حمدالله واستكمال المغرب المباراة بعشرة لاعبين، لم يتمكن المنتخب المغربي القوي من تحقيق الفوز، بل انتهت المباراة بالتعادل السلبي لتؤكد مجدداً دهاء كيروش التكتيكي.
كارلوس كيروش لم يكن مجرد مدرب يواجه الفرق القوية، بل كان تحدياً مستمراً يلاحق خصومه في داخل الملعب وخارجه؛ فالحكاية التي جمعت المغرب به تختزل درساً جوهرياً، وهي لا يمكن الاعتماد فقط على الاسم أو السمعة للتقدم في كرة القدم، فكل مباراة أمام هذا المدرب الفريد شكّلت اختباراً حقيقياً للقدرة على التكيّف مع الظروف والمفاجآت، وهي نتاج ذكاء وتخطيط دقيق وقراءة متعمقة لأدق تفاصيل اللعبة.
نبض